تحليلات

الصراع على الهيمنة والسلطة يتصدر المشهد اليمني

 

القاهرة: أشرف أبو جلالة

في وادي أرحب الوعر الواقع شمال اليمن والمحاط بمجموعة من الجبال وردية اللون، يقوم الصراع الدائر هناك بين فصائل يمنية بسحب موارد من حرب أكثر ضراوة يتم خوضها ضد العناصر المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة في جنوب البلاد المضطرب.

وهو الصراع الذي ألقى بتداعياته الموحشة على السكان، والذين تحولوا، بفضل هذه الأوضاع المأسوية، إلى ضحايا، وكان من بينهم أسرة تلك السيدة التي تدعى حكمة عبد الله وأبنائها العشرة، حيث يعيشون في منزل أشبه بالكهف المظلم وينامون على بطاطين متربة فوق الأرضية الصلبة ويتقاسمون مساحة ضئيلة مع أسرتين أخريين.

أما المنازل التي توجد أسفل المنطقة الجبلية المرتفعة التي يقيمون بها فقد تحطمت نتيجة قصفها بالمدفعية وقذائف الهاون، في إشارة دالة على حدة المعارك المشتعلة هناك.

وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن عبد الله قولها: "الأطفال خائفون للغاية من النوم في منزلنا. فالقصف من الممكن أن يبدأ في أي وقت". وأعقبت الصحيفة بقولها إنه حتى وفي الوقت الذي بدأت تكثف فيه إدارة الرئيس باراك أوباما جهودها الرامية إلى إضعاف فرع تنظيم القاعدة في اليمن، فإن رئيس البلاد الجديد الذي تدعمه أميركا بدأ يواجه صراعاً على مستقبله الشخصي.

وأوضحت الصحيفة أن الصراع على النفوذ والهيمنة بات واضحاً بين الأشخاص الموالين للرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وبين خصومه القدامى، وبخاصة في العاصمة صنعاء، وفي وادي أرحب، على ضواحيها. وهو الأمر الذي جاء ليختبر صلاحيات وسلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي كان نائباً للرئيس السابق، وقدرته على المضي باليمن قدماً صوب حقبة جديدة بعد 33 عاماً من الحكم الاستبدادي.

لكنه في الوقت الذي حقق فيه بعض النجاحات، ظل الجيش منقسماً وممتناً أكثر للقادة، المؤيدين أو المناهضين لصالح أكثر من هادي، الذي تولى مقاليد الحكم في شباط/ فبراير الماضي. وتابعت الصحيفة بقولها إن ما يحدث في أرحب، الواقع على بعد ما يقرب من 15 ميلاً شمال العاصمة، هو استمرار للمواجهة العسكرية القائمة منذ عام، نتيجة خلافات داخل القوات المسلحة، أدت إلى تقسيم صنعاء وإصابة الحكم بحالة من الشلل.

وقال في هذا السياق محللون ومسؤولون وقادة قبائل يمنيون إن الصراع الدائر حالياً هو صراع دائر على السلطة والقوة، بيد أن تأثيره واضح وملموس في المعركة التي يتم خوضها ضد القاعدة. وأضافوا أن الجزء الأكبر من قوات البلاد المخضرمة، بما في ذلك العديد من قوات مكافحة الإرهاب المدربة من قبل الولايات المتحدة، منتشرة في العاصمة وفي أرحب، للمحافظة على النفوذ السياسي لقادتهم، بدلاً من انتشارهم في الجنوب، لمحاربة العناصر المتشددة المسلحة المنتمية إلى تنظيم القاعدة.

وسبق لتنظيم القاعدة في اليمن أن استهدف الولايات المتحدة مراراً وتكراراً. فيما قال عبد الغني الارياني وهو محلل سياسي بارز في المنطقة :" لقد أخذت التوترات التي تشهدها المنطقة المحيطة بصنعاء عدة موارد من الحرب ضد الإرهابيين في الجنوب".

ومضت واشنطن بوست تتحدث عن الأهمية التي يحظى بها وادي أرحب من الناحية الإستراتيجية، نظراً لقربه من مطار صنعاء الدولي، واشتماله على أهم قواعد الحرس الجمهوري في المنطقة. كما أنه كان مقراً لرجل الدين البارز عبد المجيد الزنداني، الذي وصفته الولايات المتحدة بالإرهابي للاشتباه في علاقته بالقاعدة.

ومن الجدير ذكره أن الصراع في أرحب بدأ خلال الصيف الماضي، بعد أن انضم علي محسن الأحمر ولواؤه المدرع الأول إلى الانتفاضة اليمنية الداعمة للديمقراطية، وبعد أن قتلت القوات الحكومية العشرات من المتظاهرين في صنعاء وتعز.

وزادت حدة المعارك شدة حتى بعد أن تم التوصل إلى اتفاق يقضي بنقل السلطة، ليتم تمهيد الطريق للرئيس صالح كي يتنحى ويسلم كافة الصلاحيات لنائبه منصور هادي. وقال منصور علي الحانق، الزعيم القبلي الذي يقود القتال في أرحب "لا يمكن للبلاد أن تكون مستقرة وآمنة حتى يرحل أحمد علي صالح وباقي أفراد العائلة من مناصبهم. فهم لا يتبعون التعليمات التي تصلهم من وزارة الدفاع أو من الرئيس. بل إنهم يتبعون الأوامر والتعليمات التي تصلهم من الرئيس السابق علي عبد الله صالح".

وختمت الصحيفة بنقلها عن تاجر يدعى شهاب أبو غانم، 32 عاماً، قوله:" لن يتغير شيء إلا إذا توحد الجيش وتم إصلاحه وتم تنظيم صفوفه تحت القيادة السياسية".

زر الذهاب إلى الأعلى