فضاء حر

كيف أصبح وضعي في صنعاء متأزما

 

لم يعد مجدياً الكتابة عن سأم الحياة في صنعاء،أين نذهب؟ يقال ان اكتشاف مزايا السجن فضيلة ولا أروع، تجعلك تحب التجول اليومي بين الحصبة وحدة دون أن تتألم. مع أنه لا شيء مؤلم أكثر من التجول بين مكانين في صنعاء،والمرور الى جوار عمارة لا إله الا الله،هذه العماره تدمرني كل يوم، إنها تذكرني بكل الذي يتكوم داخلي من إخفاقات والتزامات مؤجلة.

عمارة تذكرني بالسهر وبنطلوناتي التي ليست على مقاسي ،وكلما مررت بعيوني على عمارة لا إله الا الله يصبح وضعي في صنعاء غير معقول البتة.

وإذن، يجدر بك السير على ايقاع المدينة، والتكيف مع بعد المغرب وأنت تحدق في الفيسبوك وهو يسألك عن ما يخطر ببالك. لا يمكنني بالطبع ان اقول له ان عمارة لا إله الا الله هي ما يخطر ببالي، وأنني دون أن أدري أجد نفسي فجأة الى جوارها، مع أني في أكثر من مرة أنبه سائق التاكسي لأهمية تجنب عمارة لا إله الا الله، ولا أدري الا ونحن الى جوارها، وهو يقول لي: زحمة.

يقال إن المباني والنصب التذكارية ومدى الشوارع ،على مقاس سيكلوجيا الناس في أوروبا مثلاً، ذلك أنهم يشيدون مسرحاً أو مبنى لإحدى الشركات، متنبهين لضرورة أن يقوم المبنى بجعل مرور الناس من أمامه أقرب الى النزهة.

صنعاء مخبوطة للغاية؛ لا بناء يناغم الآخر الا في صنعاء القديمة، وأنا لا أمر بها. أمر بهذه الغلظة العمرانية التي وكأنها تقوم بعمل لئيم ضدك، وكأنها تعمل على مفاقمة تمزقك وحالة التلفت التي تدهمك بعد المغرب.

وفي حال كنت مثقفاً قد يتخاطر لك ريبية الموسوس في طريقه للانهيار وهو يناصب الدكاكين العداء، إذ يفكر احدنا انه من العته معاداة الدكاكين، مع أنه ثمة أناس في مدن الدنيا يخوضون صراعاً مريراً مع مبانٍ مستفزة وشوارع لئيمة اثناء بحثهم عن الانسجام. أظنه موبوسان الذي غادر فرنسا كلها بسبب حقده على برج إيفل.

مبنى اليمنية محترق وفؤادي مجروح من عمارة الصلاهم ولا أدري كيف أتصرف. نحن نعيش في اللا رحمة؛ السائق عدواني وعامل محطة البنزين متعالٍ ويسكب البنزين على قدمك متسائلا: "مالك"؟ الناس يحكون صدورهم، وأعود كل مساء لأتورط في النزاع حول توزيع حصص الماء من خزان العمارة.

قد يفكر أحدكم: "هذا الكاتب يروي لنا متاعبه مع الحصبة للمرة العاشره". أنا بحاجة لهذا النوع من المشاركة، ثم إنها ليست المرة العاشرة، أظنني كتبت ست مرات فحسب حول :كيف أصبح وضعي في صنعاء متأزماً.a

عن صحيفة " الأولى"

زر الذهاب إلى الأعلى