قضية اسمها اليمن

متلازمة الفقر والعنف في اليمن

يمنات – إذاعة هولندا – عبير الصغير

من مؤشرات الفقر والجوع في أي مكان في العالم ، ارتفاع نسبه الجريمة والعنف ، اللذان سرعان ما يوثران على النسيج الاجتماعي لأي مجتمع ، فيصبح الأمر معقدا وتتشابك المشكلة مع الحل ويتيه الشخص عن ايجاد مخرج يحميه من العنف وأثاره.

بلغت اليمن المؤشرات الاعلى من مستوى الطواري العالمي في الفقر فمتوسط دخل المواطن العادي لا يتعدى الدولار الواحد في اليوم ، وبلغت نسبه مرتكبي العنف 94% ممن مستواهم التعليمي لا يتعدى المرحلة الابتدائية و48% من نفس المستوى التعليمي ضحايا للعنف .

إعدام
ولعل مالا يختلف عليه اثنان ان الاطفال هم الاولى من فئه الضحايا حيث بلغت نسبه العنف الاسري 67% ، والعنف المدرسي 80% ، تأتي بعد ذلك فئه النساء وهي فئه ضعيفة في المجتمع بسبب الجهل والعادات والتقاليد التي تجعلها في مرمى الرجل كلما اراد التبجح برجولته ، فقصص قتل الفتيات في اليمن عادة قديمة عند القبائل وامر سهل لا يمكن لاحد محاسبتهم على ذلك فهذه اعراف قبليه تعبر عن شرف القبيلة وعرضها ، اذكر قصه الشابة سارة التي خطبت لابن عمها قبل سنوات ولكن والدها ظل يؤجل زواجها ، حتي قررت وخطيبها ان تقول للاضطهاد كفى !
وهربت معه الى قريه قريبه ليتزوجا ،فراحت روحها وروح خطيبها قبل ذلك بعد لحق الاب بهما ووعدهما بتزويجهما وفي الطريق اصدر حكم الاعدام فقتل فلده كبده وابن اخيه اليتيم .

ما اريد الاشارة اليه هو ان الصحف والشرطة يقولان ان البحث مستمر عن الوالد الهارب منذ الحادثة ، لكن الحقيقة التي تسري في قلب الشارع اليمني هي ان لا احد يبحث عن احد ، ففي قرارة نفس كل رجل يمني اعتقاد بأحقية قتل الفتاة من قبل ابيها (خاصه) اذا وقفت في وجه التقاليد بشكل واضح ورافض.
ما يساهم في نشر العنف هي تلك المسلمات التي تسود المجتمع دون توجيه النقد الكافي لها مثل تحجج البعض بالشرف لارتكاب الجرائم والعنف . او مسلمة الغضب من اجل الدين ، وتميز الرجل عن المرأة في التفكير والعمل وإدارة شؤن الحياة ، وغيرها من المصطلحات التي ظاهرها لا يوحي بشر ولكنها مع الايام وتصادمنا معها على ارض الواقع نقع ضحيتها سواء من الجاني أو المجني عليه .

عنف نسائي ورجالي
ما يجعل العنف سهلا هو انتشار الأسلحة البيضاء والاسلحة الخفيفة والثقيلة خصوصاً في اليمن فالأمر مقبول ان تحمل الفتاة سكيننا في حقيبتها حتى وهي في الحرم المدرسي او الجامعي ، فتعيش طالبة جامعية في مدينه( إب ) بلقب مجرمة لا نها طعنت يد زميلتها والسبب تجاهل الضحية لنصيحتها بأن لا تأتي الى الجامعة متزينه .
واود ان اذكر قصه الشاب الذي قتل اخته البالغة من العمر اربعه عشر عاما فقط لا نها تجاهلت سؤاله عن تأخرها حتى الساعة السادسة مساء فذبحها بسكين، كان قد جهزها من المطبخ ،ولم يكتفي بذلك بل بذبح والده بعد استدراجه للبيت بعدت طعنات في الجبهة والصدر اخرها في الاحشاء، ثم رمي الجثتين في المطبخ محاولا استدراج والدته التي كانت في منزل والدها ولكن القدر حماها منه فلم تستجب لطلبه ، يقبع الشاب الذي كان بطلاً في كمال الاجسام في السجن المركزي معترفاً بجريمته كامله .

عنف مسيس
ورغم انتشار الارشاد النفسي والتوعية بمخاطر العنف الى ان الامور تزداد في تفاقم ، فلم يعد العنف اسريا ولا قبلياً ولا عنصرياً بل اصبح مسيساً لمصالح دون التفكير في خطر ذلك على الاجيال القادمة فاصبح يسأل من اي منطقه أو حزب ينتمي المجني عليه لتبدا لعبه قذرة في زرع ما يمكن زرعه ليحصد المستفيدون من وراء هذه الفتنه مكاسب مغريه فانتشرت اسئلة عن حدوث أي جريمة عنف منها هل المجني عليه جنوبي أم شمالي ؟ وهل هو من قبائل تواجهه ظلم الدولة لها ؟ فيبرر عنفها تجاه الدولة واذكر مثال على ذلك قبائل مأرب الذين يبررون ضربهم للكهرباء هو نتاج ظلم مرت به القبيلة من تهميش لشبابها وأرضها من خدمات وتعليم وصحه وتلك نصف الحقيقة فما تعانيه مأرب هو جزء من معاناه يمنية لم يستثنى منها أحد ، ونقص موارد العيش البسيطة كالعمل والعلم والصحة وغيرها من الخدمات تزرع العنف بين الناس بدرجه لا يمكن تداركها اذا بلغت ما تبلغه اليمن من حرمان في ابسط مقومات الحياة.

وهنا يأتي دور الدولة ، فبالتوازن بين مؤسسات الدولة المرتبطة ارتباط مباشر بالمواطن كالشرطة والقضاء والواقع الذي يعيشه المواطن، لوجد الخوف من القصاص والثقة به ايضاً، فلا احد يعلو على صوت الحق والعدالة، ولا صوت يعلو فوق صوت القانون ،الذي لابد لكل مؤثر في هذا البلد ان يجعله راسخاً في المجتمع، اضافة لدور المؤسسات الاخرى في مثل المساجد ، ومراكز الإرشاد النفسي وإعادة التأهيل للأحداث وغيرها من المراكز التي تساهم في رفع آفة العنف عن المجتمع .

زر الذهاب إلى الأعلى