تحليلات

موازين القوى ولعبة الحسابات الخاطئة!!.. أنور نعمان راجح

من الواضح أن حروب تحريك الخرائط تقترب أكثر فأكثر مع مرور الوقت في المنطقة, وهي الان في طور التهيئة الاخيرة لها, وأعتقد أن ثمة خرائط سوف تتحرك من تلقاء الظروف الراهنة قبل مرحلة الحرب المتوقعة, والتي ستكون حاسمة في الأماكن لتي تستعصي فيها الخرائط على الحركة.

هذه الفرضية التي لها شواهد قوية في الواقع يجري تجاهلها وربما يعتبرها البعض ضد ما يسمى بـ"الربيع العربي" الذي لم يعد ربيعاً بعد أن أمتد يشمل كل الفصول وتحول إلى صراع بإشكال مختلفة يتآمر فيها البعض على مستقبل منطقته, وعلى أنفسهم في خاتمة المطاف.

اليوم لا يمكن إنكار حقيقة اختلال التوازن في المنطقة والأمور تتجه نحو المزيد منه مع استمرار الصراعات الداخلية في كثير من الأقطار واهدار للمقدرات في صراع على السلطة يسمونه بغير اسمه لتضليل الرأي العام وكشرط من شروط اللعبة المؤدية إلى إعادة رسم خريطة المنطقة.

بالتأكيد تبقى الجغرافيا ثابتة ولا يمكن سحبها إلى أماكن أخرى, ولكن تجزئة تلك الجغرافيا لتظهر دويلات أخرى, وكيانات جديدة مع تداخل هنا وانسحاب هناك واتحاد كيانات تتوزع على خارطة أكثر من دولة, كل ذلك يعني تحريك الخرائط جغرافياً وسكانياً وظهور دويلات مذهبية ودينية وقومية وعرقية.

بدأ اختلال موازين القوى في المنطقة في سقوط دولة العراق من كفة التوازن وأن كان توازناً غير كامل, لكن الخلل الذي خلفه ذلك السقوط ظهرت نتائجه فيما بعد وصولاً إلى اللحظة الراهنة, وأن حاول البعض تجاهله أو التقليل من شأنه هروباً من ذنب التواطؤ وخطأ الحسابات .

وفي سوريا يراد للصراع فيها أن يطول كثيراً لتدمير قواتها العسكرية وبنيتها التحتية والاقتصادية التي كانت إلى حدٍ كبير لا بأس بها, ولان شروط اللعبة لا تعتمد على طرف من الأطراف الداخلية بقدر اعتمادها على إضعاف الدولة ومن ثم لن يستطيع الحكام الذين سيصلون إلى سدة الحكم الوقوف على أرضية صلبة وسيجدون أنفسهم يرتمون بأحضان الداعمين لهم وكل ذلك على حساب المبادئ والسيادة, وقبل هذا تبقى احتمالات التشظي وإرادة بقوة وعندما تسقط الدولة السورية – وأؤكد الدولة السورية – وينشغل من فيها بالكارثة وفي الصراع الأهلي, سوف تتجه الأوضاع نحو المحطة التالية وهي الدول التي لم يصل إليها (مسلسل الربيع العربي) في نسخته الأولى.

وعلى اللذين رقصوا وتمايلوا على إيقاع الخراب في العراق أولاً ثم سوريا وأماكن أخرى, عليهم ان يستعدوا جيداً للشرب من الكأس نفسها ولعل مرارتها تكون أشد.

الحدث الأكبر في المنطقة يتعلق بإيران وإمكانية حدوث مواجهة بينها وبين الغرب.. ولكن على افتراض صحة ذلك يجب ألا يتكرر الخطأ العربي الذي حدث مع العراق, لأن اختلال التوازن هذه المرة سوف تكون نتائجه أكثر كارثية, وسوف نعم سلبياته كامل المنطقة, ومهما يكن خلاف البعض مع إيران فمن المهم أن يدركوا أن خروج الاتحاد السوفيتي سابقاً من لعبة التوازن العالمي أدى إلى نتائج سيئة في العالم..

وبالتأكيد ينطبق هذا الأمر على مستوى المنطقة, والأفضل لإيران والعرب أن يجدوا وسيلة تفاهم تحفظ لهم علاقات طيبة ومتوازنة, وذلك أفضل وأضمن من الذي يحدث الآن وما قد يحدث فيما لو خرجت إيران من لعبة التوازنات القائمة, أو سقط العرب في دوامة الفوضى والعنف والفشل فسوف تصبح إيران الهدف الأول وكذلك الحال بالنسبة للبقية الباقية من الدول العربية المنخرطة في اللعب مع الكبار للاستفادة منه في تنفيذ سياسات ومشاريع آنية, والنتيجة أنهم سيكتشفون في ما بعد خطأ الحسابات وسوء العمل وعاقبة المؤامرة المتبادلة.

عن:اليمن اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى