تحليلات

لماذا يستمر دعم وتمويل سعوديين لتنظيم القاعدة ؟

العالم – خلال السنوات التي تلت تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، عملت المملكة السعودية جاهدة على فك الارتباط شكليا بينها وبين تنظيم القاعدة عبر الانضمام إلى الحرب الأميركية على الإرهاب، إلا أن لعنة الوثائق والأدلة، التي فشلت المملكة في اخفائها، اعادت آل سعود الى المربع الاول في نقطة الصفر، نقطة ابتلعت الضحايا لكنها شكلت انطلاقة جديدة لاحتضان سعودي خفي للارهاب الوهابي.


في أبريل نيسان الماضي كشفت وثيقة سرية نشرها موقع ويكليكس، أن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية ، اعترفت بأن المملكة العربية السعودية هي "المصدر الأول لتمويل الجماعات الإرهابية عبر العالم"، محذرة من أن "متبرعين سعوديين هم المصدر الأقوى لتمويل الجماعات الإرهابية في جميع المناطق التي يسودها التوتر في العالم".
أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن متبرعين من السعودية هم المصدر الأقوى تمويل جماعات إرهابية سنية في أنحاء العالم، هذه التصريحات جاءت في وثيقة سرية سربها موقع ويكليكس، ونشرت أخيراً على الإنترنت، وقالت كلينتون أن إقناع المسؤولين السعوديين بمعالجة هذا الأمر على اعتبار أنه أولوية استراتيجية يعتبر تحدياً قائماً ومستمراً
وأكدت كلينتون أن من أبرز الجماعات التي تحصل على التبرعات السعودية تنظيم القاعدة، وحركة طالبان، وتنظيم "لشكر طيبة" في باكستان.
هذا الاعتراف من كلينتون بضلوع سعوديين في القاعدة والمجموعات المسلحة المتطرفة دعم بمعلومات نشرتها صحيفة نيويورك تايمز مؤخرا عن توجيه نائبين أميركيين أصابع الاتهام إلى المملكة العربية السعودية في إطار تحقيق في اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر وأشار أحدهما إلى علاقة "مباشرة" محتملة بين الحكومة السعودية وبين بعض منفذي هذه الاعتداءات.
  ويقول سناتور فلوريدا الديموقراطي السابق بوب غراهام، الذي ترأس لجنة تحقيق تابعة للكونغرس في هذه الاعتداءات، إنه "مقتنع بأنه كانت هناك علاقة مباشرة بين على الأقل بعض الإرهابيين الذين نفذوا اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر وبين الحكومة السعودية".
من جانبه كتب سناتور نبراسكا الديموقراطي السابق بوب كيري، الذي كان عضوا في لجنة 11 ايلول/سبتمبر، "هناك عناصر تشير إلى تورط ممكن لعملاء مفترضين للحكومة السعودية في اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر لم يتم تتبعها على الاطلاق".
وتأتي هذه الأقوال التي تم الإدلاء بها تحت القسم ردا على السلطات السعودية التي أكدت في إطار التحقيق القضائي نفسه أنها "أعفيت" من أي صلة لها بهذه الاعتداءات وفقا لجمعية أسر ضحايا 11 ايلول/سبتمبر.
وقد رحبت أسر الضحايا بتصريحات النائبين السابقين. وقالت بيفرلي بارنيت، وهي والدة واحدة من ركاب الرحلة 93 التي سقطت في بنسيلفانيا، إن "أسر الضحايا والناجين من فظائع 11 ايلول/سبتمبر لم يفقدو أملهم في العدالة. ونحن مصممون على إظهار الحقيقة".
واضافت في بيان ان "ممولي وشركاء الذين اغتالوا أحباءنا ما زالوا على قيد الحياة وقادرين على دعم الإرهاب. الخيوط التي تقود اليهم تتجه دائما نحو السعودية".
هذه الاتهامات الأميركية المباشرة لوقوف المملكة السعودية خلف تمويل بعض المجموعات الإرهابية المسلحة في المنطقة وبينها تنظيم القاعدة كان كشف عنها سابقا وأكدتها المواقف الأخيرة التي اتخذتها الرياض بشأن تمويل المجوعات المسلحة في سورية بالمال والسلاح .
وزير خارجية قطر حمد بن جاسم ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل قفزا مباشرة فوق مضامين تقرير بعثت المراقبين العرب، ليكشفوا مدى تربصهم بسوريا وشعبها من خلال توفير الدعم للمجموعات الإرهابية المسلة بأشكاله المختلفة، اللوجستي والسياسي والإعلامي، وهو الإعلام المفبرك الذي تحدث عنه تقرير بعثة المراقبين، والذي ساهم في زيادة الاحتقان وفي سفك مزيد من الدم السوري، وما التلاقي السعودي القطري على موقف مضاد لسوريا وشعبها واستدعاء التدخل الخارجي إلا دليل على تورطهما وشراكتهما الكاملة في سفك دم السوريين، وفي تنفيذ أجندات الغرب وأميركا وإسرائيل الهادفة إلى تفتيت المنطقة والاعتداء على شعوبها، بمكوناتها المختلفة..
هناك شغل مخابراتي خطير تم الاتفاق على التخلص من الرؤوس، نحن نسميها العفنة، التي دعمت القاعدة، والتي دعمت السعوديين واليمنيين والمصريين، أنا أسمي كوزير داخلية لا زالت صور جوازاتهم عندي، عندهم دخول سوريا ولا يوجد لديهم دخول لأي دولة ولقيناهم بالعراق هم وجوازاتهم، أكثر من 40 جواز عندي صورتهم، وهذه المعلومة أنا نقلتها لوزير الداخلية السورية في حينه، فمصر وليبيا وتونس والمغرب والجزائر، أكثر دول كانت داعمة للإرهاب هي المملكة العربية السعودية والدور أتيها، والدولة الثانية هي ليبيا، فكان معمر القذافي يعتقد أنه يتخلص من الإسلاميين ويجهزهم ويعطيهم الفلوس، ويغسل دماغهم، وينقلهم إلى سوريا، وهكذا بقيت الدول التي ذكرتها دون استثناء.
الكاتب خضر عواركة المختص بالشأن السعودي أشار في مقال له إلى أن علاقة الأسرة السعودية الحاكمة بتنظيم القاعدة لم تنقطع بعد أحداث 11 سبتمبر، وذكر أن التدقيق في التقارير الصحافية خاصة الأميركية منها عن الإحداث التي تلت العام 2001 في العراق وفي لبنان تظهر بأن العلاقة السعودية بالحركات الإرهابية لم تنقطع أبدا لا بل إن الطرفين كانا يتبادلان المصالح فضلا عن أن هناك جهات كبيرة داخل القاعدة وغيرها من الحركات السلفية المقاتلة تتلقى دعما رسميا سعوديا مباشرا وتنفذ أجندات سعودية رسمية مباشرة ،  و هذا بالتحديد ما قاله سيمور هيرش في مقابلة سابقة له مع قناة السي أن أن من أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط قد تغيرت لمواجهة إيران سوريا وحلفائهما "الشيعة" بأي ثمن حتى لو عنى ذلك دعم المتشددين السنة.
ومما نشر في تقرير لمنظمة مقرها واشنطن أن الدعم السعودي المالي واللوجستي لحركات وشخصيات وجمعيات وهابية حول العالم ساهم بشكل حاسم في دعم الحركات الإرهابية عبر نشر ثقافة التكفير والكراهية ضد كل من لا يؤمن بالفكر الوهابي.
  المنظمة التي تعتبر السعودية بلدا حليفا لأميركا أكدت أن كل الوثائق التي استندت إليها المنظمة لاتهام النظام السعودي بدعم الإرهاب عبر نشر ثقافة الكراهية والتكفير صادرة عن جهات سعودية رسمية أو موزعة عن طريق السفارات السعودية في الخارج أو هي صادرة عن جهات دينية سعودية معينة من قبل الملك السعودي أو أنها مطبوعة أو موزعة عن طريق جهات دينية أو مساجد مدعومة من السلطات السعودية .
  المدير السابق للمخابرات الأميركية جيمس وولسي كان أدلى بشهادة أمام لجنة العلاقات الدولية في الكونغرس في الثاني والعشرين من ايار – مايو ألفين وأثنين عن علاقة السعوديين بدعم المنظمات التكفيرية فزعم أنه جاء كردة فعل سعودية على انتصار الثورة الإسلامية في إيران وعلى الانتفاضة التي قادها جهمان العتيبي.

وعن سبب دعم المملكة السعودية الإرهاب وتنظيم القاعدة، قال المتخصص في شؤون الشرق الأوسط الدكتور وفيق إبراهيم : إن مبرر وجود الدولة السعودية هو إنتاج لقراءة دينية مختلفة عن كل القراءات الدينية في الإسلام، هذه القراءة ملاً تقوم على تكفير كل المذاهب الإسلامية من دون استثناء، إنما بدرجات متفاوتة، وذلك بعد تكفيرها لكل الأديان في العالم، من المسيحية إلى اليهودية إلى البوذية وكل العرب، هذا مبرر قيام الدولة السعودية، لذلك الدولة السعودية عندما احتاجت أميركا إلى تغطية إسلامية لحربها ضد الروس في أفغانستان، أسست تعليماً دينياً وهابياً في السعودية كان شديد التطرف، وأنتج كل التنظيمات الإرهابية التي نراها اليوم، إنما هو ثمرة هذا التعليم الديني السعودي الذي تأسس في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، في السعودية وفي باكستان تحديداً.
واضاف: أنا أعتقد أن هناك تنسيقاً أميركياً عالي المستوى بدء مع الحرب في أفغانستان على الروس، ثم تباين لبعض الوقت، ثم عاد للإنسجام باعتبار أن القاعدة التي هي مكون أساسي من مكونات التعليم الديني الوهابي عادت إلى أداء دور وحيد هو ضرب الوحدة الوطنية في كل الدول العربية والإسلامية، في العراق، في أفغانستان، في باكستان، في الصومال، في اليمن، لديها دور واحد مهاجمة المذاهب الإسلامية الأخرى، والابتعاد عن الأميركيين، أخطئوا في 11 سبتمبر يعني كما يبدو فعادوا إلى رشدهم  الفعلي الذي هو الرشد الوهابي التكفيري وعادوا إلى مهاجمة كل المذاهب الإسلامية الأخرى، هذا هو دورهم اليوم مع المسيحيين أكيد، سوريا نموذج لما يجري، اليوم تبدى المال السعودي الذي يدعم الإرهاب في عملية إرسال الإرهابيين ذوي الخلفيات الدينية الوهابية إلى سوريا ومحاولتهم الهجوم على كل ما يتحرك، عندما يهاجمون دمشق، إنما يهاجمون أناس هم سنة وشيعة ومسيحيين ومن مختلف المذاهب، لا يفرقون بين الواحد والآخر، لديهم هدف موحد هو ضرب الوحدات الداخلية. من يستفيد من ضرب الوحدات الداخلية في العالم العربي والإسلامي، الأميركيون أولاً..

زر الذهاب إلى الأعلى