حوارات

سارة عبد الله حسن: التسوية السياسية اعاقت تحقيق اهم اهداف الثورة وحصنت القتلة من المحاكمة

يمنات – البديل نت

هي بحق من ابرز الثائرات الاوائل اللائي وفدن الى ساحات الحرية والكرامة منذ ايامها الاولى، وسخرت لخدمتها كل طاقاتها وابداعاتها. لا تلعن الظلام لكنها تشعل شمعة لتنير دربها ورفاقها من الثوار الذين كانت السباقة في التواجد معهم في ميادين الثورة..

انها الصحفية والكاتبة الاديبة وقبل ذلك وبعده الثائرة سارة  عبدالله حسن التي الف وجهها الثوار وهي الحاضرة دوما في مختلف المسيرات والفعاليات الثورية مجسدة الدور الفاعل والمتميز للمرأة اليمنية في ملحمة الثورة.

والى جانب الفعل الكتابي المتميز الذي سطرته سارة بقلمها دفاعا عن الثورة ومكتسباتها، والوطن ووحدته، والقضية الجنوبية وعدالتها كانت سارة من ابرز الناشطات على صفحات التواصل الاجتماعي لإيصال الوجه المشرق للثورة في مختلف ساحاتها.

(البديل نت) التقت الثائرة سارة وناقشت معها انجازات الثورة وإخفاقاتها وما آلت اليه التسوية السياسية في اليمن وموقع الشباب من كل ما يجري فالى تفاصيل الحوار:

حاورها: عمر الضبياني

كأحد  ابرز شباب الثورة.. برأيك ما الذي حققته الثورة الشبابية وما الذي اخفقت فيه؟

ان ما حققته الثورة يمكن اعتباره جيد نسبيا مع ملاحظة ان ثورتنا لا زالت مستمرة.. وحين نعدد الانجازات فقد تمكنت الثورة من اسقاط مشروع التأبيد والثوريت بأقل الخسائر البشرية الممكنة ونجحت في تجنيب اليمن النموذج السوري في حين كان المخلوع يحاول جرنا اليه و كان يصر حتى اخر لحظة على عدم التخلي عن كرسيه و لو كلف ذلك الالاف من الضحايا ، كما ان من أهم أهداف ثورتنا التي تحققت هيكلة الجيش و تسمية قادة المناطق السبع بعيدا عن الولاءات الحزبية و المناطقية التي كان يعتمد عليها نظام المخلوع مما سيرسخ لقيام مؤسسة عسكرية تقوم على اسس علمية و وطنية أي انه في المحصلة النتائج المبشرة بالخير أكثر من تلك المنذرة بالعكس ، خاصة اذا ما تنبهت القيادة السياسية الحالية متمثلة بالرئيس عبدربه منصور و معه اللقاء المشترك (باعتباره من قوى الثورة) الى حجم المؤامرة التي تحاك ضد الثورة و تحاول ان توقف عجلة التغيير عن المضي قدما و مهما كانت الأخطاء التي ارتكبتها بعض قوى الثورة حتى الآن فهذا لا ينتقص من إخلاصها أو ينحرف بالثورة عن مسارها لكن البعض للأسف يستعجل قطوف ثمار الثورة بالرغم من أنها لم تنضج بعد ، كما أنهم يريدون محو آثار 33عام من الظلم و الفساد خلال عامين أو ثلاثة متناسين أن التدمير أسهل بكثير من البناء فكيف بتدمير استمر أكثر من ثلث قرن من الزمن.

كيف تنظرين الى المبادرة الخليجية وما انتهت اليه التسوية السياسية في اليمن؟

رغم تقديرنا لجهود اخواننا في الخليج و تقديرنا لمبادرتهم الخليجية الا اننا كثوار رفضناها منذ البداية و كان رفضنا لها قويا و خرجنا في أكثر من مسيرة و فعاليات احتجاجية ضدها و كنا و لازلنا نعتبرها من الأخطاء التي ارتكبتها احزاب اللقاء المشترك و التي اعتبرت نفسها وصية على الثوار و وافقت عليها بمنأى عن أخذ موافقتهم عليها ، صحيح اننا نقدر لهم انهم حاولوا بذلك ان يجنبوا البلاد تبعات وقوع حرب أهلية و جنبوا الثوار سقوط المزيد من الشهداء بين صفوفهم لكن المبادرة عرقلت تحقيق أهم أهداف الثورة … فهي أولا دعت لتشكيل حكومة الوفاق بنظام محاصصة لم يراعي قيام حكومة تكنوقراط تعتمد على الكفاءات بقدر ما اعتمدت على الولاءات الحزبية و لم تخلو من شخصيات فاسدة اعتمد عليها النظام السابق و كانت من ضمن أسباب ثورتنا ضده و ها هي اليوم تمارس الفساد ذاته و بصورة أسوأ متمتعة بحصانة تمثل ثاني أسباب رفضنا للمبادرة الخليجية وهو السبب الأعظم و الأهم فلم يحدث ان تقم ثورة على نظام مارس القتل و الفساد ثم تعطيه حصانة من العقاب على أفعاله و منها القتل و القمع و الانتهاكات التي مارسها ضد من قاموا بالثورة أليس في ذلك خيانة لدماء الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل التغيير و التخلص من هذا النظام لا مكافأته بحكومة مؤقتة يكرر فيها ممارساته الفاسدة و نكافئه بحصانة تشجعه على المزيد من الانتهاكات و الفساد و أنا أرى ان ما يحدث في البلاد الان من تخريب لخطوط النفط و الكهرباء و التقطعات و ازياد الانفلات الأمني بوتيرة عالية يعود لهذه الحصانة التي تشكل بالنسبة له تصريح مسبق بالقتل و التخريب فمن أمن العقاب ساء أدبه و زادت جرائمه.

بوابة الحل للازمات

برأيك الى اين يمكن ان يقودنا الحوار الوطني الشامل بعد انتهاء نصف مدته المحددة؟

مؤتمر الحوار الوطني هو بوابة الحل لأزمات كثيرة يعاني منها اليمن و هو أحد أهم وسائل انقاذ البلد من الوقوع في اتون حرب أهلية كان من الممكن ان تنفجر في اي لحظة .. و حوار كهذا يفترض ( ان نجح ) ان يعتبر تجربة و نقلة حضارية غير مسبوقة تاريخيا تفردت بها اليمن … لكن ؟

هل سينجح هذا الحوار فعلا و هل سيعالج الاشكاليات المتعددة و المعقدة التي تعاني منها اليمن .. هنا يأتي السؤال .. فان يكون الحوار مخرج لجميع الأزمات اليمنية فهذا يعتمد على نجاحه من عدمه .

و نحن لا نستطيع ان نتفاءل في هذا الاطار كما لا نستطيع ان نتشاءم .. فهناك مثلا تمت بعض التجاوزات و الأخطاء التي لا يمكن الاستهانة بانعكاساتها السلبية على الحوار و قد بدأت قبل بدء الحوار نفسه و ذلك في عمل اللجنة الفنية للحوار و غيرها من الجهات التي عملت في التحضير للحوار ، من ضمن هذه التجاوزات التلاعب في قوائم الشباب المستقلين و اختيارها للممثلين عن محافظات لمجرد مولدهم فيها او انتمائهم لها في حين انهم بعيدين كل البعد عنها و عن معاناتها و احتياجاتها ، من ناحية أخرى فان الطرف الاخر او ما يسمى بممثلين حزب المؤتمر الشعبي و حلفائه سيدخل الحوار بمشاركين ارتكبوا من قبل جرائم و انتهاكات ضد شباب الثورة و غيرهم حتى ان احدى المشاركات من هذا الطرف ظهرت على العلن و في وسائل الاعلام و هي تحرض الرئيس المخلوع على قتل مليون او اثنين او ثلاثة من المحتجين ضده … فأي حوار هذا الذي يتم اليوم مع هؤلاء خاصة ان جزء كبير من مشاركي هذا الطرف يدركون ان نجاح الحوار يعني نجاح الثورة و بالتالي فان هذا ما لا يأملونه غالباَ و فعلا ظهرت خلال جلسات الحوار التي تمت حتى الان كثير من التصرفات التي تؤكد على رغبة هؤلاء في اعاقة عملية التغيير في البلاد بل في اعاقة نجاح الحوار نفسه !

مما يدفعنا لترك التشاؤم هو ان الحوار يناقش قضايا هامة كالدستور و العدالة الانتقالية و القضية الجنوبية و اوضاع صعدة و غيرها من القضايا التي ظلت عالقة فترة طويلة من الزمن و هي تمثل عوائق خطيرة في طريق انتقال اليمن الى مرحلة الاستقرار و التنمية المتقدمة و العيش الآمن الحر … كما نأمل ان المجموعة التي تشارك في الحوار و التي تمثل النخب الوطنية و شباب الثورة (و ان كانت ليست بالعدد المطلوب ) نأمل ان يكون لها بصمة واضحة و تأثير قوي في مجريات الحوار و دفعه الى النجاح رغم السلبيات التي ظهرت كما نأمل ان لا ينتهي هذا الحوار بمجرد أفكار و خطط أو حتى ضمانات تنفيذ لمخرجاته تظل حبيسة الأوراق و لا نرى لها أثراً في الواقع فتضيع هذه الفرصة التاريخية هباء و نبحث عندها مجدداً عن مخارج أخرى لحل أزمات اليمن.

وماذا عن الفعل الثوري.. هل يمكن القول انه انتهى بإخلاء الساحات من مختلف الفصائل القوى السياسية باستثناء الحوثيين وهل كان قرار اخلاء الساحات قرار صائب من وجهة نظرك؟

الثورة ليست خيمة ، لم تحبس ثورة تونس نفسها في خيمة ، لم تمر ثورة غاندي في طريقها الطويل على خيمة و لم تنتهي الثورة الفرنسية و تنهض بعد مقاصل ثوارها من على منصة ..

الحرية لن تأتي من البقاء تحت أسر الخيمة .. الثورة فعل أكبر لن نحاصره في خيمة أكلها الصدأ فمرضت الساحات بأطلالها المهترئة و فقد البقاء فيها معنى الثورية… الثورة لازالت مستمرة و لن تستمر الا اذا تعدت ما رسم لها من حدود و قامت على الفساد في كل مكان ….كانت الساحة ضرورة حتمية لان نظام المخلوع حاصرنا فيها اليوم و قد رحل عن السلطة بشكل رسمي بفعل كسر الحصار و خروجنا له من الخيام… من ذا يستطيع بعده ان يحاصرنا؟؟ من ذا الذي يريد ان يستمر حبسنا في خيمة ليقتلنا اليأس فيها و تحطمنا الخيبة… الثورة ليست خيمة انها ثورة مستمرة ..منطلقة بكل الأفاق و اننا في كل طريق و مدينة و بلدة ثائرون لن تموت الثورة في قلوبنا ,,لن تغادر فكرنا و سنمضي بها أكثر مما يتوهمون .

الشباب.. الحلقة الاقوى

وماذا عن حضور الشباب في المرحلة الراهنة وهل هو حضور وتمثيل يرتقى الى التضحيات التي قدمها الشباب لصنع التغيير؟

لازال الشباب و سيظلون هم الحلقة الأقوى في أي مجتمع و هم كانوا و سيظلون كذلك في مجتمعنا بدليل ان ثورتنا رغم انضمام الكثير من الفئات العمرية لها تعتبر في الاساس ثورة الشباب وهي تسمى بذلك أيضاً لأن الشباب هم من أشعل اولى شرارات الثورة و هم من قادها في مراحل كثيرة و سيظلون كذلك رغم تعامل الآخرين معهم على انهم الحلقة الأضعف الان و هم يحاولون ان يرسخوا هذه الفكرة عمليا بإقصاء الشباب عن المشاركة في قيادة هذه المرحلة الانتقالية في البلاد و كان أسوأ أنواع الاقصاء لهم قد اتضح جلياً في نسبة مشاركتهم في مؤتمر الحوار متناسين أنهم من فجر هذه الثورة التي قادت الى هذا الحوار الذي من المفترض ان يكون مع الشباب كطرف رئيسي و أساسي في الساحة … فالثورة ثورتهم و هم من خرجوا نيابة عن الشعب ..ثم قادوا الشعب الذي خرجت فئات كثيرة منه بعدهم للساحات…!!

حاصصوهم في حقهم و بعد ان تبرعوا لهم بمقاعد قليلة في الحوار تلاعبوا بها لدرجة انهم سمحوا بدخول شخصيات كانت مؤيدة للمخلوع على انها من شباب الثورة المستقل و هي لم تشارك في فعالية ثورية واحدة !!

فاذا كان الحوار لن يستمع و يناقش الذين قاموا بالثورة و يحقق تطلعات الشعب عبرهم و هم الذين ثاروا ليرفعوا عن شعبهم معاناته … اذا كان حوارهم لن ينظر الى الشباب الذين اسقطوا النظام السابق بتضحياتهم و لولاهم لما وصلوا الى هذا المكان … فكيف سيتعاملون مع الشباب في المستقبل ؟

باعتبارك كاتبة وصحفية.. هل الاعلام اليمني بمختلف توجهاته يخدم المرحلة ام يزيد في تعقيداتها؟

صحيح أن الحياد هو أكذوبة الإعلام الكبرى و هو ما عجزت عنه – رغم حرصها عليه – حتى وسائل إعلامية عالمية كبيرة مثل ( بي بي سي ) كما يحدث في تغطيتها للصراع الفلسطيني الاسرائيلي و ( سي ان ان ) كما حدث في تغطيتها للحرب الأمريكية ضد العراق و غير ذلك …. لكن المصداقية و الموضوعية تعدل – نوعاً ما – ما ينحرف فيه من شوكة الميزان.

يؤلمني الاستهتار المتزايد عند كثير من وسائل إعلامنا المحلية في التحري عن المصداقية و بخوضهم معارك إعلامية و صراعات سياسية تفقد المواطن ثقته بوسائل من المفترض ان تعبر عنه !

الحاصل الان ان كثير من وسائل الاعلام في بلادنا و خاصة غير الرسمية تعمل على تأجيج الصراعات السياسية و لا تواكب المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمر بها البلاد بما يعزز من الوفاق و التعاون بين جميع الأطراف بل انها أحياناً تكون هي السبب الرئيسي لتأزيم بعض الأحداث

وكم أتمنى ان يعيد الجميع تقييمهم لأدائهم الإعلامي وإعادة النظر للكلمة على أنها أمانة و ليست مجرد أداة لصراع ما أو سلاح في حرب !

واين دور المثقف والأديب في نقد الواقع السياسي الراهن؟

أعتقد ان المثقفين و الأدباء خاصة اصحاب الضمائر الحرة و النزيهة يقومون بدور جيد في هذه المرحلة ففي حين ظهرت أقلام بدت كأنها تعتبر هذه الفترة الانتقالية هي فترة انتقامية تحاول من خلالها تمرير مشاريع معرقلة للتغيير تحت مسميات و أقنعة مختلفة لكن الأقلام الصادقة للمثقفين أصحاب الضمائر الحرة تقف لهم و لمشاريعهم بالمرصاد و الدور التوعوي لهم جيد مهما بدا للبعض انه غير مؤثر لكن الزمن كفيل بان يكشف العكس

هل من كلمة أخيرة لك في هذا اللقاء ؟

في الاخير أحب ان أوجه كلمتي للثوار الذين أصابهم الاحباط من المتغيرات التي تحدث حولهم و كثير منها لم يتمنوا حدوثها .. و أذكرهم ان الثورة هي عملية تغيير جذري و ليس شكلي و التغيير الجذري لا يمكن احداثه الا بعد معاناة طويلة و عمل دؤوب و مستمر ..

ان اعتبار الثورة مجرد خيمة او شعارات نرددها أو لعنات نطلقها في الفيس بوك او تويتر يعتبر أكبر خطأ ثوري .. ثورتنا نجحت في اسقاط الرئيس السابق من على كرسي كان من المحال ان يتخيل أحد قبل الثورة انه من الممكن ان يتنازل عنه و لو سقط في سبيل ذلك الاف الضحايا فكيف و قد حدث ذلك باقل الخسائر البشرية الممكنة في الوقت الذي كان يعمل فيه على تصفير العداد ليحكمنا للأبد و يورث أبنه من بعده .. ان سقوط مشروعي التمديد أو التأبيد بمعنى أدق و التوريث يجب ان يكون أكبر حافز لنا لمواصلة ثورتنا و استمرار فعلنا الثوري بوسائل شتى حتى تحقيق باقي أهداف الثورة و اقامة دولة مدنية عادلة و القضاء على الفساد و المحسوبية في كل مكان و أعادة احياء ثورة المؤسسات التي أثبتت نجاحها و فعاليتها .. كما علينا ان نواصل العمل الثوري لاطلاق سراح المعتقلين من شباب الثورة و المخفيين قسرياً و لابد ان تكون الخطوة القادمة بعد هيكلة الجيش هي استعادة الأموال المنهوبة و أتمنى ان لا تعيقنا لتحقيق ذلك خلافاتنا الشخصية أو الحزبية و نرجع كما كنا في بداية الثورة على قلب ثائر واحد.

زر الذهاب إلى الأعلى