تحليلات

قلق شديد من سيطرة الإخوان على الجيش.. تأييد وشماتة بالعسكريين.. والجماعة تعتبرها ضربة معلم

 لم يكن للصحف المصرية الصادرة امس إلا التركيز على القرارات التي أصدرها الرئيس محمد مرسي بإقالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وقادة البحرية والطيران والدفاع الجوي من مناصبهم وتعيين طنطاوي وعنان مستشارين له ومنحهما أوسمة، وتعيين قادة الأسلحة في مناصب مدنية وتعيين مدير المخابرات الحربية اللواء عبدالفتاح السيسي قائداً عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع، وترقيته لرتبة الفريق، وتعيين اللواء محمد سعيد العصار مساعدا له، وأعلن الرئيس إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وأصبح بذلك يجمع بين السلطة التنفيذية والتشريع، كما قرر تعيين المستشار محمود مكي نائباً له، وهو شقيق وزير العدل المستشار أحمد مكي، والاثنان من قادة حركة استقلال القضاء، وصرح وزير العدل بأنه تتم دراسة إصدار الرئيس قرارا بإعادة مجلس الشعب ، كما نشرت 'الأهرام' في صفحتها الأولى، وهو ما يعني عملياً إذا حدث إلغاء حكم المحكمة الدستورية العليا.
واستمرت المعارضة العنيفة من صحافيين وسياسيين لمصادرة جريدة 'الدستور' اليومية المستقلة وغلق قناة الفراعين لأنها تهاجم الرئيس وتحرض عليه والاعتداء على صحافيين واتهام الاخوان بإرهاب الاعلام.وكان كاريكاتير زميلنا انور الرسام الكبير والنابه في جريدة 'روزاليوسف' القومية عنوانه ـ هوايات يمارسها الكادر الاخواني في اوقات الفراغ والرسم لاخواني يطلق النار على تليفزيون وجريدة.
والى بعض مما عندنا:

المشير والفريق هما من دمرا مسار الثورة

كان أبرز تعليق على ما حدث لزميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرير 'التحرير' وقوله: 'لا شك عندي ذرة في وطنية وإخلاص المشير والفريق، لكن قدرات الثنائي كانت محدودة جدا على الصعيد السياسي، والمذهل انهما لم يتوقعا من فرط غياب الحنكة ان الرئيس سوف يرسل اليهما يبلغهما السلامة، البلهاء الذين يعتقدون ان المشير والفريق كانا يحميان الدولة المدنية من تغول وتمكن الإخوان يجب ان يعودوا الى رشدهم، فالمشير والفريق هما من دمرا مسار الثورة، وراح شهداء لها ضحية عنف وعصف العسكر، وعمل الثنائي جاهدين لاجهادها واجهاضها وإفشال كل خطوات تحقيق أهدافها، ولم ينجحا إلا في تسليم مصر بيضة مقشرة للإخوان المسلمين. أي دولة مدنية هذه التي يحميها مسنان فاشلان سياسياً بلا حول ولا قوة. والحقيقة أن يمنح الرئيس مرسي لطنطاوي قلادة النيل، فهذا كرم مبالغ فيه، ويبدو انه رد جميل أو عرفان بأنه لولا طريقة طنطاوي وبطؤه المباركي وقلة حيلته السياسية ما تولى مرسي، فالمشير سمح للأحزاب الدينية بالتأسيس، وكان خائفاً مرتجفاً من قوة الإخوان وتنظيمهم، ونحن أخيراً أمام مشكلة عميقة وهي اننا لدينا رئيس سلطة تنفيذية يملك السلطة التشريعية، أي ان الرئيس يمكنه الآن أن يحيي ويميت قانونياً، وهو انفراد وتغول بالسلطة يجب ان نواجهه بقوة لنقوم هذا الانفراد والاحتكار، أو نبحث عن حل لإخراجنا من مأزق الرئيس مالك كل شيء'.

الاخوان بدأوا تنفيذ مخططهم

وعن ردود الأفعال، فهناك صدمة لدى قطاع من الناس وعدم تصديق، وغضب من قطاع يعتبر أن الإخوان بدأوا تنفيذ مخططهم.. وهو السيطرة على الجيش، خاصة ان القرارات تأتي بعد التغييرات في الصحف القومية والاعتداء على إعلاميين وتخويف الآخرين، وقطاع معارض للإخوان لكنه أبدى شماتة في المجلس العسكري والعسكريين، لأن الازدواجية في السلطة التي تعطي الرئيس والإخوان فرصة للتهرب من الفشل المتوقع لهما في انجاز أي شيء، وبالتالي يمكن محاسبتهم، وأما الإخوان فقد هللوا واعتبروها ،كما وصفوها، ضربة معلم، بينما اكد مصدر عسكري، بأن هذه التغييرات تم الاتفاق عليها بين الرئيس والمشير والمجلس العسكري، ونفى وجود استياء داخل الجيش.

اختيار ليلة القدر له مغزى

والملاحظ هنا أن الرئيس اختار يوم الاحتفال بليلة القدر وإلقاء خطابه في احتفال الأزهر به وتوزيع الجوائز على الفائزين في مسابقة القرآن لإصدار قراراته وإلقاء خطابه في المساء، ولا أعرف ان كان قد تم هذا التوقيت بعناية للربط بين ليلة القدر والقرارات، أم هي صدفة، كما لا أعلم ان كانت صدفة ان يتم الإعلان عند مجيء شهر رمضان بأن الرئيس سوف يعتكف في العشر الأواخر، مما أثار تكهنات حول من سيقوم بأعماله، أم أن الأمر كان يتم التخطيط له لمفاجأة المجلس العسكري، ثم حانت الفرصة بعد الهجوم الإرهابي، في سيناء وما حدث في جنازة الشهداء وعدم مشاركة الرئيس فيها، فجاءت الفرصة سانحة ومسهلة للاجراءات، لأنها أضعفت المجلس العسكري نتيجة الغضب من عدم الاستعداد للتحذير الذي أطلقته إسرائيل، وتصريحات مدير المخابرات العامة اللواء مراد موافي بأنه أبلغ من بيدهم الأمر، وما تبع ذلك من إقالته هو ومحافظ شمال سيناء'.
على كل حال، الأسرار سوف تتكشف تباعاً ولن يستطيع أحد إخفاءها مدة طويلة، او دفنها للأبد، وعلى الأقل سوف تبدأ في التسرب تدريجياً. ويذكر القارىء اننا أكدنا اكثر من مرة خاصة بعد قرار الرئيس دعوة مجلس الشعب المنحل للانعقاد، انه سوف يضع المجلس العسكري بعد ذلك في اختيار بأن يصدر قرارات مفاجئة بإقالة مدير المخابرات وطنطاوي وقادة أسلحة حتى لا يستطيع المجلس العسكري الرد لأن أحداً في الداخل أو الخارج لن يتقبل فكرة الانقلاب العسكري.

نصيحة للرئيس بالإقلال من تصريحاته

والى المعارك التي لا تزال دائرة حول الرئيس وبسببه هجوماً عليه ودفاعا عنه، ونبدأ مع زميلنا وصديقنا مجدي أحمد حسين رئيس تحرير جريدة 'الشعب' ورئيس حزب العمل، حيث وجه نصيحة للرئيس بالإقلال من تصريحاته، بقوله له: 'اقترح على سيادتكم في هذه اللحظات الحرجة أن تقلل من ظهورك الإعلامي متحدثاً سواء في برنامج يومي بالإذاعة وأحاديث المساجد، فأنت هكذا تتحدث مرة أو مرتين في اليوم وهذا غير مناسب لأن الناس تريد الأفعال أكثر من الكلام، والكلام اليومي يعني وعوداً يومية، وهذه لا يمكن الملاحقة السريعة في تنفيذها، الأفضل ان تتباعد المسافة الزمنية بين كلمة وأخرى في هذه المرحلة لأن الناس معقدة من الكلام الجميل الذي لا ينفذ عبر عشرات السنين، أترك الأعمال تتحدث عن نشاطك واتجاهاتك ولا تتحدث أكثر من مرة في الأسبوع، ولكن الاقتراح الأكثر أهمية أن تجد وسيلة للتحلل من حكاية المائة يوم أو التخفيف منها لأنها لم تكن موفقة في خضم المعركة الانتخابية، برنامج المائة يوم يستهلك جهداً كبيراً منك ومن أنصارك ونتيجته محدودة ورمزية في حين المهم هو البداية في الإصلاح الاستراتيجي في كل المجالات وسيشعر الناس بذلك وسيقدرون جهودك'.

وصف مرسي بالرئيس المؤمن كالسادات

أما زميلنا وصديقنا بمجلة 'روزاليوسف' عاصم حنفي، فقد وصف يوم الأربعاء في مقاله بـ'المصري اليوم' ، كما كان أنصار السادات يسمونه، وقدم إليه عدة اقتراحات منها: 'ولماذا لا يصدر الرئيس المؤمن محمد مرسي قراراً بالسماح والعفو عن الدكتور أيمن الظواهري؟ ليكتمل للأسرة الإخوانية سرورها وسعادتها وحتى يثبت الرئيس أنه لا يعرف الخيار والفقوس وكل المجاهدين عنده سواسية كأسنان المشط، وقد أفرج بالأمس عن قيادات الجماعة الإسلامية في السجون والمعتقلات، ومنهم الرجل الذي لسانه ينقط سكر، وجدي غنيم، صاحب الألفاظ المهذبة التي يصف بها المعارضين بالصراصير والفئران، ويصف أقباط مصر بالأفاعي والثعابين، المهم أن قرار العفو متزن وعاقل وحكيم، ثم انه يأتي في توقيت فاصل، توقيت تحتاج فيه البلاد جهود أبنائها المساجين من أجل البناء على مية بيضا، ولا يتبقى سوى عمر عبدالرحمن ولا داعي لسيرته الآن، فنحن لا نقدر على أمريكا المفترية، أما أيمن الظواهري فعودته ضرورية للم شمل العائلة، وقد أفرج بالأمس عن الشقيق محمد الظواهري سيتيح لنا الاستفادة بخبرته العميقة في إقامة دولة الخلافة التي عاصمتها القدس، كما أخبرنا وبشرنا صفوت حجازي، وليس سراً أن أيمن الظواهري ابن شرعي للإخوان، أكل عيشهم وشرب ماءهم، صحيح أنه اختلف معهم في فترة، لكن مصارين البطن تتخانق، والخلاف لا يفسد للعفو قضية! وإذا كان بعض المعارضين من فصيلة الفئران والصراصير يعيبون على الرئيس المؤمن قلة خبراته السياسية، وما له، لا مانع أبداً أن يتعلم فينا، وخد عندك عندما وقعت أحداث دهشور، توجه الدكتور مرسي إلى قنا البعيدة عن الأحداث طبقاً لجدول زمني كان قد التزم به، وكان يستطيع طبعاً تأجيل الزيارة، وهو ما لم يحدث، ولكن لا بأس، كان الدكتور مرسي يستطيع ببعض الحكمة السياسية أن يزور كنيسة قنا الرئيسية، ويجتمع بالأساقفة لإبداء التعاطف والمشاعر الطيبة تجاه أقباط مصر، في رسالة ذات مغزى ومعنى، يضرب بها عدة عصافير بحجر واحد، والرئيس اول من يعلم أن أقباط دهشور تعرضوا للعنف والتهجير القصوى، وعلى أقل تقدير كان يستطيع زيارة نقابة المكوجية الأقباط ليشد من أزرهم في المحنة، خصوصاً أن الزبون المسلم هو الغلطان، لأنه أعطى قميصه لمكوجي مسيحي، والواجب أن يعطيه لمكوجي يكون على الطريقة الإسلامية!'.

الرئيس اتخذ قرارات تتماشى مع طموحات الثورة

أما زميلنا أحمد شاهين رئيس التحرير الجديد لمجلة 'أكتوبر' القومية، فأشاد بالرئيس قائلاً: 'جاءت قراراته الأخيرة بإقالة عدد من المسؤولين لأسباب مختلفة لتحرك المياه الراكدة، وتعيد حسابات الذين اتهموا الرئيس بالبطء وعدم اتخاذ قرارات جريئة تتناسب مع طموحات الثورة وآمال الشعب، والحقيقة أن الرئيس عند انتخابه لم تكن لديه أدوات تنفيذية كاملة تساعده على تحقيق طموحاته وبرنامج المائة يوم على أقل تقدير، وعندما أصدر الرئيس قراراته الأخيرة بإعفاء بعض المسؤولين من مناصبهم وتعيين بدائل لهم، فإنه يمارس حقه الدستوري الأصيل.
وفي ذات الوقت فهو يوجه رسالة سياسية لمن يتهمونه بالبطء في الحركة، بأنه قادر على أداء هذا الدور وأنه يختار التوقيت المناسب والاسلوب القانوني الأمثل لتنفيذ سياساته وبرامجه، وقرارات الرئيس الأخيرة تؤكد على مبدأ الثواب والعقاب، فلا مجال للتقصير في حق مصر، وفي صيانة أمنها وحدودها، وعندما يحظى الرئيس بسلطاته وصلاحياته الدستورية كاملة فسوف يبدأ حكمه الفعلي على أرض الواقع، وسوف يشعر به المواطن البسيط المطحون في كل مكان'.

الرئيس يقوم بمجهود خرافي وأتعب حراسه وكبار المسؤولين

ولو توجهنا إلى 'الحرية والعدالة' يوم الأحد سنجد زميلنا محمد جمال عرفة يقول: 'الرئيس يقوم بمجهود خرافي وأتعب حراسه وكبار المسؤولين معه لكثرة تحركاته، ما دفع نشطاء لرصد هذا المجهود الطيب منهم الناشط السياسي عبدالرحمن عز الذي وجه رسالة الى الرئيس مرسي على تويتر يقول فيها 'يا دكتور مرسي حرام عليك، الناس هيجيلها شد عضلي تصلي الفجر جماعة معانا في المسجد وتصلي الجمعة في مسجد الحصري في 6 أكتوبر وتطلع على سيناء وتفطر في الشارع في طبق فلين مع الناس وجنود حرس الحدود في نفس الكمين اللي انضرب وتروح على العشاء تصلي معانا التراويح وتروح تعمل اجتمع الساعة 12 مساء مع المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع والمجلس الأعلى للقوات المسلحة وتروح تتسحر وتصلي الفجر، علي النعمة حرام عليك الناس 'يقصد باقي المسؤولين' لسه شباب عندهم يدوب من ستين لثمانين سنة ما ترحمنا شوية والله العظيم عقدتني، بحبك في الله يا ريس'.
ما ذكره هذا الناشط السياسي هو يوم واحد في حياة الرئيس، وقد رصدت له يوماً آخر التقى فيه مسؤولي الشرطة ثم رؤساء الأحياء ثم القضاة ورجال الكنيسة ثم مسؤولين من دول أجنبية وشباب الثورة وصحافيين والمشير طنطاوي، وللأسف تليفزيون وصحافة الفلول لم يهتموا برصد هذه الأنشطة وتذكرت ان مبارك عندما كان يعقد لقاء واحدا في اليوم كانت وسائل الإعلام تجند له!'.

تبعات قرار الرئيس باحتواء العسكر

وفي نفس العدد، قال محمد كمال عن الرئيس: 'اتخذ قرارات شافية لها محاور أربعة أساسية: 1- تحييد الصهاينة وعدم فتح ملف 'كامب ديفيد' الذي لم تستعد 'مصر' له بعد، وأعلن وفاء 'مصر' بالتزاماتها الدولية، رغم الضغوط النخبوية بمراجعة الاتفاقية. 
2- حماية قرار الإفراج عن المعتقلين وإخراجهم من قائمة الاتهام والجريمة بشكل حاسم.
3- التعامل مع الحدث بجدية ساحباً وراءه كل الأجهزة السيادية بما فيها 'المجلس العسكري' لتكون الرسالة أن هذه 'قضية شعب كامل' وليست 'جريمة قتل' أو 'اعتداء غادر' وليدرك الجميع أن 'الرئيس' يعلم متى يتحرك وما هي واجباته وأن تحرك الرئيس يعني 'قرارات حاسمة' وموجعة للجميع وأولهم العسكر.
4- للمرة الأولى لم يلجأ 'رئيس مصر' لتهدئة الجماهير أو منافقتها بل كانت قراراته مزيجاً من معالجة الموقف وتنفيذا لبعض مطالب الثورة وشفاء لصدور الجماهير وثأراً للشهداء، لأن عزل المحافظين هو محاسبة صحيحة للمقصرين في المحنة، لكن عزل اللواء حمدي بدين هو قرار لتقصيره واستجابة لرغبة الثوار باعتباره متهماً رئيسياً منذ أحداث 'العباسية' الأولى ومحمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو، أما عزل رئيس المخابرات فهي رسالة للجميع أن الرئاسة مصرة على انتزاع وتأكيد صلاحيات منصبها، وأن كل المناصب أصبحت مهددة وبقاءها مرهون بقيامها بخدمة الشعب.
نلاحظ أن كل هذا يحدث في 24 ساعة حتى أن بعض المراقبين قد تلعثمت أقلامهم وأدركوا أن حساباتهم كانت خاطئة لمشهد صراع 'الرئاسة ـ العسكري' باعتبارهما 'الأضعف ـ الأقوى' ووجدوا أن 'الرئاسة' تبني قواعد خرسانية تصعد عليها، بينما 'العسكري' يغوص في بحر الرمال المتحركة وأن ترويضه قد يأتي قريبا، خاصة بعد فقد ركيزتين كبيرتين وهما 'عمر سليمان' و'محسن عبدالرحمن'.

الاحترام المتبادل بين المواطن ورجل الشرطة والجيش شرط لانجاح الثورة

لكن زميلنا محمد الشبة رئيس التحرير التنفيذي لجريدة 'نهضة مصر' كان له رأي مختلف عبر عنه في نفس اليوم بالقول: 'من تصريحاته الرنانة المدوية مثل تلك التي أطلقها بعد صلاة الجمعة في جامع الحصري عندما تحدث عن ظهور الاحترام المتبادل بين المواطن ورجل الشرطة والجيش، الأمن لا يتحقق إلا بالعدل، ومن يتجاوز منهم أنا أؤدبه والقانون فوق الجميع ولن يظلم أحد في دولتي!، الرئيس مرسي سيؤدب أي مواطن أو ضابط شرطة أو جيش إذا تجاوز، والقانون فوقهم جميعاً، ولن يظلم أحد في دولته، ونسي الرئيس مرسي أن يقول لنا عن أي مواطن وضابط يتحدث، وعن أي قانون يعنيه، وهل هو القانون الذي اخترقه عندما أعاد البرلمان المنحل بحكم المحكمة الدستورية!، وما هي الدولة الخالية من الظلم التي يحكمها الرئيس مرسي والتي سيتولى بنفسه تعليم شعبها الأدب!؟'.

'عبط' الرئيس مرسي لا حيلة لأحد فيه

أما الهجوم الأعنف فجاء من زميلنا وصديقنا ورئيس تحرير 'صوت الأمة'، عبدالحليم قنديل، بقوله: 'لم تكن مفاجأة أن ظهرت 'الدولة العميقة' في مصر على صورة 'الدولة العبيطة'، أما 'عبط' الرئيس مرسي فلا حيلة لأحد فيه فقد خلقه الله هكذا، ولا راد لإرادته سبحانه وتعالى، عبط الدولة العميقة بدأ في صورة فضيحة على الهواء، فضيحة دموية راح ضحيتها ستة عشر شهيداً مصريا بين ضابط وجندي حصدتهم مجموعة إرهابية برصاصها وقت الإفطار الرمضاني ودون أن يرد عليهم أحد بطلقة، ولا أن ينتبه لموتهم مسؤول فلم يعلم قادة الجيش بما جرى لزملائهم ولم يصلوا إليهم لنجدتهم، ولا حتى لنقل الجرحى الى اقرب مستشفى إلا بعد الحادث بساعة ونصف الساعة وبعد أن كان الأهالي قد نقلوا جثث الشهداء الى المستشفى، بدت الحقيقة حية في شريط فيديو نادر، بدا فيه الرئيس كجنرال مبتدىء يجرب حظه في خطبة مدرسية ويطالب بالثأر الفوري من القتلة بينما بدت ردود أفعال المشير وصحبه لا مبالية ساخرة من مبالغات مرسي التمثيلية وعلى طريقة 'إن شاء الله' المصرية التهكمية حمالة الأوجه '!'، وفي جنازة الشهداء بالقاهرة بدأ المشهد حمالا لفضائح أخرى، فقد غاب الرئيس في ذات اللحظة التي غاب فيها مرشده الإخواني محمد بديع، بدا الجميع كفئران مذعورة هاربة من سيل الاحذية ولم تكن الفضيحة فقط للرئيس ولحزبه الإخواني، بل لأجهزة الدولة العميقة ـ العبيطة التي حذرت الرئيس من الأحذية وبأن حذاء شاردا قد يعصف بحياته وبأنها عاجزة عن الصمود ضد رماة الأحذية، أي أن قوات الجيش والشرطة العسكرية والمدنية لا تستطيع حماية شخص من ضربة حذاء محتملة، بينما كانت القوات ذاتها تحمي المشير وصحبه في الجنازة، ولم يخل الأمر ـ طبعاً ـ من رغبة أجهزة الدولة العبيطة في إحراج رئيس لا ترغب به أو قل أنها لا تعترف بوجوده من الأصل لكن هؤلاء تصرفوا على طريقة الدبة التي قتلت صاحبها، أرادت أن تدفع عن وجهه ذبابة فحطمت فكه ودمرت معنى 'المهابة' الجوهري في الجنازة العسكرية للشهداء وأظهرت الدولة المصرية كقبيلة بدائية يختصم أفرادها على غنيمة، ولا تعرف حرمة لموت، ولا انتظاماً لمراسم، وهو الخبل الذي حاولت 'الدولة العبيطة' و'الرئيس الأعبط' تداركه بعدها بساعات'.
وبعد نزول عدد 'صوت الأمة' للأسواق بساعات، فوجىء قنديل بأن كل توقعاته لم تكن في محلها، فالرئيس لم يكتف بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل، وإنما أطاح بعدد كبير من أعضاء المجلس العسكري وعلى رأسهم المشير طنطاوي والفريق سامي عنان رئيس الأركان، والآن هل سيغير قنديل رأيه في الرئيس مرسي؟

الإخوان يهددون ويعتدون على الإعلاميين

وإلى استمرار حالة القلق من التغييرات التي حدثت في المؤسسات الصحافية القومية، والتجمع الذي نظمه الإخوان المسلمون أمام مدينة الانتاج الإعلامي، والاعتداء على زميلنا وصديقنا خالد صلاح رئيس تحرير 'اليوم السابع' ومقدم البرامج في قناة النهار، وكذلك التهديدات التي وردت على ألسنة بعض القيادات الإخوانية من ضرب الإعلاميين بالجزمة، والتقدم بالبلاغات ضدهم، والصمت عن آخرين، قال عن أحدهم يوم السبت في 'الشروق' زميلنا وائل قنديل أحد مديري تحريرها: 'يكفي نموذجاً ذلك الاعتذار الذي تقدم به نجم النجوم المعجب بتألقه على قناة الناس خالد عبدالله الى الزبالة لأنه أخطأ في حق الزبالة حين شبه الإعلاميين بها، معتبراً أنه يشتم الزبالة حين يقول عن إعلاميين بالأسماء أنهم زبالة، واللطيف أن هذا المذيع يردد طوال الوقت مثلاً دائماً هو 'من أمن العقوبة أساء الأدب'، يفعل كل ذلك محتمياً بما يراه سلطة دينية مدعاة حيث يغلف شتائمه واتهاماته وإساءاته للناس ببعض من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على الرغم من أن الدين الإسلامي الحنيف يشدد على أن المسلم ليس لعاناً شتاماً سباباً، كما أنه طوال الوقت كان يبدو في هيئة المدافع عن الأمن واحترام المؤسسة الأمنية العسكرية والشرطية، وبالتالي لا يحاسبه أحد إذا ما اتهم الناس بالكفر والانحلال وجردهم من وطنيتهم، وحديثا أضيف لقائمة الحصانات التي يتمتع بها وصول الرئيس محمد مرسي الى الحكم قادماً من جماعة الإخوان المسلمين، ان أبسط قواعد العدالة 'بمناسبة أن الغلبة والأغلبية الآن لجماعة الحرية والعدالة' أن تطبق القواعد والقوانين على الجميع وفيما يخص الأداء الإعلامي، ينبغي أن تكون هناك مسطرة قياس واحدة ونظام محاسبي موحد يخضع له الجميع، وعليه فلا يصح أن تحارب العكشنة في مكان وتحميها في مكان آخر، وأحسب أن الرئيس مرسي لا يرضى بأن يكون القانون صاحياً إذا ما تعرض أحد لشخصه ثم ينام القانون لو كان الأمر يتعلق بعباد الله العاديين'. والداعية خالد عبدالله يقدم برامج في قناة الناس الدينية.

الإخوان وقطع رأس من يشذ عن القطيع اعلاميا

وفي نفس اليوم قال زميلنا في 'اليوم السابع' وائل السمري: 'لا تحسب أن حادث الاعتداء على الزميل والصديق خالد صلاح حادثاً عرضياً أو فردياً ارتكبته مجموعة من المتهورين أو المجانين فما هو إلا حلقة واحدة من خطة مدروسة بعناية ضمن مخططات الإخوان المسلمين لقطع رأس من يشذ عن القطيع أو من لا يستجيب لرغباتهم وتطلعاتهم مجندا نفسه خادما لرغباتهم، ومبررا لأخطائهم، وإذا كانت بداية الانتقام تجسدت في الاعتداء الوحشي على الزميل خالد صلاح فما أنت ببعيد، بعدما قضي الإخوان على اللواء مراد موافي الذي فضح مرسي وإهماله الذي تسبب في مقتل إخواننا على الحدود وقال: انه سلمه ما لديه من معلومات ولكنه لم يفعل شيئاً، وبعدما أطاح مرسي برؤساء تحرير الصحف الحكومية وأتي بالتابعين وإخوان وفلول ممن ضمنوا ولاءهم لأي سيد، وبعد أن اخترق الإخوان الجيش من رأسه لم يبق إلا أصحاب الرأي يرهبون ويعتدوا عليهم، ويكسروا سياراتهم ضاربين لاعنين شاتمين معتدين 'عشان تبقى تشتم مرسي كويس' هذا هو النموذج الذي قدمه الإخوان في ليلة من أسود ليالي مصر، ففي الوقت الذي كانت فيه ميليشيات الإخوان تعتدي علا الزميل خالد صلاح كان القيادي الإخواني سعد الحسيني صاحب الصورة الشهيرة مع الصهيوني هنري برنارد ليفي يقول في قناة الإخوان ان من يعترض على قرارات مرسي فلن يجد من 'شبابنا' إلا الجذمة وما عليك إلا انتظار نصيبك من 'جذم الإخوان'. أي اننا سندخل مرحلة يصبح المثل فيها، الجذمة قسمة ونصيب.

هل أدركت الآن كيف يحب الإخوان الثورة؟

وقام زميلنا محمد الدسوقي رشدي سكرتير عام تحرير الجريدة بتذكيرنا بما كتبه زميلنا رئيس تحرير 'الأهرام' الجديد عبدالناصر سلامة، أثناء الثورة وهو: 'وفي الوقت الذي شاهدنا فيه أجانب في الميدان يحملون لافتات تطالب بسقوط النظام رأينا ايضا سيارات تحمل لوحات دبلوماسية تمد المعتصمين بالوجبات الساخنة بينما اللجان الشعبية في الشوارع تعتقل في أكثر من واقعة أفرادا من جنسيات مختلفة في سيارات مدججة بالسلاح والمال'.
وعلق الدسوقي قائلا: 'الكلام السابق جزء من مقال قديم لعبدالناصر سلامة الذي اختاره الإخوان لرئاسة تحرير 'الأهرام'، هل أدركت الآن كيف يحب الإخوان الثورة؟'.

عن التغييرات الصحافية الالزامية

وبمناسبة 'الأهرام'، فقد كتب زميلنا بالأهرام نبيل عمر مقالا يوم الأحد في 'التحرير'، عن التغييرات الصحفية بقوله عن رئيس اللجنة التي اختارت رؤساء التحرير 'يعجبني في المهندس فتحي شهاب جرأته الهائلة على دس أنفه في ما لا يفهم والافتاء في مهنة لا يعرف أسرارها فالرجل بمجرد أن قرأ بضعة ملفات عبر عدد من الصحافيين اكتشف أنه أمام مواهب وكفاءات وقدرات مهنية فائقة فهل كونه رئيس لجنة الإعلام والثقافة والسياحة في مجلس الشورى يكفي أو يمنحه كل هذه الجرأة؟! قطعا نحن نكن كل تقدير واحترام للزملاء الذين وقع عليهم الاختيار، وبعضهم فعلا كفء وقدير، ولا خلاف معهم على الإطلاق على الرغم من أن الجماعة تحاول تصوير الأمر على هذه الهيئة المريبة التي تفتت وحدة الصحفيين بقيادة السيد النقيب، وهو دور يحسب للأستاذ ممدوح الولي ولم يقدر عليه نقيب سابق في أي عصر مضى مهما بلغ فساده!، أما الاختلاف على قيم عامة وحرية صحافة ومستقبل وطن، والمقاومة هدفها وقف الزحف الإخواني المقدس على الدولة المصرية، وهو زحف لا يقل خطورة عن زحف الجراد الجائع النهم على غيطان الأرض الخضراء! وطبعاًَ حكاية الكفاءة والموهبة والقدرات المهنية الفائقة مردود عليها وبالأدلة، فأنا أعرف رئيس تحرير مختارا لا يجيد كتابة أربعة أسطر على بعضها وهذه معرفة شخصية مهنية مباشرة لا وسيط فيها ولا عداوة واستطيع أن أثبت ذلك على الملأ وأتحدى، وموهبته الوحيدة أنه من الإخوان أو كما يقول كعادة بعضهم 'أنا محسوب عليهم ولست منهم'.

الكوميديا السوداء التي يقدمها توفيق عكاشة

وفي نفس العدد، كان رأي زميلنا وصديقنا ووكيل أول نقابة الصحافيين جمال فهمي في غلق قناة الفراعين هو: 'أظن العبد لله كاتب هذه السطور ضمن عدد قليل جدا من سكان هذا الوطن الذين لم يستمتعوا ولا مرة واحدة في حياتهم بالفرجة على عروض المسخرة والكوميديا السوداء التي يقال ان السيد توفيق عكاشة يقدمها ويبثها يوميا وبانتظام ممل من شاشة قناة فضائية يملكها جنابه ويسميها 'الفراعين'، ومع ذلك فمنذ استقبلت بقلق وجزع شديدين نبأ إقدام الست الحكومة الإخوانية الفلولية المشتركة بنين وبنات ممثلة في وزارة الأخ وزير الاستثمار 'لا أعرف أسماء' على إصدار قرار إداري بوقف قناة الأخ عكاشة لمدة شهر واعتبرت هذا القرار نذير شؤم وبروفة لممارسة ديكتاتورية ممجوجة، وخطوة جد 'فضلا عن خيابتها لأن الدنيا تغيرت وتقنيات الاتصال الحديثة تسمح بالهروب السهل من حصار الإغلاق والمصادرة' ليس فقط لأن شعار الحرية الذي شق به ملايين المصريين حناجرهم في أثناء الثورة يأبى هذا الصنف من الممارسات المجلوبة من مزبلة تاريخ القمع وانما لأنه يكشف 'مع غيره من العربدات المتلاحقة' أبشع نيات الجماعة الظالمة المظلمة العقل التي تحاول الآن السطو على البلد وتتوهم ان باستطاعتها خطفه وتأميمه لحسابها'.

الصحافيون سيفاجئون الجميع بجرأتهم

وآخر زبون في هذه القضية اليوم ستكون زميلتنا الجميلة بـ'الوفد' والتي يزيدها حجابها جمالا، نيفين مسعد وقولها يوم الأحد: 'من يعتقد أن تكميم الأفواه ووضع من ينتمون لهم على رأس المنظومات الصحافية، والتهديدات باتقاء شر من له الأمر، سيرهب أصحاب الأقلام الحرة الشريفة أو يقلل من عزمهم، بل ستصبح كل هذه القيود والتهديدات حافزا لانتفاضة أبناء صاحبة الجلالة من جديد والدفاع عن حريتهم وكرامتهم وحقوقهم، التي لن يستطيع أحد أياً كان أن ينتقص منها ذرة واحدة، ولا تعتقدوا أن السير على سياسة البلطجة للحزب الوطني سيدفع الصحافيين للتراجع والاستسلام في حرب خاضت مثلها من قل وانتصرت، ولن يدفعها أي نظام مهما كان للخسارة، فلا إغلاق للقنوات، ولا الاستعانة بالبلطجية لضرب الصحفيين ولا حتى زرع جيش من الموالين لكم سيكمم فم صحافي واحد عن قوله رأيه أو كشف حقيقة الأقنعة الزائفة وراء ستار الديمقراطية!!'.

 'القدس العربي': حسنين كروم

زر الذهاب إلى الأعلى