تحليلات

توحيد الجيش قرار سياسي لاعلاقة له بالهيكلة !

توحيد الجيش قرار سياسي بيد رئيس الجمهورية القائد الاعلى للقوات المسلحة المشير عبد ربه منصور هادي وترجمته المباشرة هي اصدار قرارات جمهورية تقضي باقالة قائدي الوية الفرقة ا

لاولى مدرع والوية الحرس الجمهوري وغيرهما ممن لا يزالون يمثلون حالة انشقاق داخل صفوف القوات المسلحة واجهزة الامن المختلفة. 
هو ايضا قرار سياسي حال ولا يحتمل التاخير بل انه قد تاخر كثيرا واصبح تاجيلة وعدم الاصرار عليه يمثل خيانة وطنية حقيقية قد تتسبب بانهيار الجيش وتفجر القتال والعنف المتشظي في كل مكان .

لم يعد قرار اقالة رموز سلطة سبعة يوليو 14وقادة الحرب والفيد الذين اجتاحوا الجنوب ودمروا شراكة الجنوبيين في دولة الوحدة شرطا ضروريا وتطمينيا للحراك الجنوبي للدخول في الحوار الوطني المزمع اجراءه قريبا وهكذا الامر بالنسبة لتطمين الحوثيين وانصارهم في اقالة الرموز نفسها التي فجرت ستة حروب في صعدة وقتلت ابنائها وشردتهم ولا تزال تتصدر المشهد وتحدد مساره حتى الان .

كما ان انهاء الانقسام في صفوف القوات المسلحة والامن لم يعد يمثل احد اهداف ثورة 11فبراير 2011م التي قدم في سبيلها اليمنيون تضحيات جسام ولا مجرد بند من البنود العشرين التي اقرتها لجنة الحوار لانجاح الحوار الوطني خصوصا بعد ان اصبح الانشقاق واطرافه على الارض يمثلون خطرا او تهديدا على بعض اطراف الحوار ويحددون سقف رؤاهم ومقترحاتهم بل انه اليوم اهم واخطر من ذلك كله .

..توحيد الجيش اصبح هو العنوان لكل ماسبق الاشارة اليه من ناحية ويمثل – من ناحية اخرى – بارقة الضوء الوحيدة التي يمكن ان تفتح لليمنين الامل من جديد بعد ان اغلقت السبل واصبحت الدولة نفسها او ما تبقى منها على خطر عظيم بسبب هذا الوضع الشاذ في كل مناحي السلطة وداخل صفوف القوات المسلحة والامن تحديدا .

على القائد الاعلى للقوات المسلحة ممثلا بشخص المشير عبد ربه منثصور هادي ان يعي جيدا بان انقسام الجيش في راسه او في قيادته في ظل حالة العداء المستحكم بين راسي الصراع قد انعكس منذ اللحظة الاولى للانشقاق خطرا داهما على كل جسد الجيش وعلى كل كتيبة وسرية وفي كل موقع ومعسكر في طول البلاد وعرضها وهذا هو الخطر غير المنظور وهو السبب المباشر الذي عرض ويعرض معنويات الجيش للنهيار ويجعل معسكراته عرضة للسقوط والاستسلام الكامل في حالة الاعتداء عليها او اقتحامها ونهب اسلحتها ومعداتها من قبل اي طرف معتد او متحفز للصراع كما حدث مع مقاتلين محدودين من القاعدة والقبائل في الاشهر الماضية وفي اكثر من محافظة وكما يحدث الان من تجاذب واتهامات متبادلة حول ولاء قائد الوية الفرقة للاصلاح وقائد الوية الحرس للحوثيين وامكانية ان تتسرب اسلحة وولاءات لاي منهما مع استمرار حالة التجاذب والتربص والقلق الذي خلقته هذه الحالة الانشقاقية وبين اهم الوية الجيش اليمني القتالية .

كما ان على الرئيس هادي والقوى السياسية جميعها ان تعرف ايضا بان استمرار الانقسام في صفوف القوات المسلحة لم يعطل فقط قواتنا المسلحة والامن عن اداء مهاما الدستورية في الحفاظ على السيادة وفي الحفاظ على امن واستقرار البلاد وحسب بل وعطل الدولة بكاملها عن مسؤوليتها الدستورية وساهم في شل حركة مؤسساتها ومسئوليها بداء من رئيس الجمهورية نفسه مرورا برئيس الوزراء ووزيري الداخلية والدفاع الذين اصبحوا محاصرين بالخوف من داخلهم من ناحية ومن انفجار الوضع على رؤسهم من ناحية اخرى واصبح هذا الرعب المخجل يتحكم بادائهم لاعمالهم ويحدد حركاتهم وسكناتهم والى درجة اصبح كل واحد منهم يمارس مهامه من منزله او من داخل معسكراته ومليشياته هنا وهناك 
يدرك الرئس والقوى السياسية ايضا جيدا ان هذا الانقسام قد تحول مع الوقت وشيئا فشيئا الى غطاء او الى عامل من عوامل الانفلات الامني وعمليات القتل والاغتيال التي ما كان لها ان تتواصل او يتسع نطاقها لولا هذه الحالة الانقسامية والصراعية الشاذة داخل مؤسسة سيادية يفترض انها عنوان الوحدة الوطنية والضامن الاهم للحفاظ عليها .

وعلى هذا وما هو اخطر من هذا يصبح انهاء الانشقاق داخل قيادة القوات المسلحة قرارا سياسيا حال لا يحتمل التاخير بل انه قد تاخر كما اسلفنا كثيرا وهو ما كان يدرك اهميته من اشرف على انجاز الالية المزمنة للمبادرة الخليجية والتي نصت بصراحة ووضوح على اولوية انهاء حالة الانشقاق داخل الجيش ورفع المسلحين والمقاتلين من شوارع المدن والطرقات العامة خلال خمسة ايام فقط وحتى قبل تشكيل حكومة الوفاق واجراء الانتخابات الرئاسية غير ان الرئيس هادي ولاسباب غير مفهومة قبل باستمرار حالة الانشقاق وتعايش معها ربما دون ادراك لخطورتها وربما انه اعتقد خطاء ان الابقاء على هذا الوضع الشاذ سيجعله محل رضاء من طرفي الصراع دون ملاحظة ما يقتضيه موقعه من مسئوليات تجاه شعبه وانه اصلا مسئول عن حماية الناس وعن وحدة وامن واستقرار البلاد قبل ان يكون مسئولا عن حماية نفسه والبحث لها عن مكانة بين امراء الحرب المتصارعين من حوله وفي محيط منزله …الثكنة .

الهيكلة امر اَخر !
—-
يبقى ان نقول بان انهاء الانقسام واقالة كل من قائد الوية الفرقة والوية الحرس وكل من لا يزال يمثل حالة تجاذب او صراع في صفوف القوات المسلحة والامن هو امر مختلف تماما عن ما يسمى بهيكلة الجيش وحتى الالية المزمنة فرقت بين العمليتين وجعلت لكل منهما اليته وزمن تنفيذه ولكن البعض تعمد الخلط بينهما من اول لحظة و لاهداف سياسية وبما يجعل قبوله بالاول شرطا او ورقة ضغط لتحقيق مكاسب في الثاني.
واذا كان قرار توحيد الجيش قرار سياسي فان عملية الهيكلة ليست قرار سايسي ولا يجوز تسييسها اصلا بل ان تسييس الهيكلة يعني جعل الجيش محلا للتجاذب السياسي والحزبي بين الاطراف المختلفة .
الهيكلة كما نفهمها هي عبارة عن رؤية وخطة رسمية يفترض اقرارها واعلانها رسميا من قبل رئاسة اركان الجيش وقادة الوحدات العسكرية المختلفة وتتعلق في الاساس باعادة تنظيم وتوزيع وحدات القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية بما يحقق مصلحة البلاد وحفظ امنها وسيادتها ويؤكد ولائها للوطن والشعب بعيدا عن الولاءات الحزيبة والاسرية والجهوية وهي بهذا المعنى عملية علمية وعسكرية تخضع لقانون القوات المسلحة وللمعايير العلمية والعسكرية والامنية وينبغي ان تتم بهدوء وفي ظروف مواتية بعيدا عن حالة التوتر والتجاذب التي يتم بها ما يسمى بهيكلة الجيش اليوم واذا كان ولا بد من السياسية هنا فلتكن بابعاد وطنية عامة وليس حزبية او شخصية وينبغي ان تكون بمشاركة كل الاطراف وليس حكرا بطرف او طرفين كما يتم الان بمعنى اخر لماذا لا تكون الهيكلة للجيش بمعناها السابق جزء من عملية الحوار الوطني لا جزء من القرار السياسي والحزبي والمحاصصي الذي يكرس انقسام الجيش ويسهم في تمزيقة ومن ثم انهياره. 

المشكلة ان ما جرى ويجري اليوم هو ان رئيس الجمهورية يتعمد تاخير القرار السياسي الخاص بانهاء الانقسام في صفوف الجيس مقابل تسييس عملية الهيكلة وتوزيع وحداتها بدوافع سياسية وانتقامية بحتة وهو امر عجيب غريب ويجب ان لا يستمر كذلك ابدا.

*تغريدة !

لوكان ما يسمى بهيكلة الجيش عملية وطنية فعلا لكان اول ما يجب معالجته هي اوضاع جيش الجنوب الذي تم تسريحه قسرا بعد حرب 1994م بدلا من تقاسم التعيينات الجديدة في المناطق العسكرية وفي قيادات الالوية على قاعدة المحاصصة بين انصار هادي و انصار محسن
—-
 صحيفة الاولى

زر الذهاب إلى الأعلى