أسرار ووثائق

أمير سعودي يكشف تفاصيل مثيرة عن الأسرة الحاكمة في المملكة (14)

منذ أشهر طويلة, ينشر في "تويتر" شخص, تحت أسم مستعار هو "مجتهد"تفاصيل هامة ومثيرة عن الأسرة الحاكمة في المملكة إلى أكثر من نصف مليون شخص.

بدأ "مجتهد" نشاطه في "تويتر" منذ نوفمبر العام الماضي, مسلطا الضوء على أبرز الأمراء في الأسرة المالكة السعودية, كاشفاً تفصيل ومعلومات عنهم, وعن السياسة السعودية, والاختلافات والاحتقانات بين الأمراء داخل الأسرة الحاكمة.

مروان الكامل

صراع محمد بن نايف وأحمد بن عبد العزيز في وزارة الداخلية، وفضيحة تلفيق تهمة لمواطن بريء بتزعم خلية إرهابية

نشرت هذه التغريدات في 31 أغسطس 2012.

أعلنت وزارة الداخلية اكتشاف خليتين إرهابيتين يتزعمهما سعوديان كانا قيد المتابعة وتم القبض عليهما بينما يجري البحث عن 6 يمنيين والاستيضاح من شخصين، وركزت عدة مقالات صحفية على أحد الزعيمين اللذين تم القبض عليهما، وهو مؤذن مسجد الخليل إبراهيم، وفي محاولة لإعطاء القصة إثارة ومصداقية جاءت تفاصيل الصحف وكأن مؤذن المسجد احترقت يده بسبب محاولاته إعداد المتفجرات، ثم أعلن في الصحافة طبقاً للداخلية أن الشخصين المعتقلين واللذين من بينهما مؤذن المسجد (زعيم إحدى الخليتين) أعترفا وتم تصديق اعترافاتهما. الملخص أنه تم اعتقال زعيمي الخليتين أحدهما مؤذن مسجد الخليل إبراهيم وأن يده اخترقت وفقد أصبعه أثناء تجهيز مواد كيماوية للتفجير.

المفاجأة التي يتفرد بها "مجتهد" أن الداخلية اكتشفت كارثة في القصة لا يمكن ترقيعها، ومحمد بن نايف ينوي التنكيل بالضابط الاحمق المسئول عن القضية, وسبب غضب محمد بن نايف أن الضابط البليد لم يراجع الملف جيداً وفات عليه أن فيه ما يدل على استحالة تركيب القصة على المؤذن وسهولة تكذيب الداخلية.

المؤذن المذكور هو "أحمد خالد أحمد الدويش"، عمره 21 سنة، سبق أن احترقت يده اليسرى من أنبوبة غاز قبل سنتين وأدخل المستشفى وبتر عدد من أصابع يده أدخل أحمد الدويش المستشفى في 15/11/1431هـ واستدعيت الشرطة للمستشفى حسب النظام وأكمل المحضر الأمني قبل علاجه وبقي في المستشفى قرابة الشهرين.

بعد مقابلة الشرطة له في المستشفى تمت معاينة مكان الحادث في المنزل واقتنعت الشرطة أن الحادث عارض ليس فيه أي شبهة جنائية وأقفل التحقيق نهائياً.

لكن أحمد الدويش له قصة أخرى، وهي أن والده معتقل منذ 9 سنوات، و 15 قريباً آخر معتقلون كذلك، وطبيعي أن يصبح من بين كبار النشطاء في قضايا المعتقلين، حين تحرك أقارب المعتقلين في الأشهر الأخيرة بالاعتصامات والتجمعات كان أحمد من بينهم، واعتقل في بداية رمضان وأطلق سراحه؛ ولكن هنا بدأت الحماقة، كان والد أحمد من المعتصمين في سجن الحائر وتعرض لإصابات بليغة بسبب قمع الطوارئ؛ فقررت الداخلية تخويف ذويه حتى لا يحدثوا ضجة على إصابات والدهم. وهنا تبرع أحد الضباط الذين لاحظوا بتر أصابع أحمد باختلاق قصص المتفجرات ورتبها بطريقة جميلة تناسب أسلوب الداخلية؛ لكنه لم يراجع الملف جيداً. ونظراً لأنه لا توجد أي وسيلة لتكذيب الداخلية فقد ضمنت أن القصة سوف يجري ترويجها بسهولة، وأعتقل أحمد في 20 رمضان بهذه التهمة ثم أعلن عن الخلية.

لم يكن لدى الداخلية إشكال في إخفاء تحقيق الشرطة في حادث حريق الغاز السابق؛ لكن لأنه احتاج علاجاً فستكون هناك وثائق طبية في الملف وليس تحقيق فقط وحين رأي محمد بن نايف التقارير صعق واكتشف أن الضابط الأحمق قد ورطه ورطة فادحة، وعلم أن التقارير الطبيرة لا يمكن احتكارها من قبل الداخلية ومن التقارير (هنا عرض "مجتهد" صورة للتقرير الطبي) التي أطلع عليها محمد بن نائف تقرير الخروج من المستشفى المتضمن لتشخيص ومدة البقاء ونوعية العلاج والتواريخ. كما أطلع محمد بن نائف على تقرير فيه تواريخ مراجعة المستشفى التي استمرت على مدى سنتين بسبب حاجة المصاب الماسة للمتابعة.

الكارثة التي أغضبت محمد بن نائف أن هذه التقارير لا يمكن احتكارها أبداً والتكتم عليها؛ لأنها متوفرة في المستشفى، وكل شخص لديه فهم بسيط يدرك ذلك، وكان محمد بن نائف يتمنى ألا يتسرب التقرير، وتمر الحادثة بسلام؛ لكن من حالة الدوشة التي لفقت عليه القصة كيدا بالمعتقلين من حقه أن يعلم الناس الحقيقة.

1 سبتمبر 2012:

تحدثت سابقاً عن ضعف شخصية أحمد بن عبد العزيز، وأنه رغم كونه الوزير فإنه لا يدير إلا 20 بالمائة من شئون وزارة الداخلية، والباقي بيد محمد بن نائف، وكونه لا يدير إلا 20 بالمائة من الوزارة ليس تنازلاً منه، بل هو بسبب ضعف شخصيته، وقدرة محمد بن نائف أن يقنع الملك بإبقاء الصلاحيات معه. وحاول الأمير أحمد أحمد عدة مرات الحد من نفوذ محمد بن نائف؛ لكن في كل مرة يفشل وتنقلب ضده المحاولات، بسبب شطارة محمد بن نايف، وسذاجة أحمد وعجزه عن فرض نفسه, ولا يوجد خلاف بين أحمد ومحمد على سياسة الداخلية ومنهجها في تناول كل القضايا، وإنما الخلاف على النفوذ والسلطة، وخاصة في القضايا المالية، واصطدم أحمد مع محمد حول عدد من صفقات الداخلية وعدد من التعيينات، وبقي أحمد يهش الذباب. ومنذ وفاة والده نجح محمد في  عدة صفقات تتجاوز قيمتها المليار، ولم يتمكن أحمد إلا من صفقات صغيرة لا تزيد عن 50 مليوناً، أما التعيينات فقد فرض محمد عشرات الضباط الذين اختارهم بنفسه، وسرح وطرد وقاعد عشرات آخرين، ولم يتمكن أحمد من تعيين وإبعاد إلا أقل من عشرة ورغم أن محمد مدعوم من الملك، بحجة أنه قوي ضد الإرهاب، إلا أن السبب الرئيسي هو ضعف شخصية أحمد إلى درجة انه لا يجرؤ على طلب ملف من على مكتب محمد.

ويحاول أحمد أن يظهر نفسه أقوى من محمد في التشدد الأمني: ولكنه في كل مرة يظهر أكثر سذاجة من ذي قبل، فيفقد المزيد من النقاط أمام الملك.

ويدور كلام في الداخلية أن أحمد لم يقبل من محمد بن نايف توجيه اللوم في ورطة الداخلية بقضية أحمد الدويش لأحد الضباط، ويصر على تحميله المسئولية, ويحاول أحمد أن يستغل الحادثة ويزيل قناعة الملك وبقية الأسرة بقدرات محمد بن نايف الخارقة، ويقنعهم بأن غرور محمد هو الذي أدى لهذا الخطأ الكبير، وفي تقديري الشخصي أنه لن يستطيع؛ فأنا وكثير ممن يعرفون أحمد عن كثب يدركون أنه أولاً أعجز من ذلك، ثانياً أن موقف الملك من محمد لن يتأثر بقصة الخطأ عن الخلية الإرهابية مؤذن المسجد البريء.

زر الذهاب إلى الأعلى