قضية اسمها اليمن

مع مدير الأمن في اليمن: “حوار مع الملائكة”

 

يمنات – متابعات

 الأجواء قاتمة خلال الاجتماع الثالث للمندوبين المستقلين من الشباب في جلسات الحوار الوطني في اليمن. خالد عبالي غائب بسبب مقتل احد افراد عائلته في حادث عنف. براء وسمية ومثلهما بقية البلاد يشعرون بالصدمة لما حصل.

قتلى في حفل عرس
اصطدمت سيارة مارة بإحدى سيارات موكب زفاف. التفاصيل لا تزال غير واضحة ولكن على ما يبدو فإن رجالا مسلحين من ضمن الموكب قاموا بإطلاق النار على الشابين في السيارة الأخرى، وذلك إثر جدال دار نتيجة لحادث سير بسيط، مما ادى الى مقتل الشابين.

الامر الذي حتم علينا التحدث عن ظاهرة السلاح في اليمن. تختلف الارقام ولكن من المؤكد وجود ما لا يقل عن 10 ملايين قطعة سلاح فردي بيد الشعب، في بلد عدد سكانه 24 مليون نسمة. ويأتي اليمن في المرتبة الثانية عالميا بعد الولايات المتحدة في ما يتعلق بحيازة السلاح الفردي.

يفترض المرء ان يكون هذا الموضوع على راس جدول اعمال الحوار الوطني، "حسنا، ليس مطروحا داخل مجموعتي" تقول سمية حسام. "وليس داخل مجموعتي ايضا" يقول براء شيبان ويضيف قائلا: "وليس داخل مجموعة الجيش والامن، يتحدثون في الغالب حول إعادة هيكلة الجيش".

لا مانع من حمل الخناجر
لا حوار حول السلاح داخل الحوار الوطني، ولكن ماذا عن السلاح نفسه؟ "في البداية كان ذلك مشكلة فعلية. إذ اراد رجال القبائل وحرسهم الخاص الدخول الى الفندق مع اسلحتهم. هذا الامر قد حُل لاحقا، ولا مانع بإدخال الجنبية". المقصود بالجنبية الخناجر اليمنية التقليدية التي يضعها الكثير من رجال الشمال على وسطهم. هذه الخناجر تعتبر غير مؤذية.

سمية: "هناك قانون ينص على ضرورة حيازة ترخيص لامتلاك السلاح، لكن بوسع الجميع الحصول على الترخيص". براء "صحيح، ومع غياب السلطة يشعر كل شخص بالحاجة لحمل السلاح وفرض القانون بنفسه".

الاثنان يعتقدان ان هذه المشكلة يمكن حلها عن طريق إنفاذ القانون بشكل صحيح، وتفعيل عمل المحاكم والشرطة. بالنسبة لسمية وبراء والعديد من اليمنيين، هي في الغالب مسألة قانونية، حيث يجب ان تكون ثقافة اقتناء السلاح المتجذرة في البلاد تحت سيطرة القانون.

اقتناء السلاح يعتبر من الحقوق الاساسية. كما يبدو ان تغيير هذه الثقافة الى اخرى، حيث يصبح الناس غير راغبين باقتناء السلاح، او لا تعود البندقية رمزا للرجولة، امر بعيد المنال. "هذا الامر لا يمكن حصوله إلا خطوة خطوة، إذ لا يمكن تغيير الامور بين ليلة وضحاها"، يقول براء.

مكافحة الإرهاب
بالطبع لا يستطيع براء ولا سمية معالجة كل مشاكل البلاد، ويشعران احيانا ان ليس هذا ما يظنه الجميع. هذا الاسبوع ذهبت سمية مع اعضاء من المجموعة لزيارة بعض الوزراء. "عندما نقابلهم يعتقدون اننا جلبنا معنا الحلول الفورية لمشاكلهم".

الزيارات الميدانية، كما يطلق عليها في لغة الحوار، لا يفترض بها ان تجلب الحلول، بل جمع المعلومات لمعرفة المشاكل وبعد ذلك – ربما – تتوصل مجموعات العمل الى حل ما.

خلال زيارات براء الى وحدة مكافحة الارهاب ووحدة الامن القومي تبين له ان المؤسستين تعملان بشكل او بآخر خارج القانون. "وحدة مكافحة الارهاب هي نتيجة عملية إعادة هيكلة الجيش. مبدئيا يدير الجنرالات العرض ولا احد يراقب عملهم".

امر آخر صادم اكتشفه براء وهو الاعتقال غير محدد الامد اي اعتقال المشبوهين ووضعهم في السجن لفترة لا نهائية. "في الوقت الراهن يمكنهم استكمال ملفك، حتى لو لم يكن هناك من ملف أصلا". وبالتالي يصبح التصرف كأنك فوق القانون ليس حكرا على الرجال المسلحين في موكب الزفاف بل تتبع اجهزة الامن نهجا مماثلا.

حديث مع الملائكة
"لكن رئيس جهاز الامن قال لنا لا داعي للقلق. إذا تعرض السجين حتى لخدش على وجهه، سوف يقومون بالتحقيق بكل ما يملكون من قدرة لمعرفة ماذا حدث"، يقول براء بتجهم، ويضيف: "يريدوننا ان نصدق اننا نتحدث مع ملائكة، ها ها ها" إذ ان الامن القومي يشتهر بممارسات التعذيب التي يقوم بها.
كما قيل له انه حتى لو كان الوضع سيئا في الامن القومي، لكنه يبقى افضل حالا مقارنة مع دول اخرى مثل السعودية. لكن هذه الحجة لم تقنع براء "كما لو كانت السعودية هي المعيار الذي يجب ان نعتمد عليه".

سمية: "الشيء الجيد هو، بعد شهرين من التحاور والزيارات الميدانية بدأت افهم كيف يعمل هذا البلد. عليك إرضاء جميع الاطراف وبعدها تسير الامور نوعا ما بشكل سلس". ويا للسخرية، هذا بالضبط ما فعله الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

براء محرج قليلا: "هذا الامر صحيح، ولكن كان لديه عقد اجتماعي بينه وبين اللاعبين الكبار، نحن الآن نريد عقدا اجتماعيا بين الحكومة والجميع. الناس يتكلمون الآن ويجب الاصغاء لهم".

اذاعة هولندا – جوديت سبيخل 

زر الذهاب إلى الأعلى