فضاء حر

خدعوك فقالوا – نقتل لنصرة رسول الله

 

يمنات

نحن اليوم نلاحظ خروج الكثير من المسلمين يتظاهرون ويحتجون على الفيلم المسيء الذي تم انتاجه في الولايات المتحدة من قبل مجموعة غير معروفة ترمي بفعلها القبيح أن تؤجج الصراع بين معتنقي الرسالات السماوية لأهداف شيطانية. وقد نجحوا في هذا إلى حد كبير حيث خرج الكثير من القادة ورجال الدين المسلمين ، يطالبون المسلمين برفع وتيرة الاحتجاجات والمظاهرات في اتجاه السفارات الأمريكية في الوطن العربي والعالم الإسلامي وخرجت علينا فتأوي تطالب بقتل جميع الذين مثلوا ومولوا وأخرجوا الفيلم.وأغرب من ذلك هناك من طالب بأن يحجب موقع جوجل عن العمل في مصر ناسياً أو متناسيا أن هذا الموقع هو موقع بحث تستطيع من خلاله أن تجد ما ينشر على الشبكة العنكبوتيه ومن ضمنها ما ينشروه هم أنفسهم، وخرج علينا قادة من مختلف التيارات الإسلامية تطالب بالجهاد وخرج علينا قادة دول ومنظمات مسلمة ونصرانية تدين هذا الفيلم المسيء. وحتى لا يفهمنا البعض ويحاول أن يصطاد في الماء العكرة بأننا مع ما جاء في الفيلم من إساءات دنية ومقاطع بذيئة وكلام سخيف ما أنزل الله به من سلطان ( لنا حوار أخر حوله) ولكننا هنا سوف نتمثل ما جاء في القرءان الكريم ونتخيل ما كان سوف يكون رد الرسول عليه السلام لو كان يعيش بيننا اليوم وكيف سيكون رده على هذه الإساءة إليه.وطبعاً نحن لن نذهب في هذا التصور إلا إلى مصدر وحيد واضح وصريح لا اختلاف عليه من جميع المسلمين بمختلف طوائفهم ونحلهم المتحالفة والمتصارعة. وهذا المصدر هو كتاب الله سبحانه وتعالى. 

الاحتمال الأول أنه سيصفح عنهم منتظراً حكم الله جل وعلا عليه وعليهم يوم القيامة امتثالا لقوله تعالى : (وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) ( الحجر 85) (وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هؤلاء قَوْمٌ لّا يُؤْمِنُونَ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ  ) ( الزخرف 88 ـ ) ونحن كمؤمنين  لا بد أن نتأسى بهذه السّنة الحقيقية : (  قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ  ) ( الجاثية  14 ـ ).

 الاحتمال الثاني كان سيرد السيئة بالحسنى بل بالتي هي أحسن (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ  ) (المؤمنون 96  ) (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) ( فصلت 34 ).

الاحتمال الثالث كان سيقول لهم استمروا فى عملكم وسأستمر فى عملى الى أن يحكم الله جلّ وعلا بيننا : (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ )  ( الزمر 39 : 40  ) (وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ )(هود  121 : 122).

 الاحتمال الرابع كان سيصبر على أذاهم وسيعرض عنهم ويهجرهم هجرا جميلا (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا) ( المزمل 10 ) .

ولا زلنا نتساءل : وفقا للقرآن الكريم هل يجوز الهجوم على السفارة الأمريكية  بذنب جناه غيرهم ؟ . والإجابة فى القرآن الكريم هى القاعدة التشريعية التى تؤكّد على أنه لا تزر وازرة وزر أخرى : (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (الانعام  164) (مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )(الاسراء 15 )(وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )( فاطر 18 )(إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )( الزمر 7 ) (أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) ( النجم 38 : 39).

 

ثم إنّ واجب حماية السفارات والقنصليات تضمنه تعهدات ومواثيق . والله جل وعلا يأمر بالوفاء بالعهود والعقود ، يقول جلّ وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ) ( المائدة 1 ) وجاء الأمر بالوفاء بالعهود تاليا للأمر بالعدل والإحسان والنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ )(النحل 90 : 91 ).

 

ومن صفات الأبرار الوفاء بالعهد (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ ) ( البقرة 177 ) وهى من صفات المؤمنين المفلحين (  وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)(المؤمنون 8 )( المعارج 23  ).

الاحتمال الخامس أنه كان سيصبر على هذه الإساءة ويلتزم بأوامر الله سبحانه والذي طلب منه أكثر من مرة أن يتبع ما يوحى إليه ولا يتبع أهواء الآخرين (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) ( آل عمران 186) فهل كان رسول الله سيضرب بهذا القول عرض الحائط ويطلب من المؤمنين أن يخرجوا لكي يتظاهروا ويحطموا كل ما يعترض طريقهم أم كان سيصبر ويتقي الله باعتبار ذلك من عزم الأمور.

أي أننا هنا لا نجد في كل هذه الاحتمالات ما يذهب إليه البعض من التصعيد والفوضى وقتل الدبلوماسيين وإحراق السفارات ونهبها بصورة نخجل منها جميعاً ، وقتل الأنفس وحجب المواقع وغيره فهل نبقى نسمع ونطيع من يحاول أن يخدعنا.


زر الذهاب إلى الأعلى