تحليلات

خوض حرب يرفضها الشعب مع سوريا سيكلف تركيا كل غال ونفيس

(شينخوا) في حال ما إذا قررت تركيا خوض حرب مع جارتها الجنوبية سوريا، سيشكل ذلك تحديا هائلا أمام تركيا سواء خاضتها وحدها او بالتعاون مع البلدان الأخرى ، حسبما يقول المحللون.

فقد تصاعدت بالفعل حدة التوترات بين الحليفتين السابقتين حتى بلغت ذروة جديدة حيث يرد الجيش التركي على قذائف المدفعية السورية على أساس يومي تقريبا منذ ما يزيد على أسبوع .

وفي يوم الأربعاء، أجبرت مقاتلات تركية طائرة ركاب متجهة إلى دمشق على الهبوط في مطار ايسنبوجا في العاصمة التركية أنقرة بناء على معلومات مخابراتية تقول إن الطائرة تحمل عتادا عسكريا.

وقال المحللون إن حربا مع سوريا سيكون لها تداعيات خطيرة على تركيا من حيث تزايد الإرهاب وارتفاع التكاليف الاقتصادية.

— أهوال الحرب محليا في تركيا

وإن أى تورط في سوريا من شأنه أن يلحق الضرر بالميزان الحساس للتركيبة العرقية والدينية في تركيا.

وقد حذر دوجو إرجيل أستاذ العلوم السياسية بإحدى الجامعات الكبري في اسطنبول قائلا "إن الأكراد والعلويين تربطهم صلات قرابة بآخرين في سوريا المجاورة، ما يدل على ان الحكومة السورية قد تحاول استخدام هذه الفئات لتشكل تهديدا على الأمن القومي لتركيا.

وأفادت الأنباء بأن الحكومة السورية تخلت بالفعل عن بعض المناطق في الشمال وتركتها لحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي ينظر له على انه امتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي تعتبره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا منظمة إرهابية.

وأشار عبد الحميد بيليجي الخبير في السياسات الخارجية إلى ان "أكبر خطر يواجه أنقرة يتمثل في احتمال تزايد قوة تنظيم القاعدة في ظل مناخ الفوضى السائد".

وقال المحلل التركي ياوز بايدار إن تركيا ترتكب خطأ في سياستها تجاه سوريا. وذكر أن "تركيا لديها قائمة من الأعمال التي لم تنجز بعد على صعيدها المحلي"، مضيفا ان وقوع مواجهة أعمق مع تركيا قد يثير قلقا شديدا بين أفراد شعبها.

وتظهر استطلاعات الرأى التي جرت مؤخرا أن حوالى 80 في المائة من الأتراك يعارضون خوض حرب مع سوريا.

— لعبة متعددة الأطراف

وحذر المحللون من ان نشوب حرب يرفضها الشعب مع سوريا قد تتطور أيضا إلى حرب إقليمية، إذ انها ستزج ببلدان أخري في الصراع .

وذكر سامي كوهين المحلل المتخصص في السياسات الخارجية وكاتب العمود في صحيفة ((ميلليت)) التركية أن "خوض حرب مع سوريا لن يكون هدفه إلحاق الهزيمة بسوريا".

وأضاف قائلا "إنها ستكون محفوفة بمخاطر كثيرة ستجر تركيا وسائر أنحاء المنطقة إلى مشكلات جديدة"، مؤكدا على أن الوضع السوري في غاية التعقيد.

وأعرب غولتكين اوجي المحلل العسكري التركي عن اعتقاده بأنه لا مشكلة في تعامل تركيا مع سوريا عسكريا وحدها. غير أنهه حذر من ان تركيا ستخوض حربا ليس مع سوريا فحسب وإنما مع بلدان أخرى تدعم تقليديا القيادة السورية.

وطرح سؤال يقول "إذا وقع السيناريو الأسوأ وإندلعت حرب فما هى الدولة أو الدول التي سنجد أنفسنا نخوض حربا معها ؟، ملمحا إلى ان القوى الإقليمية والعالمية تلعب لعبة شطرنج وتضع سوريا في الخط الأمامي .

وأعرب الجيش التركي أيضا عن قلقه إزاء الأسلحة الكيماوية والبيولوجية التي يعتقد ان الحكومة السورية تحوزها. وذكر وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا يوم الأربعاء أن الولايات المتحدة تساعد تركيا في التعامل مع عدد من القضايا المنبثقة عن الأزمة في سوريا ومن بينها مخاطر أن تفقد سوريا السيطرة على الأسلحة الكيماوية والبيولوجية.

— تكلفة اقتصادية باهضة

وسوف يعاني الاقتصاد التركي من الوطأة الكبرى لحرب محتملة مع سوريا ، وسوف تتضرر الميزانية بشدة من التكاليف ذات الصلة بالحرب.

وحذر الخبير الاقتصادي سيف الدين غوريل من أن الأزمة السورية والتوتر الناتج عنها في المنطقة قد يلحقان ضررا شديدا بالصادرات التركية.

وأشار إلى ان "الضرر الذي سيلحق بالصادرات التركية قد يكون أحد النتائج، ناهيك عن التكاليف الأخري مثل زيادة الإنفاق العسكري"، مضيفا ان انخفاضا طفيفا في الصادرات التركية قد يعرقل الجهود التركية الرامية إلى أحداث توازن في عجز الحساب الجاري، فيما يهدد بمزيد من الانخفاض في معدل النمو.

وكانت الحكومة التركية قد أعلنت يوم الثلاثاء انها خفضت توقعاتها للنمو لعام 2012 من 4 في المائة إلى 3.2 في المائة بسبب ضعف الطلب المحلي ووجود مشكلات مع كبار الشركاء التجاريين.

وحتى بعد الحرب، ستحتاج تركيا إلى اقتراض مبلغ كبير من المال لإعادة بناء الدولة وانعاش اقتصادها.

غير ان بعض المحللين يعتقدون ان تركيا لن تخوض حربا مع سوريا بدون دعم المجتمع الدولي.

وقد ذكر عمر تاسبينار مدير البرنامج التركي في مؤسسة ((بروكينجز)) أن "واشنطن لا ترغب في وقوع مواجهة عسكرية بين تركيا وسوريا".

زر الذهاب إلى الأعلى