تحليلات

اليمن في مرجيحة الثورة المصرية والمشهد السوري

يمنات – الهوية

المشهد في الجنوب اليمني بدا ينحو نحو لملمة الموقف الجنوبي المطالب بتحرير الجنوب من ما يصفه الحراكيون الجنوبيون بالاحتلال الشمالي للجنوب بعد أن كانت هناك خلافات كادت أن تظهر انشقاقاً بين الصف الجنوبي المطالب بفك الارتباط.

الجديد في المشهد الجنوبي هو اتفاق المطالب والدعوات الجنوبية التي ينادي بها قيادات الجنوب في المنفى وعلى رأسهم الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد وحيدر العطاس وصالح عبيد احمد الذين دعوا أبناء الجنوب الى تصعيد احتجاجاتهم السلمية ضد الحكومة اليمنية التي وصفوها بحكومة الاحتلال.

جاء ذلك في بيان صادر عن القيادات الجنوبية في المنفى الذي تعيش فيه منذ سنوات وهم قيادات نظمت مؤتمراً سياسياً جنوبياً في العام 2011م وبات يعرف بمؤتمر "القاهرة".

وقال البيان إن قوى الظلم والاستبداد البغيض بكل جبروتها لم تستطع ولن تستطيع كسر إرادة الشعب الجنوبي الذي ناضل ويناضل دفاعاً عن سيادته وهويته وحريته وكرامته, متحدياً كل صنوف الإيذاء والحرمان والعذاب في حياته اليومية بصورة منهجية متعمدة, لافتاً الى أن الذكرى الـ19 لاجتياح الجنوب, تهل على الجنوب بعد قرابة عقدين من احتلال نظام صنعاء في 7 يوليو المشؤوم 1994م إثر حربه الظالمة حسب البيان.

وأشار البيان الى أنه روغم كل ذلك الظلم والتضييق عليه فقد نظم شعب الجنوب سبع مليونيات جماهيرية في العاصمة عدن أذهلت المراقب المحلي والإقليمي والدولي بسلميتها وروعة تنظيمها وكثافة المشاركة الشعبية فيها من جميع المحافظات بكل أطيافها السياسية والاجتماعية راسمة في كل مرة لوحة شعبية أكثر إصراراً وتمسكاً بعدالة قضيته وثقته بالله بنصرها واستعدادها لتقديم المزيد من التضحيات على طريق النصر المبين بمشيئة الله.

وخاطب البيان شباب الجنوب بالقول: "… وأنتم تستعدون لتنظيم وانطلاق المليونية الثامنة التي تحتضنها المكلا عاصمة حضرموت العلم والخير والحضارة والتاريخ إنما تعبرون عن الإصرار المتجذر والعزيمة الفولاذية الإرادة الحية المتجددة التي لا يمكن كسرها أو احتواءه, لأنها تمثل نبض الحياة والتوق الى الحرية مهما عظمت التضحيات وغلا الثمن أو طال الزمن, فإرادة شعبنا الجنوبي الصابر هي المنتصرة بمشيئة الله, لأن إرادة الشعوب من إرادة الله, فارسموا بهذه المليونية المباركة لوحة ناصعة للتصالح والتسامح وقاعدة صلبة للتكامل الوطني أرضاً وإنساناً.

هذا الموقف الذي اعلنه بيان هذه القيادات اتفق وتزامن مع الدعوات الجنوبية من قيادات أخرى على رأسها الدعوة التي وجهها الزعيم حسن باعوم لرئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبي بإقامة الفعالية المليونية الثامنة بمحافظة حضرموت بمناسبة يوم 7/7 الذي يصفونه باليوم المشؤوم وكذلك الدعوات المطالبة بتصعيد الاحتجاجات الجنوبية لنيل الاستقلال كما يقولون.

فيما شهدت مدينة المكلا من هتافات الحناجر ورفرفة الأعلام الجنوبية والاحتشاد الجماهيري والذي يمثل أكبر وأضخم مهرجان جماهيري حاشد على مستوى المدينة يدعو القيادة السياسية الى إعطاء هذا الموضوع مزيدا من التعامل بمسئولية مع مطالب الجماهير ورغباتهم وبما يخدم تحقيق الأمن والاستقرار للبلاد.

احتشاد مئات الآلاف من أبناء الجنوب ومن مديريات محافظة حضرموت الساحل والوادي في مليونية رفض الاحتلال والتضامن مع أبناء محافظة حضرموت يجب أن لا يتعامل معه سياسياً وإدارياً ولا حتى عسكرياً من منظور القوة ومن مركز أعلى يوجب عليهم الخضوع بل أن يدرك النظام أنه حاليا أمام مشهد اكثر اندفاعاً نحو الفصل بين شمال وجنوب اليمن بسبب ما عاشته الجنوب من مظالم كثيرة سابقة وأن أي تعال عليها فانه يعني تفجر الموقف وعجزا كاملا عن لملمته أو تمكين المتحاورين من مواصلة السير في التقريب بين وجهات النظر لا سيما بعد أن شهدت قاعة مؤتمر الحوار الوطني بصنعاء تأخيرا لتقرير لجنتي القضية الجنوبية وقضية صعدة التي تمثلان أبرز القضايا التي قبلت الوضع في البلاد منذ اشتعالهما.

هذه التطورات في المشهد اليمني التي تتزامن مع الأحداث المصرية الأخيرة والتي اطاحت بالرئيس مرسي وتطورات المشهد في جمهورية سوريا الشقيقية تجعل المتابع يتوجس خيفة من القادم الذي قد تعيشه البلاد.

وحتى وان كانت هناك تطمينات بان المشهد اليمني يختلف كما هو رأي البعض فهناك من يرى أن المشهد الذي تعيشه مصر قد ينعكس على الواقع اليمني لا سيما كع دعوات الجهاد التي ينادي بها مشائخ وقادة تجمع الإصلاح أو ما يعرف بإخوان اليمن لمناصرة الرئيس المخلوع محمد مرسي بعد أن أطاحت به الثورة المصرية وتم إعلان المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا انتقاليا للبلاد.

قد تكون اليمن الأقل تضررا من مشهد ما يسمى بالربيع العربي لكنه سيظل مرتبطا بمصير دول الربيع كمصر وسوريا فبالنسبة لمصر فإن اليمن يتأثراً بأحداثها من خلال التقائه مع الثورة الجديدة في مصر بمطالبها بتجسيد أهداف الثورة وتحرير البلاد من الفساد وإيقاف التعاملات الاقصائية والانتقالية التي يمارسها بعض أطراف التسوية السياسية والتي افقد الثورة محتواها حسب قول الشباب الثائر والرافض لما تعيشه اليمن من مشهد مترد في كل شيء.

وهو ما يعني أن اليمن حالياً تتقدم باتجاه ثورة جديدة سواء كانت هذه الثورة قد تعيد الملايين الى الشوارع ليتكرر مشهد العام 2011م أو تشهد انفجاراً في أوضاع بعض المحافظات الأمر الذي قد يوقع البلاد في نفس المحطة التي تعيشها سوريا وتظهر معارضة ناقمة على سياسة الرئيس عبد ربه منصور هادي خاصة بعد أن أثبت أنه لن يكون عصا بيد أي من أطراف التسوية السياسية في البلاد فضلا عن أن المشهد هذا قد يستغل الأحداث التي تعيشها محافظات الجنوب المشتعل بثورة مطالبة بفك الارتباط وتحرير الجنوب من نظام صنعاء حسب قوله الأمر الذي قد يتطور الى تفجير الوضع أو وجود من يفجره من خارج النظام وفصائل الحراك.

زر الذهاب إلى الأعلى