قضية اسمها اليمن

يجب أن لا تصبح اليمن صومالا آخر

 

اذا كان هناك من شيء ثابت في عالم الازمة المتناثرة، فانه ذلك الوضع الانساني في اليمن الذي يزداد سوءا. مثل هذه الايام من العام الماضي, كان ديكتاتور اليمن علي عبدالله صالح يقاوم رحيله النهائي. نشرت منظمة اوكسفام تقرير قالت فيه ان ثلث اليمنيين يعانون من الجوع و سوء التغذية المزمن.

اليوم رحل صالح, و أقربائه في طريقهم الى ترك المناصب الحساسة التي وضعهم فيها. بعد فترة وجيزة من هجوم القاعدة اثناء التدريبات لعرض عسكري يوم الاثنين، و الذي راح ضحيته اكثر من 100 جندي، تم تخفيض رتبة اثنين من أقرباء صالح من قوات الأمن المركزي و وزارة الداخلية، و شمل ذلك يحيى، ابن شقيق صالح. في ابريل، استغرق الامر 19 من التحدي، قبل قبول الاخ غير الشقيق لصالح، اللواء محمد صالح الأحمر، الإقالة من قيادة القوات الجوية اليمنية. إذا كان هناك من شخص بيده مقاليد الامور في اليمن هذه الايام، فهو على الأرجح السفير الامريكي الذي يكيل الثناء للرجل الذي جعلوه رئيسا، عبدربه منصور هادي.

لكن سواء كان هادي سيد نفسه او كان حامد كرزاي اخر، فان ذلك لا يشكل فرقا كبيرا في معاناة البلاد عامة.

هذا الاسبوع قالت سبع وكالات مساعدات (كير، الادوية الدولية، الاغاثة الإسلامية، ميرلين، ميرسي كوربس، اوكسفام، سيف ذا تشيلدرن) قالت ان 44 بالمائة من السكان – 10 مليون شخص – يعانون من الجوع. و يحتاج ربعهم الى مساعدات طارئة عاجلة. حيثما توجهت هناك ضوء احمر يلمع – فلاش أحمر للتحذير. مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ( اوتشا) قال ان نحو مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد و ربعهم قد يموتون. معدلات سوء التغذية في الحديدة و حجة بلغت ضعف مستوى الطوارئ.

تقول كيلي جيلبرايد مستشارة السياسة بمنظمة اوكسفام في صنعاء "الفرق هذا العام في حجم و مدى الازمة. اليمن تواجه صراعات في كل من الشمال و الجنوب. هذه الصراعات خلقت مستويات عالية من النزوح. لاحظنا ان زمة الغذاء توسعت في كل انحاء البلاد. الغذاء متوفر في الاسواق، لكن الناس لا يستطيعون شراءه".

هذا الوقت من العام ليس موسم حصاد و من المتوقع ان يعتمد اليمنيون على المخزون الذي لديهم من الغذاء. حاليا لا يستطيعون عمل ذلك. المزارعون بدورهم إما يكونوا قد اوقفوا انتاجهم او بصدد القيام بذلك، و ذلك لنفاذ ما لديهم من مخزون. و من المتوقع يتوجه الرجال الاصغر سنا الى المملكة العربية السعودية للبحث عن عمل هربا من البلاد التي مزقتها الحرب.

تقول السيدة جيلبرايد "البلاد بأكملها تشكو من نضوب المياه.

هناك سيناريوهين في المناطق النائية. هناك اناس يصلهم الماء، لكنهم لا يستطيعون دفع 20,000 ريال يمني – 60 جنية استرليني – لشراءه. او كما في براع، تذهب النساء الى نقاط المياه في الجبال و يسقطن بداخلهن، او يسقطن من الجبال نتيجة لوعورة الطرق التي يسلكنها".

لا احد غافل عن هذا الامر. ولشراء الغذاء من الأسواق، تقوم اوكسفام بتوزيع اموالا نقدية. ووفقا لسلة أسعار المواد الغذائية فأنهم يسعون الى دفع ثلث مجموع فاتورة الغذاء و التي تقدر ب 15-40 جنية استرليني في الشهر للأسرة الواحدة.

لكن كما كان الحال العام الماضي، فان وكالات المساعدات تمكنوا فقط من الحصول على جزء من المبالغ التي وعدوا بها. بريطانيا التي ترأست مؤتمر اصدقاء اليمن في الرياض، تعهدت بتقديم 28 مليون جنية استرليني. و منذ أكتوبر 2011، قدمت الولايات المتحدة 73 مليون دولار على شكل مساعدات إنسانية، تشمل 47 مليون دولار كمساعدات غذائية عاجلة.

في ظل الصراعين الدائرين معا، الحوثيين الشيعة في الشمال و الحركة الانفصالية في الجنوب، فان عسكرة اليمن و تركيز الولايات المتحدة على اعتبار اليمن أرض لمعركة أخرى في حربها على القاعدة، ستظل مستمرة.

و خلال الشهرين الماضيين فقط اجبر اكثر من 95,000 شخص على مغادرة مساكنهم نتيجة القتال الدائر بين مختلف الاطراف في البلاد. اذا استمر الأمر كذلك، فإن الأزمة الإنسانية ستصبح تحديا ليس لوكالات المساعدات العاملة على الأرض فحسب، لكنها تمثل تحدي للسياسة الخارجية لواشنطن نفسها في اليمن.

محاربة القاعدة بواسطة الطائرات من دون طيار يعد شيء، لكن تحمل عبء دولة في حالة إنهيار يعد شيء اخر.

إنه أمر مختلف، لكن الطريق الذي تسير فيه البلاد، قد سلكه اخرون قبلهم. الصومال يتبادر إلى الذهن.

المصدر: صحيفة الجارديان

بقلم ديفيد هرست –  ترجمة : مهدي الحسني:

زر الذهاب إلى الأعلى