حوارات

خبير يمني: القرارات القادمة تشمل دمج جهازي المخابرات السياسي والقومي تحت قيادة وزير الداخلية

يمنات – متابعات

أحدثت القرارات التي أصدرها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي مساء الأربعاء صدى واسعا على الصعيد اليمني، والمتعلقة بإعادة هيكلة الجيش والتي تضمنت إلغاء قوات الحرس الجمهوري بقيادة العميد أحمد علي، نجل الرئيس السابق علي عبد الله صالح وكذا إلغاء قوات الفرقة الأولى مدرع، بقيادة اللواء علي محسن الأحمر، المناصر للثورة الشعبية.

وخلقت جوا من الارتياح العام، خاصة وأنها جاءت بطريقة دبلوماسية، لم تعلن صراحة إقالة العميد أحمد علي ولا اللواء علي محسن الأحمر، وإنما ألغت مكونات الجيش التي يتربعون في قيادتها، لتتحول إلى قيادة المناطق العسكرية الجديدة التي ستكون ضمن قوامها العسكري، بعد أن قسّم قرار إعادة الهيكلة الجيش اليمني إلى أربع قوات رئيسية وهي القوات البرية والقوات الجوية والقوات البحرية وحرس الحدود.
وحرّكت هذه القرارات الرئاسية حالة الجمود التي أصابت الساحة السياسية اليمنية والتي كادت أن تؤدي إلى إعادة الانفجار الثوري من جديد، إثر إصابة شباب الثورة بخيبة أمل كبيرة من (الهدوء القاتل) للرئيس هادي، غير أنهم مساء الأربعاء فقط استعادوا أنفاسهم وشعروا أن نتائج ثورتهم التي ضحوا من أجلها بالغالي والنفيس بدأت تؤتي أكلها وبدءوا يقطفوا ثمارها.
بطبيعة الحال، تشتعل الساحة اليمنية بالعديد من القضايا الساخنة والعالقة التي تراكمت بفعل أخطاء النظام السابق، كالقضية الجنوبية وقضية التدخلات الخارجية في الشأن اليمني وقضية التنمية وغيرها، والتي يسعى النظام الحالي إلى إيجاد مخرج لها عبر مؤتمر الحوار الوطني المزمع انعقاده مطلع العام المقبل.
حول هذه القضايا إلتقت (القدس العربي) بصنعاء مع الخبير الاستراتيجي اليمني الدكتور عبد العزيز التّرِب، والذي يعد أستاذ أغلب الساسة الجنوبيين، بفعل مشاركته في أغلب محطات الحياة السياسية في دولة جنوب اليمن سابقا، ولا زال مرجعا لكبار رجالات الدولة والأحزاب السياسية اليمنية.

حاوره : خالد الحمادي
* وصل مبعوث الامين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر الى صنعاء قبل أيام في مهمة يقال بأنها (مهمة انقاذ) للمبادرة الخليجية، هل تعتقدون ان زيارته جاءت للدفع بعجلة مؤتمر الحوار الوطني؟
– الحقيقة اتفق مع ما ذكرته، والأهم من دخولنا الحوار الوطني، لأن هذا المؤتمر سينعقد سينعقد، لأنهم هكذا أرادو ونحن نكمّل ما فرض علينا ارتضيناه ام لم نرتضيه، لكن نحن أوصلنا أنفسنا إلى هذا المنعطف. ومبعوث الامم المتحدة جمال بن عمر جاء لتحريك المياه الراكدة المتمثلة بصدور قرارت كان يفترض ان تخرج منذ وقت مبكر، منها ما قد صدرت ومنها ما قد أعدت وجاهزة للصدور، بعد هيكلة القوات المسلحة والأمن وهناك قرارات جريئة يجب أن تتخذ وهي في طريقها إلى أن تتم…
…. ما هي هذه القرارات بالضبط؟
– ازاحة قيادات معينة من القوات المسحلة والأمن طالما وأن الهيكلة ألغت مسميات معينة، هولاء الناس مهيمنون على قيادتها، النقطة الثانية في زيارة بن عمر أنه سيطالب او سيوصي الأخ الرئيس بالتعجيل في معالجة قضايا الجنوب على ضوء توصيات اللجنة الفنية والمتمثلة بعشرين نقطة، بمعنى آخر، قد تم خلال الأيام القليله الماضية اصدار قرارات معينة أعادت الابتسامة الى وجه المواطن هنا او هناك، وشعر المواطن ان الامور تسير نحو الاتجاه الصحيح، وسيرى المواطن قرارت لاحقة على نفس النهج.
* هل من توضيح أكثر تفصيلا لقرار هيكلة الجيش الذي اتخذه الرئيس هادي مساء الأربعاء؟
– حسب معرفتي سينتهي شيء اسمه الفرقة أولى مدرع، التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر، وسينتهي شي اسمه الحرس الجمهوري الذي يقوده العميد أحمد علي، نجل علي صالح، وستدخل هذه القوات ضمن سبعة مناطق عسكرية رئيسية تتبع وزراة الدفاع، وسيكون القائد العام او وزير الدفاع الذي سيعين بقرار سياسي من هذا الحزب او ذاك عندما تأتي الانتخابات ويحصل هذا الحزب على الأغلبية لتشكيل الحكومة، لكن قيادة الاركان ستكون هي المسؤولة الفنية على كل مرافق ووحدات القوات المسلحة وهناك قائد أعلى للجيش وهو رئيس الجمهورية.
* وهل تعتقد أن الرئيس هادي سيتبع هذا القرار بقرارات مماثلة على الصعيد الأمني؟
– نعم، من المقرر أن يتم إعادة هيكلة الجانب الأمني قريبا تشمل كل الاجهزة الأمنية، كالأمن السياسي والأمن القومي والأمن المركزي، حيث ستصبح جميعها وفقا للهيكلة الجديدة تحت قيادة وزير الداخلية والذي سيكون مسؤل مسؤولية تامة، وهناك لجنة فنية الآن تدرس امكانيات ضم جهازي الامن القومي والامن السياسي في وحدة أمنية واحدة، بمعنى اخر سيكون وزير الداخلية كما سيكون مدير امن المحافظة هو المسؤول على كل هذه الوحدات الأمنية وفقا للهيكلة الأمنية الجديدة او التصور الذي يعكفون على إنجازه الآن، من أجل أن يكون هناك شخص يمكن ان يحاسبه رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية كمسئول مباشر عن الجانب الأمني، بحكم أن كل هذه الاجهزة الأمنية تحت قيادته، لأن المشكلة التي كانت تواجهنا سواء في الأجهزة الامنية أو في القوات المسحلة أننا لا نعرف فن ادراة الامور، لأن الادراة في اليمن كانت مقتولة.
* كانت هناك مخاوف كبيرة من ان تكون هناك ثورة مضادة من قبل بقايا عائلة صالح ضد قرارات الرئيس هادي بشأن إعادة هيكلة الجيش، هل من مبررات لهذه المخاوف التي أخّرت كثيرا صدور مثل هذه القرارات؟
– لا نتوهم مطلقا بأن النظام السابق يستيطع ان يعمل أي شي لانه ما في ثورة في العالم اعادت رموز نظام أسقط بشكل او بآخر من الوجود لكن التربية والفتره الزمنية التي حكمنا فيها النظام القديم هي التي دفعت بالبعض إلى التفكير في مثل هذا الشيء وانه ما دام أنه موجود يمكن ان يعمل شيء، لكن اؤكد هنا أنه لا يمكن للنظام القديم أن يعمل أي شيء خاصة بعد الانتخابات الرئاسية في شباط (فبراير) الماضي التي حصل فيها هادي على الأغلبية المريحة، وجاء امين عام الامم المتحدة الى اليمن لمباركة ذلك وليترجم اجندة دولية وليقول للشعب اليمني وللأطراف المتصارعة انه لن يرضى النظام العالمي الجديد ان يحدث أي شي خارج الآلية التي تم الاتفاق عليها ووقع الجميع عليها وهي المبادرة الخليجية بآلياتها التنفيذية، كما أنه من المقرر أن يزور الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليمن خلال العام القادم، وكذا وزير خارجية ألمانيا سيزور اليمن في آذار (مارس) القادم، ولا شك أن زيارة كل هذه الشخصيات الدولية الى اليمن تأتي لتعزيز دور الرئيس عبده ربه منصور هادي او النظام الجديد في اليمن، لأن العالم يريد الاستقرار لليمن.
* اختتم يوم الثلاثاء الماضي مؤتمر شعب الجنوب في عدن، كيف تقيّمون نتائج هذا المؤتمر وهل تعتقدون أن القائمين عليه لازالوا متمسكين بمبدأ الإنفصال، أم أن الموقف تغيّر بعض الشيء، خاصة أن البيان الختامي لم يكن واضحاً في هذا الإتجاه؟
– الحقيقة أن هذا المؤتمر انعقد في ظروف غاية في الصعوبة، لكن نتائجه كانت طيبه للغاية ولم يكن الكثير من الناس أو الساسة المتابعين له وخاصة الذي يهمهم الشأن اليمني يعتقدون أنه سينجح في الوصول للجلسة النهائية، ليس هناك تفكير مطلقاً بعملية الإنفصال وإنما كان هناك تأكيد على أن يمثل الجنوب وتناقش قضيته بشكل واضح من خلال الدخول في مؤتمر الحوار الوطني و طرح كل شيئ، والكثير من المشاركين إتفقوا على سقف الفدرالية وهذا ما كنا نتوقعه منذ زمن طويل وأيضاً الرعاة الإقليميين والدوليين يؤكدون هذا بشكل غير صريح وإن كان القرار موجود لكن هم يريدوا أن يأتي من خلال المشاركين في الحوار.
* هل يعني ذلك أن قادة هذا المؤتمر الجنوبي سوف يشاركون في مؤتمر الحوار الوطني المقبل؟
– بالطبع المشاركة سوف تتم وان الأخ العزيز محمد علي أحمد قال أنه سوف يشارك بشكل شخصي والكثير من المشاركين في مؤتمر الجنوب سيشاركون متى ما استطاعت القيادة السياسية ممثلة بالأخ عبدربه منصور هادي أن يترجم الأقوال إلى أفعال، خاصة في حل الكثير من القضايا، على ضوء توصيات اللجنة الفنية وفقا للعشرين نقطة التي طرحتها، بمعنى أن الناس يريدوا أن تعاد الثقة، أما عملية أنه أحضر لمجرد الحضور فالقضية صعبة للغاية، لهذا السبب أوجه رسالة قصيرة للساسة أنهم يتركوا كل خلافاتهم ويتفقوا على قضايا أساسية إن أرادوا لليمن أن تتجاوز محنتها الإقتصادية، لأن الوضع الإقتصادي يفرض نفسه على كل الإتجاهات، واليمن أمانة في أعناقهم وعليهم أن ينظروا بعيداً عن المناكفات أو المتاجرة بالقضايا أو الإشتراطات حتى تستطيع المنظمات الإقليمية والدولية ورجال المال والأعمال العرب أن يسهموا في إعادة الإعتبار للإقتصاد اليمني ويستثمروا في كثير من المجالات.
* ما هي الأسباب الحقيقية وراء إمتناع العديد من القادة الجنوبيين عن المشاركة في الحوار الوطني، هل هي أسباب شخصية وخلافات شخصية أم أن هناك أسبابا أخرى؟
– أنا أقسم الساسة الجنوبين إلى نصفين، سواء الذين في الداخل أو الذين في الخارج، فإذا تحدثنا عن الذين في الخارج، نجد أن معارضة الخارج أو بقايا النظام الجنوبي السابق يمكن أن يكون هذا الحوار سببا في أن يحييهم مرة ثانية ويخرجهم إلى المسرح السياسي، ولو كانت تمت معالجة القضايا معالجة صائبة في وقت مبكر، لما استطاع الساسة في الخارج أن يتاجروا بالقضية الجنوبية أو يدخلوا مرة ثانية للإشتراطات وطرح كثير من وجهات النظر التي نختلف معهم بشأنها كمعارضة في الداخل. أما المعارضة في الداخل فأنا أرى أنه قد طالت فترة انتظارهم لحل كثير من القضايا منذ الحرب الظالمة في 1994 ولهذا السبب أصبحوا لا يثقوا بأي معالجات إلى أن تدخّل الجانب الإقليمي والدولي، حيث بدأ الناس يتجاوبوا وإن بنسب متفاوتة على المشاركة أو عدم المشاركة في الحوار، لكن في الأخير الكل يؤمن بضرورة المشاركة في الحوار لأن الحوار ليس تفاوض، أنا أطرح وجهة نظري ولست ملزم أن أقبل ولا تستطيع أن تفرض علي رأيك كطرف آخر، هذه هي المعادلة التي ستخرج اليمن إلى بر الأمان إذا استطاعوا أن يدخلوها بنوايا صادقة خدمة لليمن ولقضاياها.
* مؤتمر الحوار وُضع ضمن المبادرة الخليجية لمناقشة القضايا اليمنية العالقة من أجل الخروج بحلول ناجعة لها، لكنه أصبح مشكلة بحد ذاته، وقد لا يخرج بنتائج مرضية والكثير يرون أن فشل مؤتمر الحوار سيعني اللجوء للحرب، كيف ترون ذلك؟
– أنا لست متشائما، وأود التأكيد أنه حتى المبادرة الخليجية هي من صنع اليمنيين، فطوال الفترات الماضية لها كانت هناك لقاءات وحوارات ونقاشات، والأخوة في دول مجلس التعاون الخليجي استفادوا من هذه الخلاصات ومن هذه الوثائق وأعدوا التصور الذي سمي بالأخير بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

بالطبع مبادرتهم جاءت لكي يوجدوا إستقرارا للمنطقة، بمعنى أدق استقرارا لأنفسهم، لأن المشكلة اليمنية إذا طالت أو لم نستطع أن نصل لحلول مرضية لها سوف تعكس نفسها على هذه المنطقة وهم لا يريدوا أن يواجهوا مثل هذه المشكلة في دولهم وبالطبع الإملاءات الخارجية أيضاً عليهم ممثلة بالجانب الدولي الذي يهمه استقرار المنطقة نتيجة عائدات يستفيدوا منها وعلى الأخص النفط أوجدوا المعالجة بتلك المبادرة.

والمبادرة نفسها علمتنا أن لا نجتهد وكأنها أصبحت ملزمة بأن ننفذها بحذافيرها ولهذا السبب كثير من الساسة هنا أو هناك يشترطوا أن لا نُجَدوِلَها أو لا نقفز على بند آخر منها، لهذا أنا أرى أن المخرج سيكون مرضي لكل الأطراف بما يحقق الإستقرار للمنطقة، وأنا أختلف مع من يتصور أن المبادرة قد تفشل عند البدء في الحوار الوطني.

النقطة المهمة التي يفترض أن نتجاوزها أو يتجاوزها الرئيس هادي هي أين ينعقد المؤتمر؟ لأن المناخ الأمني غير موجود في صنعاء، ولهذا السبب هناك جهات تفضل أن يكون خارج العاصمة صنعاء وأناس يقولون أن المؤتمر وافتتاحة والجلسة الختامية تعقد في صنعاء، لكن القضايا المصيرية وعلى الأخص القضية الجنوبية ومعضلة صعدة تكون في جلسات خارج صنعاء، لكن بالتأكيد وأنا آمل أن أكون غير متفائل كثير بأن الأمور تسير سيرا طبيعيا وإلا المواطن تعب من المتاجرة بهذا الملف، لأنه يريد إستقرارا ويريد وظائف ويريد عمل ويريد أمن وهو الذي سيفرضها على الساسة هنا أو هناك.
* لم يتبقى على الإنتخابات الرئاسية 2014 سوى عام وشهرين تقريباً، هل تعتقدون أن الفترة المتبقية كافية للخروج بمعالجات شافية للقضايا اليمنية العالقة، وفي مقدمتها إقرار الدستور والإستعداد للإنتخابات؟
– إذا صدقت النوايا خلال اجتماع أو أثنين أو ثلاثة اجتماعات في مؤتمر الحوار، كل شي سيتم، لكن إذا ظللنا كما نحن فأعتقد أن الفترة ستتطلب تمديدا على الرغم من أن الممثل الأممي جمال بن عمر وكذا الرئيس هادي يشيرون بما لا يدع مجال للشك أنهم سيتقيّدوا بتنفيذ الآلية المزمنة بتواريخها، بمعنى أنه في 21 شباط (فبراير) 2014 ستتم الإنتخابات وقبلها ستشكل لجنة لإعداد الدستور وينزل للإستفتاء، كل هذه الأمور إذا وجدت النوايا الصادقة والكل يعمل لصالح اليمن واستقراره، ستكون الفترة كافية، مع هذا أنا أرى بعد عام من حكومة الوفاق الوطني وعام وأسابيع على توقيع المبادرة الخليجية يفترض أن نقيّم أداء الحكومة بمختلف مشاربها، ونأتي بحكومة تكمل المشوار من شخصيات فنية ونسميها حكومة تكنوقراط ويأتي الأحزاب الموقعة على المبادرة بكوادرهم إليها وتكون حكومة فنية تكمل ما تبقي من أجندة في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وما عداها لا نريد تمديد، كفاية تمديدات لمجلس النواب إلخ، ونقول علينا أن نحترم الوقت وما تبقى منه ونستكمل كل شيء حسب الآلية، لصالح اليمن حتى نوجد حكومة منتخبة ورئيس جديد منتخب للمرحلة القادمة ونتكلم بعدها عن 2019 أو 2020 على ضوء ما يقرره الدستور في شأن تحديد الفترة الرئاسية أربع سنوات أو خمس سنوات.
* ولكن أي تمديد لما بعد 2014سيعني خدمة لأحد الأطراف الراغب في إبقاء البلد في وضع غير مستقر، وسيدخل البلد في فراغ دستوري إثر انتهاء صلاحيات كل المؤسسات الدستورية، كيف ترون ذلك هل عملة التمديد لا تزال واردة أم مستبعدة؟
– أنا أستبعد التمديد طالما والتأكيدات الإقليمية والدولية مع تأكيد رئيس الجمهورية أنه لن يسمح بالتمديد لكن نترجم الأقوال إلى أفعال، ولا بد على كل الشركاء أن يعملوا لليمن حتى لا ندخل في فراغ دستوري . الفراغ الدستوري أوجدناه في تجديد فترة مجلس النواب في المرة السابقة وهي بدعة، لكن ارتضاها الحاكم في الماضي وساعدته الأحزاب السياسية بدلاً من أن تكون هي المتحكّمة والضاغطة على الحاكم بأن يجري الإنتخابات، وقبلت لأن الملعب السياسي كما يدّعون لم يكن مهيأ وعملوا التمديد لذلك. العملية لن تتكرر والمجتمع الدولي بدرجة رئيسية يريد أن يساعدنا ولم يحصل اليمن على مثل هذا الدعم لا إقليمياً ولا دولياً لكن علينا نحن أن نحترم أنفسنا ونساعد أنفسنا لتجاوز المحنة أو الفراغ أو المتاجرة بالقضايا أو الأزمة التي خلقناها لأنفسنا.
* أشرتم إلى ضرورة تغيير الحكومة الحالية، أين مكامن ضعف الحكومة الحالية؟ هل في رئيسها محمد سالم باسندوة أم في تكوين الحكومة بشكل عام؟
– في الحقيقة لا غبار على شخصية دولة رئيس الوزراء محمد سالم باسندوه، فهو شخصية سياسية مجربة لكنه جاء في الوقت الضائع وحكومة الوفاق كل واحد مربوط بما تملي عليه قيادته وفي الأخير أصبح دولة رئيس الوزراء لايستطيع أن يواكب المتغيرات أو شحطات هذا الوزير أو ذاك، لذا أقول أن العجز هو في اختيار شخصيات الوزراء من كل طرف، وأستطيع أن أقول بل أجزم أنه لا يوجد في الحكومة رجل اقتصادي واحد على الرغم من أن المشكلة التي تواجه اليمن هي اقتصادية بدرجة رئيسية، ثانياً لا يوجد لديهم رؤى، فقد مرّ على الحكومة الحالية سنة وشهر ونحن محلك سر، فموضوع الشباب مازال وكان يفترض أن تكون لدينا رؤية بأن نفرض أو نقترح على المانح وخصوصاً الأقليمي أن يوفر اعتماد معين يتم توظيفه لإستقطاب عددا كبيرا من البطالة الموجودة من الشباب ونوجد مشاريع حتى ترى النور قبل الدخول إنتهاء الفترة الإنتقالية أو قبل الدخول إلى الحوار ومناقشة وإقرار الدستور، هذا لم يحدث، ثالثاً أننا ظللنا نختلف على كيفية إدارة المرافق الاقتصادية وعلى الأخص ميناء عدن أو المنطقة الحرة، كذلك لم نتفق على قيادة أكاديمية للجامعات، فطلبتنا والذين هم الإحتياطي النشط الذين سيقود المجتمع قضوا العام الماضي بدون دراسة والعام الحالي يعانون من المناكفات السياسية في كل الجامعات الحكومية، بينما الجامعات الخاصة تعمل، الجامعات الحكومية لا تعمل بالشكل الصحيح لأن الدولة ممثلة بمجلس الوزراء لم تستطع أن تضع النقاط على الحروف بتعيين أكاديميين قادرين على استيعاب متطلبات المرحلة القادمة.
* هل تعتقد أن الاستقرار في اليمن مرهون فقط بالاستقرار السياسي، أم أنه كذلك مرتبط بالوضع التنموي والاقتصادي الذي يعاني منه أغلب اليمنيين؟
– نعم، ظللنا نتكلم عن السياسة حتى افرغنا انفسنا من همّ كبير، لكن الخوف الحقيقي يكمن في ان رغيف الخبز يمكن ان يسقطني كدولة، هذه هي المعضلة والتي يجب على الساسة وعلى رئيس الجمهورية ان يفهمها جيدا، هل نحن سنستطيع ان نستعمل الإعانات او المساعدات التي جاءتنا، بدلا من ان نفكر كما فكرت الحكومة في إيجاد جهاز يشرف على المعونات. انا أرى أن الوضع اليمني بحاجة ماسة إلى ضرورة إنشاء وزازة جديدة للتنمية والتعاون الدولي تشرف اشرافا كاملا على ما يأتي من مساعدات خارجية، ثم انه بحاجة إلى تغيير وزارة الاقتصاد والصناعة واستبدالها بوزارة اقتصاد واستثمار، لكي نشعر المستثمر في الخارج انه لدينا شخصية تتابع قضاياه وتحضر اجتماعات مجلس الوزراء كل اسبوع، وحتى نستطيع ان نستثمر او نوظف العون الخارجي توظيفا خلاقا لخدمة الانسان اليمني، كما لا ننسى أن الثورة قام بها الشباب من اجل ان يجدوا وظائف، ويجدوا استقرارا اقتصاديا.
* أصبح لإيران يد طولى في اليمن وأصبحت طهران لاعب رئيسي في الشأن اليمني، كيف تفسرون ذلك وهي تتخذ من اليمن ساحة صراع إقليمي مع دول أخرى؟
– لإيران كل الحق في أن تكون أشبه بالسعودية أو أي نظام آخر، فالبريطانيين يتكلمون الآن على هوس عدن، لكن إذا وجد النظام القوي، دعهم يستقطبون أي مجموعة من الناس لكن بعد ذلك الماء يكذّب الغطّاس. فالبعث أيام التحرر في السابق كان يحتوي ناس سواء البعث السوري أوالبعث العراقي، هكذا الحال بالنسبة لبعض المشائخ أو بعض البيوت تصرف عليها السعودية وبعض الدول الأخرى.

أنا لا أخاف من قوة إيران، وعلينا أن نرى كيف جاءت قوة الحوثيين، جاءت بعد أن وظّفها النظام السابق لضرب مجموعة أخرى، وهي جماعة السلفيين أتباع مقبل بن هادي الوادعي، فتعززت قوة الحوثيين وحصلوا على دعم من نظام صالح ومن إيران فكبروا، فالقصة أن الأخوة الشيعة في دول الخليج كالبحرين و الكويت يدعمون الحركات الشيعية لكن ليس كدولة بل كأشخاص و كيانات وكذلك الحالة بالنسبة للأخوة في إيران يقولون انهم كدولة لا يدعمون، لكن كأحزاب أو كيانات معينة في إيران تدعم فليكن، لكن إذا كنت أنا قوي لا أخاف تحرك إيران أو غيرها.

وفي الحقيقة المسألة أكبر من ذلك، حيث أصبح اليمن مسرحا لصراعا دوليا، إثر توجه النظام العالمي الجديد في أن يحكم السيطرة على المنطقة عسكرياً وهكذا قسموا اللعبة على أساس أن يتولى الأمريكان الجانب العسكري في اليمن، بينما يتولى الأوروبيون الجانب الإدراي فيما يتولى الخليجيون الجانب المالي. وطالما أنه لا يوجد للمواطن اليمني العادي كيان حزبي ولا تنظيمي ولا إداري ولا اقتصادي فمن السهولة أن يرتمي في أحضانهم، نتيجة لأنه غير مؤدلج وغير مهتم كثيراً بالسياسة وهمه أن يشبع جوعه ويربّي أبناءه، فأي جهه تأتي تطلبه سيعمل معها، نتيجة أيضا لضعف الأجهزة الأمنية في المتابعة والرصد، حيث أصبح الكل يشتغل.

لذا ينبغي ألا نخاف إيران، لأنها قد تخرج من سوريا وتريد أن توجد لها موطئ قدم آخر في اليمن. وعلى العموم كان اليمن في ظل النظام السابق ساحة لتصفية حسابات إقليمية، حيث كانت خلافات النظام الليبي السابق مع السعودية يصفّيها على الأراضي اليمن، وها هي إيران تحاول حاليا القيام بنفس الدور.

فمشكلتنا أننا دفعنا بالآخرين إلى أن تتصارع وتصفّي حساباتها على أراضينا نتيجة ضعف الدولة سياسياً وأمنيا، أما ككيانات حزبية فدعها تعمل وهي ليست مشكلة.

* هل يعني هذا أن المستقبل اليمني مرشح للانفجار في أي لحظة، إثر التسارع الكبير في رفد الساحة اليمنية بالترسانة من الأسلحة التي تصل إلى الموانئ اليمنية بشكل غير مسبوق؟

– في الحقيقة اليمنيون في حالة اختلافهم وعدم وصولهم إلى اتفاق سياسي يمكن لهم أن يفجروا الوضع ولا بد لكل جهة أن تتحصن وترتب نفسها فعند اكتشاف مثل هذه الحالة وتلك الكمّيات الكبيرة من الأسلحة يجب إعلانها وأخذ المتورطين فيها للمحاكمة العلنية حتى تخفف الأطراف من التمادي في ذلك، وحتى يشعروا أن السلطة يقظة وتستطيع أن تعرّيهم وعندما يواجه الموت تاجر الأسلحة، سوف يعترف بمراكز القوى التي تقف وراء استيراده لهذه الأسلحة لصالحها.
* الى اين يسير اليمن في ظل الاوضاع المعقدة في الوقت الراهن؟
– انا قد اختلف مع الكثير من الناس، دائما انا متفائل، اقول لم يكن أحد يتوقع اننا سنخرج بتكاليف أقل، وخرجنا، وكانوا يعتقدوا ان الحرب الاهلية على الابواب، ولم تحدث، ورغم كل ما يقال أؤكد أن اليمن اليوم في فندق خمسة نجوم، بمعنى آخر، هناك اكسجين طبيعي وهو الديمقراطية التي تتيح المجال أمام الجميع لممارسة النقد والتغيير والتعبير عن كل القضايا دون عوائق، وعلينا ان نتجرأ في ممارسة الديمقراطية داخل احزابنا، ونطالب القيادات التقليدية التي شاخت بالرحيل، ونطالب الأحزاب بأن تسعى إلى التجديد في قياداتها حتى تتلاشى التعقيدات في الحياة السياسية وتحل جميع الخلافات عبر الحوار وعبر الديمقراطية.

القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى