تحليلات

العنف قد يزيد تورط الغرب في اليمن

قلل صانعو السياسة الأمريكيون من شأن الحديث عن "نشر قوات" في اليمن لكن مع نشر عدة مئات من المستشارين العسكريين بالفعل فإن واشنطن وحلفاءها يستدرجون وقد يتورطون بشكل متزايد في ذلك البلد، في وقتٍ حاولت فيه إدارة الرئيس باراك أوباما النأي بنفسها عن خوض الحرب ميدانيا، واستبدالها بالحرب الحديثة عبر طائرات بدون طيار، والعمليات النوعية.

 

اليمن محور الحرب



وينظر مسؤولون أمنيون ومسؤولو مخابرات غربيون إلى اليمن منذ فترة طويلة باعتباره محور حربهم ضد الارهاب والتطرف الإسلامي كما ينظرون إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الفرع المحلي لتنظيم القاعدة باعتباره أخطر جماعة أجنبية تتآمر لشن هجمات ضد الغرب.



ويقول مسؤولون أمريكيون: إن تلك الجماعة تقف وراء محاولة اسقاط طائرة ركاب الشهر الفائت في أحدث خطة ضمن سلسلة من الخطط المشابهة. غير أن هناك مؤشرات متزايدة على استراتيجية أوسع مع تولي حكومة يمنية جديدة ينظر إليها على أنها تتيح أفضل فرصة لتحقيق الاستقرار في اليمن. ويتزايد التدخل الأمريكي والأجنبي في اليمن بحدة ويتجاوز حملة هجمات بطائرات بدون طيار تزداد حدة الآن.



وتتولى الآن أعداد متزايدة من مستشاري القوات الخاصة تدريب الجيش اليمني بينما تزايدت بقوة المساعدات المالية والإنسانية من الدول الغربية ودول الخليج العربية. وتعهدت قوى أجنبية في اجتماع "أصدقاء اليمن" في الرياض الأسبوع الفائت بدفع نحو أربعة بلايين دولار لصنعاء. وقالت بريطانيا إن البلد يمر "بلحظة حرجة".

 

أمريكا تواصل حربها



وقال خوان زارات وهو نائب سابق لمستشار الأمن القومي لمكافحة الإرهاب في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وهو الآن مستشار كبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "ستواصل الولايات المتحدة تكثيف اهتمامها بالتهديدات القادمة من اليمن في حين تسعى لتمكين حلفائها في المنطقة من محاربة القاعدة على الأرض."



ومضى يقول "اليمن يمثل نقطة الضعف لدول الخليج العربية حيث القاعدة تضرب بجذورها في بلد يعاني من أزمة اقتصادية عميقة وندرة في الموارد ويشهد اضطرابات سياسية وسكانية واجتماعية مستمرة."

في جنوب اليمن وإنما يعني أيضا التعامل مع تمرد قبلي شيعي منفصل في الشمال. وهناك أيضا حاجة ملحة لمعالجة مشكلات أخرى طويلة الأجل من بينها الفساد المستشري والنقص المتزايد للغذاء والمياه. لكن اليمن مهيأ فيما يبدو ليكون مسرحا لنوع من التدخل الأمريكي السري إلى حد كبير الذي قلما يكون موضوعا لنقاش علني والذي يعتقد كثيرون أنه سيكون نموذجا للتدخل في الصراعات في السنوات المقبلة.

 

أنماط التدخل



يقول كريستوفر شتاينيتس وهو محلل متخصص في شؤون اليمن في مركز تحليلات سلاح البحرية الذي تموله الحكومة الأمريكية "بعد العراق وأفغانستان هناك إدراك بأن أنماط التدخل بقوات كبيرة ومدججة بالسلاح لم يعد مطروحا". وتابع قائلا "ما نشاهده هنا هو استراتيجية مختلفة تماما تعتمد على الطائرات بدون طيار والمستشارين والقوات المحلية اليمنية."



وثمة مؤشرات ملتبسة على النجاح في أفضل الأحوال. ففي الوقت الذي حققت فيه قوات الأمن اليمنية المدعومة بهجمات جوية أجنبية تقدما ضد معاقل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وقع هجوم انتحاري وحشي ضد قوات الأمن في العاصمة صنعاء الشهر الماضي أسفر عن مقتل ما يزيد على 100 شخص.

 

أضرار جانبية



يقول خبراء يمنيون إن إبقاء الدعم العسكري الأمريكي بعيدا عن العيون قد يكون أمرا رئيسيا لنجاحه. وبالفعل لا تحظى الهجمات بطائرات أمريكية بدون طيار بتأييد في اليمن نظرا لما تحدثه من "أضرار جانبية" للمدنيين. وسيؤدي النشر المعلن لقوات أمريكية تضطلع بأدوار قتالية إلى نفور أكبر.



ولكن بعض الخبراء اليمنيين يقولون: إن الإصلاح السياسي الأوسع لتجنب الانزلاق مرة أخرى إلى الاضطرابات والاقتتال ربما لا يقل أهمية عن كسب المعركة.



وأصدر البيت الأبيض في مايو الفائت أمرا تنفيذيا يمنح وزارة الخزانة الأمريكية سلطة مصادرة الأصول الأمريكية لأي شخص "يعرقل" الانتقال السياسي في اليمن وهو ما اعتبر تحذيرا ضمنيا للرئيس صالح وشخصيات أخرى بارزة.



ويعتقد كثير من الخبراء اليمنيين أن ذلك قد يكون كافيا لإقناع صالح وحلفائه السابقين داخل الحكومة وخارجها لتجنب محاولة مفاقمة الأوضاع بما يخدم أهدافهم. ومن المفترض أن يغادر صالح نفسه اليمن بموجب اتفاق سياسي تم بوساطة أمريكية لكنه لم يفعل ذلك حتى الآن.



ولكن بالنسبة للحكومة اليمنية فإن الموالين السابقين لصالح وأعضاء القاعدة مجرد خطران ضمن مخاطر عديدة. وبالنسبة لليمن والسعودية فإن تمرد الحوثيين في الشمال ينظر اليه باعتباره مصدرا كبيرا للقلق على الأقل. كما ان الاتهامات بأن إيران ربما تدعمه جذبت قدرا من الانتباه الأمريكي لكن من الثابت أن الأدلة الحاسمة ما زالت غير موجودة إلى حد كبير.

 

مصنعي المتفجرات الأكثر خبرة 



وينظر إلى مصنعي المتفجرات في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب باعتبارهم من بين مصنعي المتفجرات الأكثر خبرة في العالم وهم مسؤولون عن عدد من محاولات التفجير الفاشلة "بمتفجرات توضع في الملابس الداخلية" لطائرات ركاب ويعملون على تطوير متفجرات يصعب اكتشافها. كذلك يعتقد أن الدعاة عبر المواقع الإلكترونية سببا في دفع أفراد في الولايات المتحدة والخارج نحو التطرف.



ويتساءل البعض عما إذا كان سيثبت خطأ قرار القاعدة في جزيرة العرب السيطرة على بعض الأراضي ومحاربة الحكومة اليمنية بأساليب تقليدية. وتظهر خطابات عثر عليها في المبنى الذي يقيم فيه أسامة بن لادن بعد قتله العام الفائت أنه قدم نصحا يتعارض مباشرة مع هذا النهج محذرا من أن ذلك قد يفشل في تلبية طموح السكان المحليين.

 



الاحتياجات الإنسانية



على صعيد آخر قدرت منظمة التعاون الإسلامي حجم الاحتياجات الإنسانية في اليمن بأكثر من بليون دولار أمريكي، ودعت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه معاناة اليمنيين الإنسانية بعد نحو 15 شهرا من الاحتجاجات. ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) أمس السبت عن الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية بمنظمة التعاون الإسلامي السفير عطاء بخيت، قوله "إن حجم الحاجيات التنموية والإنسانية لليمن تتجاوز البليون دولار".



وأضاف بخيت "إن هناك سوء فهم لحجم الأزمة الإنسانية الموجودة في اليمن.. ويكمن الحل في تسليط مزيد من الضوء ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته". وأكد على أن منظمة التعاون الإسلامي تعتزم فتح مكتب لها في اليمن حيث اكتملت جميع الترتيبات، وقال "نحن نأمل من خلال وجودنا في صنعاء هذه الأيام فتح المكتب رسميا".

وتوجد حاليا في اليمن بعثة إنسانية دولية مشتركة من منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون وجامعة الدول العربية، إضافة إلى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.



ميدانيا؛ أعلن مصدر أمني يمني أمس عن مقتل 10 من عناصر جماعة "أنصار الشريعة" التابعة لتنظيم القاعدة خلال مواجهات مع الجيش اليمني لدى توجه وحدات عسكرية إلى منطقتي العرقوب وشقرة. وقال مصدر أمني ليونايتد برس إنترناشونال: إن وحدات عسكرية كانت قادمة مساء أمس الجمعة من مديرية لودر بمحافظة أبين التحمت مع عناصر القاعدة عندما أن كانت في طريقها إلى منطقتي العرقوب وشقرة وتمكنت من قتل 10منهم واعتقال 14 آخرين.



وأكد المصدر أن الجيش يسعى إلى السيطرة على تلك المناطق بغرض قطع الإمدادات التي تصل إلى عناصر القاعدة قادمة من محافظة شبوة إلى أبين واستكمال تنفيذ خطة عسكرية لاستعادة السيطرة على مدينتي زنجبار وجعار وتطهيرها من العناصر "الإرهابية" التي تسيطر على المدينتين منذ عام كامل>

وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى