حوارات

عبد الجبّار سعد : الربيع العربي خريف حارق, وأموال الشعب المسروقة طوال أكثر من نصف قرن تجدها في خزائن الفاتحين الجدد.

يمنات – متابعات  

له قراءاته الخاصّة، دوائر الصخب والجدل تخلقها على الدوام كتاباته وحواراته المصحوبة بعلامات الاستفهام والتعجب،  الكاتب والأديب عبدالجبّار سعد في حوار مع (الجمهورية) التي تترك الحكم للقراء الكرام من محبيه ومبغضيه.

> نبدأ من جديد تأملات الأستاذ عبد الجبّار سعد في زاويته الخاصّة حول أوضاعنا السياسية القائمة ؟

– أنا منذ المبادرة الخليجية التي وقعت والتحالف الذي حصل أتحاشى الكتابة كثيرا، قلنا سنسمع ماذا يفعل العقلاء والموفّقِون بين المتعارضين والمتخاصمين من أطراف الأزمة، ولكن يبدو لي أن أهل الوفاق أقرب إلى زرع النفاق والشقاق بين بعضهم البعض.

> من تقصد هنا تحديدا؟

– الذي يعرفه الجميع أن هناك حكومة سميت حكومة وفاق يعني توفيق بين الأطراف المتنازعة وأنا أعرف الأستاذ محمد سالم باسندوة الذي هو رئيس حكومة الوفاق، وباستثناء الموقف الوحيد له في مجلس النواب حين بكى وأبكى ما سمعنا له إلا تحريضا وكلاما عن العهد السابق وعن علي عبدالله صالح، أنا أعرف الرجل من قبل، وهو ليس بهذا المستوى من العدوانيّة.

> على ذكر باسندوة والوفاق وحكومته، كيف تقيم أداء الحكومة خلال سنة مضت؟

– أنا مواطن عادي لا أحكّم إلا قيمي وعقلي ونظري، وأنا ألاحظ أن إخواننا القادمين إلى السلطة من النصف الآخر المعارض لا يجدون مناسبة للحديث إلا ويلقون بالفشل ـ كلّ الفشل ـ على ما مضى، ولا يتكلمون بشيء إلا ويشترطون رحيل علي عبدالله صالح وأسرته وما أشبه ذلك، وكأنهم أتوا فقط ليصفّوا علي عبدالله صالح وما تبقّى، أما الأمور الأخرى فلا علاقة لهم بها. مع أن فشلهم واضح، ولا أريد أن أعدّد حالات الفشل والإفساد، في الوقت الذي نجد الطرف الآخر من زملائهم في حالة من الانكسار.. باختصار جانب المؤتمر وحلفائه ينجزون مهامهم ويصلحون أولا يفسدون ويصمتون والجانب الآخر يفسدون ولا يصلحون و يكثرون الفحش والتفحّش ولا يصمتون.

> أنت تراهم غير محقّين فيما ينادون به؟

– بل أرى أنهم مبطلون بالمطلق، لأنه ليس لهم أسوة إلا إبليس اللعين. يا أخي افترض أن القادمين إلى الحكم الجدد هؤلاء هم رسول الله وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وافترض أن الطرف الآخر هم مشركو قريش ومن عادى الدعوة الإسلامية وقاتل رسول الله وأفسد في الأرض ماهو الحكم في الأمر جاءكم الفتح الأعظم على يد أمريكا وما حولها ماذا بقي عليك أن تفعل غير أن تترك الأمور تسير بسلام وهدوء وتصلح وعفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه.

> هم يقولون: إنّ علي عبدالله صالح الرئيس السابق أساء استخدام السلطة، وأهدر مقدرات الشعب وأخيرا قتل الشباب والمتظاهرين في الساحات؟

– دعنا نتفق أولا أن علي عبدالله صالح هذا هو كبير مشركي قريش الذين قاتلوا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأخرجوه من أرضه، وهجروا أصحابه إلى الحبشة، ودعنا نتفق أنّه هو من سلب أموالهم وأنه من قتل حمزة، لنتفق على هذا كله؛ لكن ماذا بعد؟ سلم لهم السلطة وانتهى! ماذا عليهم أن يفعلوا فهل من الأخلاق أن نظلّ بعده بهذه الطريقة، مع أن الذي أكل مال الشعب ونهب ثرواته ومقدراته إذا بحثت عن أموال الشعب المسروقة طوال أكثر من نصف قرن فلن تجدها إلا في خزائن الفاتحين الجدد وهذا لا يختلف عليه اثنان.

> من تقصد تحديدا، ولنتكلم بوضوح..؟

– اللواء علي محسن، هو صاحب ست حروب كما قال الوالد أحمد محمد الشامي، وأنه الأوّل والأخير الذي وقف ضد علي عبدالله لإيقاف الحرب في صعدة، سمعت هذا الكلام من الوالد أحمد محمد الشامي ولو سمعته من غيره لما صدّقت، حسين بدر الدين الحوثي قبل مقتله وافق على إنهاء الحرب في مران وتسليم نفسه للدولة لكنه لم يصبح إلا والقذائف والدانات على رأسه.. وكذلك هو الذي قاد الحرب ضدّ الجنوب وفريقه من المشائخ والكهّان.

> نعرف جميعا أن علي محسن لم يكن رئيسا لليمن، ولم يخرج الشعب لانتخابه رئيسا له في يوما ما؟

– أخي العزيز، علي محسن يصرح أكثر من مرة بأنه كان الشخص الأوّل…

> ولكنه استدرك: أحيانا..؟

– لا, لا. قال: كنت الرجل الأوّل في فترة علي عبدالله صالح، وهو يتباهى بذلك، والذي نعرفه نحن من سابق ومن خلال معرفتنا بالنّاس أنّه كلّما أتى شيخ من المشايخ أو ضابط أو سياسي أومسئول أو أي شخص لمقابلة الرئيس سرعان ما يحيله الرئيس إلى عند علي محسن، وقد كان “عيبة” الأسرار، هو مشارك للرئيس خلال كلّ فترته السابقة وهو الشخص الأوّل أو الثّاني في الحكم وبين عشيّة وضحاها يتحول إلى ثائر ومصلح ويزكّي نفسه بطريقة عجيبة، الشيء الثاني: إننا حين نمر في الشوارع لا نرى عمارات علي عبدالله صالح ولا أراضيه ولا الآكام التي نهبها من حق الدولة وباعها، ولا أراضيه ولا بنوكه ولا أسواقه، لكن كلّ النّاس يعرفون أن البنك الفلاني والأرضية الفلانيّة والعمارة الفلانيّة لمن ملكوا الأرض ومن عليها وبالأخير يقولون لنا اليوم “النظام السابق”! أي نظام سابق؟ هل رأيت أنت أراضي لعلي عبدالله صالح أو بيوتاً أو عقارات؟ على الأقل هذا ما نراه ظاهرا والباطن لايعلمه إلا الله كما أنّه وأسرته مهذبون وحسنو التعامل ولم نسمع عنهم ماسمعناه فقط في هذا العام من المسئولين الجدد من استخفاف بالنّاس هم وأبناؤهم، كما أن الفضائح السياسية والمالية وغيرها تأتي من هؤلاء.

> الحديث يجر بعضه بعضا ويبدو أنّك قد أخرجتني عن بعض الأفكار التي لدي.. أقول: كأني بك غير راضٍ عن الربيع العربي الذي نحن في اليمن جزء منه؟

– أنت لو تتبعت ما كتبناه وما قلناه وما قاله غيرنا أيضا منذ أواخر التسعينيات وإلى اليوم لوجدت أن الكثير من النّاس كانوا يتنبؤون أن هناك مشروعا قادما لتفتيت الأمّة العربية والاسلامية ولتمزيقها ولاستغلال كلّ الخلافات البينيّة من أجل خلق ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد الذي بموجبه تحدث فوضى خلّاقة تدمّر كلّ شيء، ومن أنقاض هذا الركام أو من رحم الأحداث كما قالت كونداليزا رايس سيخلق الشرق الأوسط الجديد! وسارت الأمور بهذا الاتجاه، فأول ما سقطت كابول وبعدها بغداد كان ينبئنا جورج بوش والقيادات المتصهينة في أمريكا أننا قادمون، وبسقوط بغداد تسقط بعدها كلّ العواصم العربية، لكن مقاومة بغداد والعراق العظيم الصامد لفترة من الوقت جعلت هذا المشروع يتأجل، وشيئا فشيئا بدأت المغازلات بين القوى الدينيّة “الإسلاميّة” سواء كانت شيعيّة أم سنيّة للأسف مع هذا المشروع، ووصل الأمر إلى تسلم هذه الجماعات لأوضاع كثير من البلدان وقياداتها من أجل تدميرها.. باختصار كما قال أحد كبار المثقفين العرب: إن لم يكن الربيع العربي ضدّ الهيمنة الامريكية والصهيونية على مقدراتنا فهو خريف حارق وهذا مانحن عليه للأسف.

> أي أنّ ما حصل من ثورات في بعض البلدان العربية مخطط له من قبل الأعداء؟!

– طبعا. وهذا أمر مخطط له منذ عقود بل منذ قرون وقد أصبح معلوما عند كلّ المتتبعين أننا بهذا الربيع الملعون نسير باتجاه سايكسبيكو جديد تجزّئ المجزأ وتدمر المدمّر وتحيل المشرق العربي والإسلامي قاعا صفصفا من الدّمار فلا يبقى إلا منارة الصهيونية تحكم الجميع وتؤدبهم بعدها.. ولكن لله تدبير آخر إن شاء الله.

> الواضح أن الشعوب العربية اليوم تحررت من طغاتها المستبدّين، فهل من مصلحة الغرب إيجاد شعوب حرة تقول لإسرائيل: لا؟

– أنا لا أرى هذه الحرية إطلاقا، ولست أدري هل عندي عشى الألوان؟ ما أراه أنّه تم تدمير كلّ شيء، ولا نزال سائرين في طريق التدمير ومن يرى مايدور في بلاد المشرق والمغرب العربي يرى ما الذي استجد حقيقة غير الدّمار والفوضى المرعبة وتسليم مقاليد الأمور لأعداء الأمّة وتدمير كلّ منارات العزّ التي كانت باقية.

> ربما خسرنا قليلا، ولكن خسرنا لنربح.. أضرب لك مثلا.. مصر اليوم رئيس وزرائها يساند الفلسطينيين ويناصرهم في غزة في الحرب عليها قبل أيام ومثله وزراء وحكومات دول أخرى، وهذا لم يحصل من قبل لقد كان في عداد المستحيل ربما في نظر البعض؟

– والله من خلال تتبعنا، وما نقلته وسائل الإعلام قرأنا عن صحيفة “يديعوت أحرونوت” بالحرف الواحد بأنه تم السماح لخالد مشعل بدخول غزة بشرط أن يرفع علم الانتداب الفرنسي السوري هناك، وتساءل النّاس لما ذا لم يدخل معه رمضان شلح قائد الجهاد الإسلامي وكان الأصل أن يدخل الإثنان معا؟ فأتى الجواب من أحد قادة الحركة بأن الإخوان المصريين أبلغوهم بأنه لو دخل رمضان شلح إلى غزة فإن الاسرائيليين في حل من التهدئة.

ماحصل في غزة ليس نتاج الربيع العربي ولا نتاج مصر ولكن نتاج دعم سخيّ من إيران بالمال والسلاح قلب المعادلة في فسطين والآن هناك محاولة لاستعادة زمام المبادرة من خلال القيادة الجديدة للأسف.

> تتهم الجماعة أو الإخوان بشكل عام بصفقات سرية مع الكيان الصهيوني كما يبدو لي.. أليس كذلك؟

– نعم. وقد نشرت ذلك كلّ المواقع، وقد سمعنا أنّه لم تتم التهدئة إلا بعد أن وضعت أجهزة المراقبة على طول الحدود المصرية وتعهدت الجماعة بعدم دخول السلاح، وهذا معروف، أنا أتكلم طبعا من خلال ما سمعت من أخبار نشرت ولا تزال الترتيبات في طريقها للإنجاز ويكفي أن تعرف أن الرئيس مرسي وصف بيريز رسميا بأنه الصديق الوفي أنا أتحدث عن اخوان مسلمين موجودين الآن تنكروا لتاريخ الإمام البناء وفكره وحركته وتحالفوا مع الأعداء ويجب أن تتنبه لذلك.

> على ذكر مصر كيف تنظر إلى وضع الشارع المصري اليوم؟

– ربما أنّك تعرف التخبّط الذي يعيشه إخواننا في مصر، وعندما ترى ما يدور وتقارن الوضع بما كان تقول: أنّ وضع حسني مبارك كان أحسن بكثير على الأقل حسني وحزبه جمع الشعب المصري ضدّه ومرسي وحزبه قسّموا الشارع المصري قسمين.

>هذا حراك المرحلة ومخاضات التحولات السياسية وقد يراه البعض ظاهرة إيجابيّة؟ ثم إن بسمة الوليد تنسي آلام المخاض في النهاية؟

– المقدمات الصحيحة تنتهي بنتائج صحيحة والمقدمات الخاطئة تنتهي بنتائج خاطئة. إخواننا في مصر مرتبكون وضعوا أيديهم في أيدي أعداء الله وأرادوا أن يتعجلوا الأمور وتصرفوا باعتبارهم ورثة الكون معتقدين أنّه عندما يتمكنوا بعون الأعداء سيعودون لإسلامهم ودينهم وهذا محال، فمثلا أنا سمعت من الرئيس مرسي يقول عن الدستور: أنّه لن يتم أي شيء إلا بالتوافق مع مختلف الجهات والتيارات والجماعات ثم بالأخير يستبعدهم جميعا، ليقول لهم في نهاية المطاف: مع السلامة.

> مرسي مؤخرا تنازل عن الإعلان الدستوري ودعا إلى مؤتمر حوار وطني؟

– “يضحك” المؤتمر الوطني هذا كما أظهرت بعض الكاريكاتورات أن مرسي وخمس نسخ منه إلى جانبه تتحاور مع نفسها!! كثير من القوى والتيارات والجماعات التي قامت بالثّورة ضدّ مبارك ليس لها حضور في هذا المؤتمر وكان الأمر يمكن حلّه لو أن هناك حكمة وعقلاً واستبصاراً وعدم استقواء بالغرب.

> هذا عن مصر ماذا عن اليمن من وجهة نظرك؟

– المسألة في اليمن هو وجه آخر من وجوه المشروع الكبير ولكن مرتكز المواجهة في اليمن حقيقتها خلاف بين أحمر سنحان وأحمر العصيمات!! إخواننا أولاد الأحمر على عكس أبيهم طلعت برؤوسهم أن يحكموا اليمن. أنا عندي وثائق ويكليكس كاملة وكلّ ما حصل موجود فيها من سابق وبالتاريخ.. وقد نشرت حتّى في وسائل الاعلام الموافقة لهم كالجزيرة منذ فترة.

> ما ذا قالت وثائق ويكليكس عندك؟

– قالت إن لقاء تم بين حميد الأحمر من جهة وبين المسئولين في السفارة الأمريكية قدم لهم عروضا على أساس رحيل علي عبدالله صالح ونظامه على الطريقة الأندنونيسية..

> متى تم هذا؟

– في العام 2008 أو 2009م وقدم لهم حزب الإصلاح على أساس أنّه مثل حزب الحرية والعدالة التركي، ووعد بتغيير كلّ شي له علاقة بمصالحهم، وتكلم عن علي محسن وعن علاقته بالحراكيّين والحوثيّين وغيرهم وأن علي محسن قريبه وليس قريب علي عبدالله صالح. وأنه إذا لم يقبل علي عبدالله صالح بانتخابات نزيهة في البرلمان فإنه سيفجرها في 2011م.. وفهمنا من خلال الوثائق أنّه كان راء حروب صعدة وغيرها لإضعاف الحكم.

>بالمقابل أيضا..علي عبدالله صالح كان على وفاق مع الأمريكيين وهذا معروف للقاصي والداني؟

– عودا على بدء.. قلنا من سابق: أن الأمريكان بدأوا في الفترة الأخيرة ينسقون مع القوى الدينية، علي عبدالله صالح كان يقول للأمريكان: نعم ولا. أما هؤلاء فقد أتوا وقالوا للأمريكان: نعم بدون لا. وحتى علي عبدالله صالح كان إذا انحنى للعاصفة ينحني بكبرياء، وما حصل من تجاوزات بحق الوطن في عهده هي معدودة جدا،، بينما أصحابنا فتحوا الأبواب كلها، والعجيب أنّ الأمريكان لا يزالون يطالبون المزيد وفي المقابل لا يزال إخواننا يقدمون لهم المزيد من التنازلات.

> حسنا.. لنسلم ـ افتراضا ـ أن ما ذكرت حصل لكن ماذا عن الملايين من الشباب ومن أبناء الشعب الذين خرجوا ثائرين ضدّ علي عبدالله صالح في مختلف الميادين والساحات؟

– قبل أحداث تونس ومصر كان المشترك وحلفاؤه الناقمون على الوضع، يعجزون عن إخراج مظاهرة كبيرة اللهم إلا من ألف إلى ألفي شخص فقط، فجاء مؤخرا ما سمي بالرّبيع العربي فرصة وتحرك الشباب لأهدافهم وتأثراتهم ومطامحهم فما كان من هؤلاء إلا أن ركبوا الموجة واستحوذوا على كلّ شيء ووضعوهم تحت مظلّتهم، وبالنّهاية سرقت ثورتهم وتنكّروا لهم واستكثروا عليهم حتّى مداواة الجرحى واستكثروا عليهم حتّى الوظائف وانظر اليوم ما الذي يحصل للشباب، خيامهم تحترق كلّ يوم، التفجيرات.. الجرحى.. أين هم الجرحى؟ لم يلتفتوا إلى أحوالهم. ما الذي حصل في موفمبيك مؤخرا. نحن نتكلم عن متاجرين بقضايا الوطن، متاجرين بقضايا الدّين طامعين بالحكم والسلطة، مع أن هؤلاء مختلفون، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى.

> لكن من غير المعقول أن حميد الأحمر هو من يحرك الشارع ويقود كلّ هذه الجماهير، حميد بالنهاية عضو في التجمع اليمني للإصلاح ولا تعطيه أكبر من قدره؟

– والله هذا ما يدعيه هو، وما نقرأه في الوثائق أيضا، هو يدعي ذلك من خلال مقابلاته في مختلف القنوات والصحف العالمية.

> دعك من ادعاءاته.. ليقل ما شاء، لكن ما هو الواقع؟

– الرجل له علاقاته السياسيّة والاجتماعيّة والتجاريّة، وله حضوره وله علاقاته الإقليميّة، وهو يستلم ويسلم،ويشتري الولاءات والمواقف ويهيمن على القوى.

> طيب هذا عن حميد وسواء صح ما ذهبت إليه أم لم يصح بكامله.. ما ذا عن التجمع اليمني للإصلاح كحزب سياسي؟

– أنا لم أسمع أي صوت في الإصلاح يخالف صوت حميد الأحمر…

> “مقاطعا” عفوا ليس بالضرورة أن تختلف الأصوات المصرحة في القنوات التلفزيونية وتتقاطع مع حميد الأحمر؟

– حتّى لو ظهر صوت سرعان ما يقمع، وكما سمعنا أن حميد قال لأحد مشائخه في الإصلاح وقد اختلف معه أنّه سيربطه بعمامته!! لأنه هو الذي يقدم الفلوس وهو الذي يتصدر المشهد.

> في النهاية الإصلاح حزب في منظومة اللقاء المشترك وهي عدّة أحزاب كما تعرف، ولها رئيس دوري كلّ فترة من الجميع، ماذا عن هؤلاء؟ وتحديدا الاشتراكي والناصري؟ هل هؤلاء أيضا يقودهم حميد الأحمر؟!

– نعم.

> كيف؟

– كيف كيف؟ أنت عليك أن تعرف كيف؟ هل لهم صوت يختلف عن صوت الإصلاح مثلا أو صوت حميد الأحمر؟ هل بمقدورهم أن يحقّقوا أيّة مشيئة معارضة لمشيئته؟

> الاشتراكي والناصري إلى الليبرالية أقرب منها إلى أي فكر آخر ونعرف جميعا أن لها نزوع وطني خلاق وفلسفة مغايرة بعض الشيء عن فلسفة الإصلاح؟ الاشتراكيون رجالات فكر وتنوير؟

– طبعا أنت عندما لا تستطيع أن تحقّق شيئا لوحدك فيمكن في لحظة من اللحظات أن تقبل بأي شيء إذا تسنى لك تحقيق ولو عشر هذا الشيء بغيرك، أنا إذا لم أستطع أن أحرك الشارع أو أتعامل مع الخليج أو مع أمريكا ووجدت من يعرض علي عظمة من ذبيحة كبيرة فسأضطر للقبول ولو بالحدّ الأدنى.

> يعني هؤلاء دائرون في فلك الإصلاح، والإصلاح دائر في فلك حميد الأحمر؟

……………….

>أين ذهبت قوّة علي عبدالله صالح التي كانت مساندة له وكانت عادة ما تمنح الأغلبية المريحة؟

– علي عبدالله صالح أعتقد أنّه حكيم ويقرأ الأوضاع العالمية والإقليمية قراءة واقعية وجيّدة، عندما رأى أن الإرادة الدوليّة تتجه باتجاه معين في المنطقة ترك الجمل بما حمل ولكن بشروطه هو وليس بشروطهم هم وما كان بإمكانه إلا ذلك من أجل الجميع وخصوصا البلاد والشعب الذي حكمه لثلث قرن.

> ما ذا تريد أن تقول تحديدا؟

– أمريكا التي تخلت عن أكبر عملائها الحقيقيين في لحظة واحدة وحرجة قررت أن تتخلى عن غيرهم ممن هو أقرب إلى أعدائها.. وأنت تعرف أن انتخابات 2006م الرئاسية شهد لها الأمريكان والاتحاد الأوروبي والعالم بنزاهتها، كلهم قالوا بنزاهتها.. ولكن لم يكن ذلك ليشفع لأحد مادام وقد وجد البديل الأكثر قبولا.

> ولكن علي محسن قال: إنّ الفائز في تلك الانتخابات هو فيصل بن شملان؟!!

– قالوا: إنّ الكمبيوتر حق الفرقة قال هكذا!! يا أخي المشكلة في علي عبدالله صالح أنّه أطلق أيادي المفسدين على عباد الله وظلوا في فسادهم على ما هم عليه، وقد ظهر عليهم الأشر والبطر اليوم. اليوم نرى حقدا أسود على علي عبدالله صالح، يا أخي التقارير الأوروبية تقول أن 83 % من نتائج الانتخابات صحيحة، والباقية فيها عوار بسيط، لكنها لا ترقى إلى الطعن في شرعيته مثل بعض المخالفات الفنية الصغيرة، كأن يعلقوا صورته على السيارة يوم الاقتراع أو شيء من هذا. السفير الفرنسي قال: إن هذه الانتخابات صحيحة، وكذا المعهد الديمقراطي، كلهم شهدوا بنزاهتها.. بعثة الكونجرس.

> لكن أين تماهت هذه النسبة واختفت في الآونة الأخيرة حين خرج الشعب ثائرا ضده ينادونه بالرحيل؟!

– لم تتماه، هي موجودة، هل تفتكر أن ما حصل في اليمن يشبه الذي حصل في مصر أو تونس؟ أنت تعرف أنّه من بعد تصريح محمد قحطان كانت الساحات من التحرير إلى السبعين تمتلئ بالجماهير المؤيدة له، لكن المشكلة في الإرادة الدولية كانت قد توجهت وانتهى الأمر، والاعلام المتحيّز عربيّا وعالميّا فعل الأفاعيل ليحدث الانقلاب المطلوب ووصل الأمر إلى حد التآمر وأنا لا أستبعد ضلوع القوى الدولية في حادث الرئاسة.

> الحادث لا يزال غامضا على كثير حتّى الآن ما ذا ترى أنت؟

– أراه أنّه ضمن المخطط، أمريكا وحلفاؤها كانت معهم إلى حدّ أن جون برينان لمّا زار علي عبدالله صالح إلى المستشفى هدّده كي لايعود وقيل أنّه قال له: إنّ ما حدث ممكن أن يتكرر إن عاد إلى اليمن.

>سألتك عن قوّة علي عبدالله صالح وجماهيريته؟

– القوى كانت متوازنة، هذا الظاهر طبعا لمن كان يرى الميادين المتقابلة بأمّ عينيه وليس بعيني العربية والجزيرة؛ أما الباطن فأمّي وأمّك وجدّتي وجدّتك وأبي وأبوك فكلّهم مع علي عبدالله صالح. كان النّاس يخرجون إلى ميدان السبعين لمناصرته ويأتون من محافظات أخرى وليس لهم حقّ المواصلات فيما تضخّ المليارات للجانب الآخر لتدبير كلّ شيء. وتخيّل علي عبدالله صالح لو اتخذ نفس موقف الرئيس السوري أو القذافي ما الذي سيحصل؟ ثم ما هي القوة التي سيتغلبون بها علي عبدالله صالح؟ الرجل له علاقاته العامة بالوجاهات الاجتماعية بالقبائل، له علاقاته بالناس، له جماهيريته، له قوة الجيش، أما المنشقون فأرقام وهمية فقط، وأنت تعرف الفساد كان ينخر فيهم ولا يزال، وقد سمعت من الدكتور رياض القرشي وهو يتكلم عن الحرس بأنه قوة مهنية مدربة تدريبا حديثا وقويا، بينما مثلا أحد الثوار كماسمعت من القادة العسكريين كان في تعز وكان يقول أن لديه ستة عشر ألفا فطلبوا منه ثلاثة آلاف لضمهم إلى جنود الحرب في صعدة سابقا وفي الأخير لم يجدوا إلا 800 فرد داخل معسكره!! وهذا من الثوار طبعا والعهدة على الراوي وهكذا كانت ولا زالت معسكراتهم ومن خلال هذه الطرق نهبوا مال الشعب واثروا على حسابه.

> ما رأيك بواقع المؤتمر الشعبي العام ومستقبله في الوقت الحالي؟

– قلت لك سابقا: أنّه عندما تجتمع الإرادة الدولية والإقليمية على موقف معين سرعان ما تتلاشى أمامها قوة أي طائفة أو حزب أو جماعة ما، خاصة من بعد سقوط الاتحاد السوفيتي الذي كان يحفظ للعالم نوعا من التوازن، (ولولا دفع الله النّاس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) لكن الآن أصبحت قوة القطب الواحد هي المهيمنة، لولا الحكمة ولولا امتصاص الضربات التي توجهت للمؤتمر ولعلي عبدالله صالح لكان انتهى الجميع، ولو سقط التوازن عندنا لسقطنا كلنا في أيدي قوى لا ترحم.، تخيل في موضوع الهيكلة اليوم يسلمون لهم كشوفات دقيقة بكل الأسلحة التي تملكها الدولة، هناك من يبحث منذ سنوات عن هذه المعلومات ولم نكن نتوقع الوصول إلى هذا الحد!

> ما يتعلق بالحوار الوطني تم تسليم التقرير النهائي لرئيس الجمهورية وقالو: إن الحوار سيبدأ قريبا هل أنت متفائل بالحوار؟

– والله يا أخي لست متفائلا بهذا الحوار، لأنّ أمريكا تريد شيئا، وتريد أن تفرض رؤاها، تخيّل على مستوى الدستور اليوم الفرنسيون هم من يعدّونه، هل انعدمت الكوادر اليمنيّة التي تضع دستورا لها؟ الشريعة الإسلاميّة من أبدع الشرائع التي تكتنز بالتشريعات الراقية، ودساتيرنا السابقة من أبدع الدساتير وأرقاها لأنّها صاغها لنا علماء أجلاء يعرفون الشريعة ويعرفون القوانين، اليوم يأتي لنا فريق من فرنسا يعمل لنا دستورا، وتخيّل سينصب كامل اهتمامهم على المرأة، على المجتمع المدني.. على قضايا ثانوية، أكمل تشريع للمرأة وللرجل هي في الشريعة الإسلامية..

>لكنّ قضيّة المرأة وقضيّة المجتمع المدني قضايا وإشكاليّات نعاني منها في الوقت الراهن..؟

– ليناقشها علماء عارفون بالشريعة، عارفون بتاريخنا، عارفون بفقهنا، وعلى فكرة فدستورنا الحالي من أكمل الدساتير ولا داعي لتغييره، إذا كان ولا بد فيمكن إحداث تعديلات بسيطة فيه لا تغيير نهائي. هم يريدون إعادة خلقنا بطريقة أخرى، بطريقة تفصلنا عن قيمنا وأخلاقنا وديننا… أعضاء لجنة الحوار اليوم ليسوا أهل الحلّ والعقد، والكثير منهم ليسوا مفكّرين ولا علماء ولا وجهاء، هل هؤلاء من الممكن أن يصنعوا مستقبل اليمن؟ وانظر إلى اشتراطات الكثير منهم، أحدهم يريد أن يخرج علي عبدالله صالح من البلاد، والآخر يريد ما يريد، هم يظنّون أن بقاء علي عبدالله صالح سيفوّت عليهم بقاءهم في السلطة، وهؤلاء يستقوون بأمريكا وبقطر وغيرهما وقد نهانا الله أن نتخذ الكفار أولياء… نحن لم نعتمد على قيمنا وأخلاقنا وشرائعنا.

> المبادرة الخليجيّة هي سعودية والسعودية دولة إسلامية وجارة شقيقة..؟

– لا أظن أن للسعودية رأياً مستقلاً، عاد “سيّدنا معه سيد” كما يقولون. بل وحتى أمريكا نفسها لاتزال خاضعة للوبي الصهيوني فيها.

>كيف تنظر إلى المسألة الحوثيّة.. الواقع والمستقبل؟

– لا أرى استبعاد أي شخص أو جماعة أبدا، الحوثيون نحاكمهم بشريعة الله وبقوانين الله وقوانين الدولة، لماذا نقف ضدّ الحوثيين أو الحراكيين أو حتّى القاعدة؟ لا تستبعد أي قوة أبدا، أنا أستغرب أنّ كلّ الفرقاء ذكروا ولم يذكر الملكيون وهم من اليمن ومحرّم عليهم العودة إليها والمشاركة فيها، يؤسفني أن يجتمع الجميع على حرمان أرامل وأيتام لحكّام ذهبوا ويحرمون كلّ حقوقهم بما فيهم حقّ المشاركة في الحوار والعودة إلى بلدانهم.

>ما رأيك بمن ينادي اليوم بالخلافة الإسلامية؟

– يا أخي الخلافة المحمديّة، والصدّيقيّة والعمريّة والعثمانيّة والعلويّة والحسنيّة هذا حلمنا وهذه بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا وعدنا من الله ومن الرسول.

> أخيرا عُرف الأستاذ عبد الجبّار سعد أنّه صدّامي حتّى النخاع ومحبّ للرئيس الراحل صدّام حسين رحمه الله، لكنّه في الآونة الأخيرة ترك الكتابة عنه والقصائد فيه..؟

– ماذا تريد أن تسمع؟ لو دخلت موقعي ستجد أن ثلاثة أرباع دواويني وقصائدي في صدّام حسين رحمه الله، وأنا تكلمت عن صدّام حين كان النّاس يذمّونه، لكن اليوم النّاس كلهم يمدحونه فالحمدلله ومع هذا فما وجدت مناسبة إلا وقلت فيه قولا.. ألدّ أعدائه عرفوا حقيقته، وأنا محبّ لكل من يقاوم الطغيان الأمريكي والظلم أينما كان، وصدّام كان نموذجا للمقاوم للظلم.

>كيف تقرأ مستقبل اليمن خلال الفترة القادمة؟

– مستقبل اليمن مرتبط بمستقبل الوطن العربي، وهو مرتبط بالعالم أيضا، نحن على مشارف تغيير كوني، وربما تتقلص الهيمنة الأمريكية وتعود الأمور إلى أيدي أصحابها.. ونحن متفائلون بمستقبل الأمّة وواثقون بالله وبمقدرات أمّتنا الإيمانيّة.

" الجمهورية "

زر الذهاب إلى الأعلى