حوارات

مسدوس.. المشترك خليط غير متجانس.. الإصلاح لا يؤمن بالعلمانية والاشتراكي يرفض الدولة الدينية

الحوار مع الدكتور محمد حيدرة مسدوس القيادي البارز في الحزب الاشتراكي اليمني وعضو المكتب السياسي له نكهته وعلى وجه الخصوص حين يتعلق الأمر بالقضية الجنوبية وموقف مختلف القوى السياسية منها.. وموقف الأطراف الإقليمية والدولية، وذلك لاعتبارات عدة ليس أقلها أهمية أن الدكتور صاحب تاريخ ومن أبرز من عاشوا مراحل تكوين القضية فهو أول من طالب جهراً بـ"إصلاح مسار الوحدة".

 في حوار شامل نشرت صحيفة "اجمهور" تطرق الدكتور محمد حيدره مسدوس إلى الكثير مما نعتبره جديراً بالإطلاع والمتابعة.

حاوره: عبد الناصر المملوح

 

 لم يتبق من الوقت الكثير لبدء عقد مؤتمر الحوار الوطني المقرر عقده في نوفمبر المقبل،  كيف يقرأ الدكتور محمد حيدره مسدوس مستقبل الحوار في ظل تردد مكونات الحراك الجنوبي من المشاركة؟

– الناس يقعون في الخطأ ليس لأنهم يريدون ذلك إنما لأنهم لم يدركوا مسبقاً نتائج أفعالهم. العرب وبالذات نحن اليمنيين دائماً ما نقع في هذا الخطأ، ولهذا تتناسل مشاكلنا.

 

 تقصد أن تشخصينا للمشكلة يكون في العادة تشخيصاً خاطئاً وبالتالي تأتي المعالجات خاطئة؟

– بالتأكيد.. هذا هو حالنا للأسف، وأضرب لك مثلاً؛ في أواخر السبعينات نشبت الحرب الثانية بين الشمال والجنوب، وتدخلت الدول العربية لإيقافها، وتم الاتفاق على عقد حوار في الكويت شمالي جنوبي، حينها كان رئيس الجنوب عبد الفتاح إسماعيل ورئيس الشمال علي عبد الله صالح.. قال صالح لأمير الكويت: أخبر الإخوة في عدن أن يستبدلوا عبد الفتاح بعلي ناصر محمد، قال له الأمير: علي ناصر رئيس وزراء وأنت رئيس جمهورية، قال: صالح – أنا أعرف ذلك، ومع هذا عندي استعداد أن أتحاور مع علي ناصر رئيس الوزراء لأن عبد الفتاح هو من "رعايانا" أي شمالي الأصل، ومن الخطأ أن شمالياً يحاور شمالياً حول قضية الوحدة بين الشمال والجنوب، وكان كلام صالح منطقياً.

 كان هذا منطقياً أثناء السير نحو إعادة تحقيق الوحدة، وفي ظل نظامين سياسيين، أما اليوم…

– (مقاطعاً): مفهوم أو مصطلح "إعادة تحقيق الوحدة" غير صحيح، اليمن يمنان تاريخياً، ولا شك أنك تعلم جيداً، أن الجنوب جنوب عربي، فقط يمننته ثورة الرابع عشر من أكتوبر 63م.

 

 تقصد أن الجنوب ليس يمنياً، هذا ما أفهمه من كلامك؟!

– هويته السياسية السابقة «جنوب عربي» أما جغرافياً هو يمن، لماذا؟ لأنه يمين الكعبة، وكان يطلق على كل من هو جغرافياً يمين الكعبة "اليمن"، أما من حيث الهوية السياسية فالجنوب إلى ما قبل الاستقلال في 67م هو جنوب عربي.

 

الهوية السياسية لليمن

 لكن تاريخياً وجغرافياً اليمن هوية واحدة أرضاً وإنساناً، وما تحقق في 22 مايو 90م لم يكن حدثاً طارئاً بقدر ما هي العودة إلى الأصل وزاول الاستثناء؟

– هذا الطرح مخالف للواقع، ولو تحدثنا عن التاريخ لن نجد هوية سياسية لليمن إلا في عام 1917م عندما تشكلت دولة الإمام يحيى، قبل ذلك لم يكن هناك دولة اسمها اليمن.. كانت دولة سبأ نسبة إلى القبيلة ودولة حمير نسبة إلى القبيلة وهكذا …إلخ، أما اليمن هو يطلق كاتجاه جغرافي، تماماً كما هو حال الشام.. كم دولة في الشام؟! لبنان، فلسطين، سوريا.. اليمن نفس الطريقة.

 

 لكن هذا الكلام يا دكتور مناقض تماماً لما كنتم تطرحونه في الحزب الاشتراكي في الجنوب قبل الوحدة، كان شعاركم المرفوع في مختلف فعالياتكم الرسمية والحزبية «من أجل إنجاح الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية» أليس كذلك؟

– مضبوط، وأنا قلت لك بأن ثورة أكتوبر هي التي غيرت الهوية السياسية للجنوب، من الجنوب العربي إلى الجنوب اليمني وأصبح اليمن يمنيين.

 من الناحية السياسية فقط..؟

– نعم، وباعتراف صنعاء وعدن والعالم أجمع، ولا نزال الآن عند هذه النقطة لم نبارحها؛ اليمن يمنان، ولكن من يقنع لنا الإخوة الشماليين سلطة ومعارضة أن اليمن يمنان.

 

 يا دكتور وحتى نخرج من هذا الجدل، هي كانت كذلك إلى 22 مايو 90م يوم إعادة تحقيق الوحدة اليمنية؟

– ليست "إعادة" كلمة إعادة اشطبها، ما تم هو إعلان الوحدة بين دولتين، هذه الوحدة انتهت بحرب 94م، ألم تحصل حرب؟!!

 

 حصلت نعم، لكن ليس من المنطق أن نحمل الوحدة أوزار ما حصل؟

– نحن لا نتكلم عن شيء مجرد، نحن نتكلم عن شيء ملموس محسوس اسمها "الوحدة" بين اليمن الجنوبي واليمن الشمالي، هذه الوحدة ألغيت بالحرب بدليل أن الوضع القائم ما بعد الحرب ليس هو الوضع القائم على اتفاقية الوحدة ودستورها وإنما هو قائم على نتائج الحرب.

 

الجنوبيون قاتلوا الاشتراكي

 ومع ذلك لا نستطيع القول بأن ما حصل في 94 حرب بين شمال وجنوب، فهناك من قاتل من أبناء الجنوب مع القيادة في صنعاء، في حين كان من أبناء الشمال من قاتل مع القيادة في عدن؟

– صحيح، لكن ماذا لو أن علي عبد الله صالح دعا من قاتلوا معه من الجنوبيين لقتال الجنوب هل سيتجاوبون، إطلاقاً، علي عبد الله صالح، هو دعاهم لقتال الحزب الاشتراكي، وعلى هذا الأساس قاتلوا معه.

 

 قاتلوا الانفصال أو دعاة الانفصال بمعنى أدق؟

قاتلوا الحزب الاشتراكي، لدوافع انتقامية ثأرية على خلفية أحداث 13 يناير 86م وأنت تعرف هذا الكلام، والشماليون الذين قاتلوا معنا في عدن إنما كان ذلك دفاعاً عن الحزب وليس عن الجنوب… هذه هي حقيقة ما حصل.

 

 لنفترض أن تيار (الزمرة) قاتل ضد الحزب انتقاماً، لكن ماذا عن عسكريين مبرزين من التيار الآخر (الطغمة).. كثيرين منهم تركوا معسكراتهم ووحداتهم والتزموا منازلهم، بمعنى أنهم لم يقاتلوا في صف الحزب الاشتراكي بقيادة علي سالم البيض؟

– وكيف تفسر أنت عدم مقاتلتهم!!

 

 أنا أسألك أنت، بالنسبة لي معناه أنهم يرفضون الانفصال؟

– لموقفهم هذا احتمالان: أما أن يكونوا قد خانوا قضيتهم أو أن لديهم وهماً بأن الطرف الآخر في صنعاء وحدوي، وأثبتت لهم متواليات الأحداث بعد الحرب أن إخواننا في الشمال لا علاقة لهم بالوحدة.

 

 لنأخذ الاحتمال الأول (الخيانة)، أفهم من كلامك أنك تؤيد حيدر العطاس في اتهامه لقيادات عسكرية جنوبية بارزة بينهم قائد محور العند حينها مثنى مساعد، بأنهم كانوا عملاء لعلي عبد الله صالح؟

– هذا رأي العطاس، بالنسبة لي أنا أعطيتك احتمالين: إما أنها خيانة أو وهم بأن الآخر في صنعاء وحدوي.

 

الخمس النقاط

 ربما قد تشعبنا ولم تجبني عن سؤال البداية.. اسمح لي أن أعيد طرحه بطريقة أخرى: سفراء الاتحاد الأوروبي بل ممثل الأمين العام جمال بن عمر بنفسه قال: إن الحوار الوطني يشكل فرصة تاريخية لحل القضية الجنوبية، ما رأيك؟

 

– اسمح لي أجيبك بسؤال: أليس لكل قضية أكثر من طرف، القضية الجنوبية طرفاها معروفان: شمال وجنوب، وبالتالي إذا اعترف إخواننا في صنعاء والمجتمع الدولي- رعاة الحوار- بهذه القاعدة يمكن أن ندخل الحوار ويمكن أن نصل إلى حل.

 

 أفهم أنك تشترط الحوار على قاعدة شمال وجنوب؟

– ليس شرطاً، أنا طرحت في وسائل الإعلام- وأكرر ذلك الآن في صحيفتكم- بأننا لسنا ضد الحوار من حيث المبدأ، كما أننا لسنا معه حتى تتضح لنا الإجابة عن خمس نقاط أو الخمسة الأسئلة، سمِّها ما شئت.

 ما هي؟

1 – نظرة المجتمع الدولي ودول الخليج تحديداً للحوار في ما يتعلق بالقضية الجنوبية، هل نظرتم لها باعتبارها قضية داخلية مثلها مثل قضية صعدة أو غيرها من قضايا الشمال أم أنها قضية وحدة سياسية بين دولتين أسقطتها الحرب.

2 – آلية الحوار فيما يتعلق بالقضية الجنوبية، هل هي سلطة ومعارضة أم شمال وجنوب.

3 – مرجعية الحوار هل هي قرارا مجلس الأمن الدولي أثناء حرب 94م أم مرجعية المبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن الدولي الخاصين بالمبادرة الخليجية.

4 – مكان الحوار، هل هو في الداخل أم في الخارج.

5 – من هو الضامن لمخرجات الحوار.

 

 طيب ما هي الإجابات التي تشترطونها لقبولكم المشاركة في الحوار؟

– شوف، وأنا أتكلم هنا عن القضية الجنوبية في الحوار الوطني، إذا كانت نظرة المجتمع الدولي للقضية باعتبارها وحدة سياسية بين دولتين أسقطتها الحرب، وآلية الحوار شمال وجنوب والمرجعية قرارا مجلس الأمن الدولي 94م والحوار خارج اليمن والضامن لمخرجاته قوى دولية.. في هذه الحالة سنشارك، غير ذلك لا يوجد أي مبرر لا موضوعي ولا منطقي لمشاركتنا في الحوار.

 

 خلال فترة التحضير لتشكيل اللجنة الفنية للإعداد والتحضير للحوار، وهي فترة طويلة، ألم تلتقوا بسفراء الدول الأوروبية، ماذا قالوا لكم؟

– التقينا بهم وبغيرهم نعم، طرحنا أسئلتنا الخمسة ولم يجيبوا عنها حتى الآن.

 

 ما نفهمه من تصريحاتهم الصحفية أن الحوار سيكون تحت سقف الوحدة، وبدون شروط مسبقة، ويعتبرون عدم مشاركة الحراك في الحوار ضياعاً لفرصة تاريخية؟

– إذاً، إذا كان بمقدورهم حل القضية الجنوبية بدون الحاجة إلى مشاركة أبنائها فليتفضلوا، نحن لا نبحث إلا عن حل يرضي أبناء الجنوب ويقبلون به.

 

 طيب، لكن لا تنسى يا دكتور بأنه قد أصبح لدى رعاة المبادرة والحوار قناعة راسخة بأن الحراك الجنوبي مشتت وليس هو الحامل السياسي الوحيد للقضية الجنوبية، القضية ربما تكون حاضرة في الحوار بدونكم، من خلال الأحزاب، المشترك والمؤتمر، ومن خلال مكونات أخرى أبدت استعدادها للمشاركة، مثلاً ما يعرف بـ(المجلس التنسيقي لقوى الثورة الجنوبية)؟

– من فوضهم؟

 

 قواعدهم في الجنوب؟

– والله إذا كانت لديهم القواعد الاجتماعية العريضة فليتفضلوا ليقنعوا الشارع الجنوبي للمشاركة في الحوار، ويحلوا القضية.. يتفضلوا على بركة الله.

 

 أفهم أنه ليس بمقدور الأحزاب بما فيها الحزب الاشتراكي تمثيل القضية الجنوبية في الحوار؟

 

– ياعزيزي، الشرعية اليوم ليست في رأس الحزب الاشتراكي كما كانت في السابق، ولا مكان اليوم للشرعية الثورية ولا الحزبية، اليوم هي شرعية الشعوب، ولنفترض أننا جميعاً كقيادات الجنوب السياسيين والحزبيين مدنيين وعسكريين في الداخل أو في الخارج في المشترك أو في المؤتمر، ذهبنا للمشاركة في الحوار وأوجدنا حلاً للقضية، من أين يستمد هذا الحل شرعيته وتطبيقه على أرض الواقع؟

 

 من الشارع، من الشعب؟

– كلام جميل، يعني العودة في الأخير للاستفتاء الشعبي، وليس لدينا مانع في ذلك.

 

 تقصد أن من حق أي مكون أو طرف أن يمثل القضية الجنوبية في الحوار على أن تخضع النتيجة للاستفتاء الشعبي في الجنوب، وله أن يقبلها أو يرفضها؟

– بالضبط.. شوف يا عزيزي، لم نسمع إطلاقاً في أي مكان في العالم لا بمنطق العصر الجاهلي والقرون الوسطى ولا بمنطق العصر الحديث أن أناساً ذهبوا للحوار قبل أن يحددوا موضوعاته إلا عندنا في اليمن.

 

 ما المشكلة؟

– تحديد موضوعات الحوار معناه تحديد أطرافه، أما أن يذهب سفراء الاتحاد الأوروبي واللجان التي شكلتها السلطة ليتفاوضوا مع الأفراد سواء الذين في الداخل أو في الخارج قبل أن يحددوا ماهية القضية، فهذا يحتمل تفسيرين: إما جهلاً، وإما بلطجة سياسية غير مقبولة.

 

 عدم تحديد موضوعات الحوار قبل الدخول فيه معناه بلطجة سياسية؟

– نعم، لماذا؟.. لأنه سيكون في الحوار أكثر من قضية ولكل قضية أطرافها، القضية الجنوبية لها أطرافها، قضية صعدة لها أطرافها… وهكذا.

 

  المشكلة أنكم أوصدتم الأبواب نهائياً أمام اللجان التي تدعوكم للمشاركة؟

– أبداً، ربما أن بعض الشباب في الحراك لم يحسنوا التعبير بالنسبة لموقفهم من الحوار، وبالمثل جاء فهم الآخرين لموقف الحراك مغلوطاً.

 

  بحسب متابعتي للحراك أستطيع القول أنه ليس بمقدور أي من قيادات الحراك الذهاب للمشاركة في الحوار وإن كانت ترغب في ذلك، لماذا؟.. ألأنهم عبأوا أنصارهم طيلة السنوات الماضية على الانفصال أو ما يسمونه فك الارتباط، وأن لا حوار ولا تفاوض، ولهذا فإن قرر أحدهم اليوم المشاركة يدرك أنه سيحرق كرته بنفسه، بمعنى أن قيادات الحراك أوقعت نفسها في مأزق؟

– هذه قراءتك، يا عزيزي من هذا الذي لديه ذرة عقل من الجنوبيين يقبل المشاركة في حوار يعتبر القضية الجنوبية مجرد قضية عادية.. سواء الذين في المعارضة أو الذين في السلطة.. والذين في السلطة هم أصلاً موظفون براتب شهري.

 

 تقصد أنهم ليسوا فعلاً أصحاب سلطة؟

– قل لي أنت، هل هؤلاء الذين يتولون مناصب قيادية في السلطة من أبناء الجنوب، تولوها لأنهم الأكثر كفاءة من بين العشرين مليوناً أم لاعتبارات جنوبية.

 

  قد تكون الاعتبارات الجنوبية، أمراً وارداً؟

– وهذا نوع من الالتفاف ومحاولات خلط الأوراق لدفن القضية الجنوبية.. يريدون إيصال رسالة للعالم بأن ليس هناك قضية جنوبية، فهذا رئيس الجمهورية جنوبي ورئيس الحكومة جنوبي ووزير الدفاع جنوبي، وهي على كل حال وفي عصر الديمقراطية وحكم الشعب ألاعيب لن تنطلي على أحد.. أنا شخصياً منذ 94 وأنا أحاول إقناع إخواننا الشماليين في السلطة بأن يعتبروا الجنوبيين الذي وقفوا معهم في الحرب ممثلين حقاً عن الجنوب ليعطوا شرعية للوضع القائم ولكن للأسف رفضوا وأصروا واستكبروا، إنه ليس هناك شمال وجنوب، قلنا لهم إذا لم يكن هناك شمال وجنوب يعني ما فيش وحدة.

 

المشترك والقضية

 الرئيس الدوري للقاء المشترك سلطان العتواني قال في تصريح له أمس الأول أنه لولا المشتر ك لما كان للقضية الجنوبية صوت يذكر اليوم؟

-هذا رأيه.

 

 وهل أخطأ أم أصاب؟

-مخطئ طبعاً… ثم صمت قليلاً، وأردف: أنا عشت مراحل القضية الجنوبية، من كان يتصدى لها، ويعمل ضدها، هم المعارضة.. اللقاء المشترك ومن قبله مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة..

 

 عملوا ضدكم وضد القضية الجنوبية بشكل عام؟

-بشدة وأكثر مما فعل علي عبد الله صالح.

 

 برأيك لماذا؟

-اسألهم، وهذا مفهومهم للوحدة.

 

 هل لأن الأحزاب تخشى من الكيانات الجديدة أن تأتي على حسابها؟

-لا، لديهم هوس الفكر القومي الذي سقط في 67م أيام جمال عبد الناصر.

 

 تقصد الناصريين؟

-الحركة القومية بشكل عام.

 

 وهذا وراء تصديهم للعمل ضد القضية الجنوبية؟

-تقريباً هكذا.

 

 في عدد أمس توقفنا عند تكتل أحزاب اللقاء المشترك ودورها في القضية الجنوبية، بشكل عام كيف تقرأ مستقبل هذا التحالف كتكتل سياسي؟!.

– لا أجد له مستقبلاً، سيصلون إلى نقطة تحتم عليهم العودة إلى الأصل، ولا أستبعد حدوث مواجهات بينهما، نظراً لاختلافهما في كل شيء 180 درجة سياسياً وفكرياً وعقائدياً وفلسفياً ومنهجياً.

الإصلاح حزب ديني لا يؤمن بالعلمانية، والاشتراكي يدعي العلمانية ولا يؤمن بالدولة الدينية، الناصري والبعث لا يؤمنان بالوطنية اليمنية ويؤمنان بالوطنية العربية، اتحاد القوى الشعبية وحزب الحق حزبان شيعيان، بمعنى أنه لا شيء يجمعهما، فقط تشكل هذا التكتل لغرض معين، إسقاط نظام علي عبد الله صالح ودفن القضية الجنوبية، وإذا أسقطوا نظام صالح وعجزوا عن دفن القضية الجنوبية سيندمون على نظام صالح.

 

 لماذا؟!

– لأنهم يريدون أن يقايضوا به ليس إلا، وإذا لم تتحقق لهم المقايضة سيندمون دون شك.

 

 وإذا حققوا الهدفين؟!

– إذا أسقطوا نظام صالح، ودفنوا القضية الجنوبية لا سمح الله سيتواجهون في ما بينهم، كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.

 

الاشتراكي انتحر

 لنأخذ من بين هذه الأحزاب الحزب الاشتراكي اليمني.. أين موقعه من القضية الجنوبية؟!.

– الحزب الاشتراكي هو المسئول تاريخياً عن القضية الجنوبية وهو المؤهل تاريخياً لإدارتها، لكنه للأسف الشديد انتحر وانتهى عندما تخلى عنها.

 

 ومن المسئول عن ذلك؟

– قياداته التالية لحرب 94م والحالية جميعهم يتحملون المسئولية.

 

 الملاحظ أن منظمات الحزب في المحافظات مواقفها دائماً تأتي مغايرة لمواقف القيادة المركزية في صنعاء!

– ولو أنهم يعلنون فك الارتباط مع قيادتهم في صنعاء لتعاظم تأثيرهم على الشارع بدرجة كبيرة.

 

 أنت الآن تطالب منظمات الاشتراكي في الجنوب إذا أرادت أن تفعل من نفسها وتحظى بالقبول في الشارع أن تعلن فك الارتباط مع قيادتها المركزية؟.

– نعم، وليس الاشتراكي فقط، حتى منظمات بقية الأحزاب في الجنوب المشترك والمؤتمر كذلك.

 

الإصلاح والحراك

 حزب الإصلاح أصبح لاعباً أساسياً في الجنوب، هو يقول في وسائله الإعلامية بأن فصيلاً كبيراً من الحراك وتحديداً تيار البيض المطالب بفك الارتباط يعمل لحساب أو لصالح المؤتمر الشعبي العام، ما مدى صحة ذلك؟.

– أثناء (الثورة) وعلي عبد الله صالح ما يزال في السلطة حاولت السلطة المحلية في عدن أن تسلح الكثير من الشباب تحت شعار حماية المدينة من دخول أنصار الشريعة عندما سيطروا على زنجبار، وكان من بين من تم تسليحهم شباب من الحراك كأشخاص.

 

 والإصلاح يقال بأنه سلح مليشيات أثناء محاولاتهم إسقاط المدن!.

– والإصلاح نعم، سلح أشخاصاً في عدن وبشكل عام لو أن شباب عدن وسكانها يعرفون حينها أن وراء التسليح مآرب أخرى لما قبلوا بالتسليح.

الآن المؤتمر والإصلاح يحاولان استخدام العناصر التي تم تسليحها للفوضى والقمع في عدن، طرف يدفع بالفوضى والآخر يدفع للقمع والقتل، وفي الأخير الضحايا أبناء عدن.

 

 وكأنك مع الرأي القائل بأن تيار البيض في الحراك الجنوبي يسيره المؤتمر الشعبي العام؟!

– لا، الحراك من حيث المبدأ سلمي ولن يتزحزح عن سلميته مهما حصل.. مؤخراً أضافوا إلى القافلة (12) شهيداً وجميعهم شباب صغار من أبناء المنصورة، أحدهم ولعله آخرهم حضر إلى منزلي مستجيباً للحوار مع السلطة المحلية.

 

 تقصد شرف محفوظ شرف؟

– نعم، دخلوا إلى بيته وقتلوه بدمٍ بارد أمام أسرته.

 

 وفقاً لإعلام حزب الإصلاح الذي ساق حينها مبررات اللجنة الأمنية في المحافظة فإن المذكور متهم بارتكاب جرائم جنائية وأعمال تخريب، ونشروا له صورة شخصية وهو بجوار علي سالم البيض في بيروت؟

– طيب إذا كان متهماً لماذا لم يلقوا القبض عليه وإيداعه السجن ومحاكمته، وقد دخلوا له إلى بيته.

 

 الآن ملف المنصورة أغلق، وانسحبت قوات الأمن؟

– المشكلة حلت نعم، لكن الملف لم يغلق، جرائم القتل والنهب والسلب لا بد لها أن تصل محكمة الجنايات الدولية طال الوقت أم قصر.

 

 قيل إن محافظ عدن قبل فجأة بالاتفاق نفسه الذي كان قد رفض التوقيع عليه؟

– صحيح، اتفقنا معه على ذات النقاط وطبعناها وسلمناها قبل أيام للتوقيع عليها وتنفيذها لكنهم تراجعوا.

 

 وبعد أقل من أسبوعين فقط وبشكل مفاجئ قبل بها وشهدت مديرية المنصورة انسحاباً مفاجئاً لقوات الأمن، كيف تفسر ذلك؟!.

– وكأنه كان لديهم أشخاص معينون يريدون الوصول إليهم واغتيالهم وحين تمكنوا من ذلك وقعوا الاتفاق، ربما لأن الفترة ما بين الرفض والقبول المفاجئ لنفس النقاط شهدت قتلاً لأشخاص معينين كان آخرهم شرف محفوظ.

 

 ولولا وجود الحزب الاشتراكي كمحلل لقهر الجنوب لما تجرأ الإصلاح على ارتكاب جرائمه اليوم في عدن وبهذه الطريقة والتبرير الإعلامي لها وفقاً لناشطون في الحراك؟

– أتكلم عن قيادات الأحزاب في صنعاء وليس منظماتها في عدن، هذا أولاً، ثانياً من مصلحة المؤتمر الفوضى في عدن حتى يقول للرأي العام الداخلي والخارجي بأن السابق أفضل من الآن، ومن مصلحة الإصلاح الاستقرار والهدوء في عدن، وفي بقية المناطق الجنوبية للترويج بأن الوضع الآن أفضل من السابق، لكن المشكلة في تفكيرهم – الإصلاح – لكيفية تحقيق ذلك.

 

 ما هي بالضبط…؟!

– القوة، والقوة المفرضة.. وللأسف هكذا هو الإصلاح عندما نتكلم عن قياداته في الشمال.

 

فتاواهم متناقضة

 ربما أنكم تبنون آراءكم من خلال تصريحات بعض قياداته، مثلاً ما تناقلته مواقع إلكترونية مؤخراً عن الشيخ صادق الأحمر: "من يتكلم بالانفصال بانقطع لسانه". هذه العبارة قوبلت باستهجان كبير في مواقع التواصل الاجتماعي من أبناء الجنوب!.

– إن كان قد قال ذلك حقيقة، بربك أهذي لغة إنسان وحدوي؟!!، إن من يتلفظ بهكذا عبارة تأكد أنه لا يحمل في قلبه ذرة إيمان بالوحدة.

 

 كيف، وهيئة علماء اليمن برئاسة الشيخ عبد المجيد الزنداني قد اعتبرت الوحدة حقاً ثابتاً مقدساً شرعاً، ولا يجوز مناقشة أية حلول قد تفضي إلى تمزيقها، حتى وإن كانت الفيدرالية تعتبر محرمة وفقاً لما ورد في البيان الذي سلموا نسخة منه لرئيس الجمهورية المشير عبد ربه منصور هادي؟.

– لم يعد أحد يكترث لفتاواهم، لتناقضاتها المخجلة، فلو كانوا صادقين في فتاواهم السابقة لصدقنا فتواهم اللاحقة.. في عام 94م أفتوا بحرب الاشتراكي وما لبثوا بعد ذلك أن تحالفوا معه، بمعنى أن فتواهم كانت سياسية لا دينية، وفي ثورة الشباب من العلماء من أفتى ضد علي عبد الله صالح ومنهم من أفتى له، فمن تصدق منهم وجميعهم يدعون أنهم علماء دين!!.. أين الدين منهم؟!، هؤلاء يستخدمون الدين لأغراض سياسية حتى فقدوا مصداقيتهم في أوساط علماء المسلمين.

 

 تقصد أنهم يترزقون باسم الدين، يأكلون دينهم بدنياهم؟

– بكل تأكيد، هذا هو الحاصل للأسف، أنا سمعت بأذني من شيخنا صعتر -أطال الله في عمره- عندما كان لا يزال علي عبد الله صالح يعالج في السعودية سمعته بأذني وهو يقول في ساحة التغيير (خلاص.. علي صالح ما عاد با يعود قد أخذ الجنسية السعودية)، قال هذا الكلام عصر

زر الذهاب إلى الأعلى