فضاء حر

الثالوث الرهيب والثالوث الإرهابي

 

 قالها بمرارة ، وسمعتها أو تجرعتها كالعلقم .. طفلة تعاني من فشل كلوي في تعز وأهلها قادرون على علاجها إلا أنهم في تعز التي لم تستطع إدارتها ومستشفياتها أن توفر علاجاً لهذه الطفلة المنكوبة بثورة الداء في جسدها وبأزماتنا المزمنة ، ولعل هذا بات طبيعياً في بلادنا على انها فوق ذلك لم تستطع أن توفر للطفلة سيارة إسعاف توصلها إلى صنعاء ..

ويقولون لك أن 26 سبتمبر كانت ثورة وأن الثورة الشبابية الشعبية اليمنية ( ثورة 11 فبراير  2011م ) هي مجرد أزمة والمبادرة الخليجية ستعالج الأزمة .. بل وستحقق أهداف الثورة تماماً كما فعلت مع أهداف سبتمبر ..

كنا نقرأ أن ثورة سبتمبر انطلقت لنتخلص من الثالوث الرهيب : الجهل والفقر والمرض ، وبعد عقود اكتشفنا أننا لم نتخلص من الثالوث بل تخلصنا فقط من كلمة ( رهيب ) إذ تحول إلى ثالوث  ( إرهابي ) ..

وبموازاة هذا الثالوث الإرهابي المكرس من قبل النظام الذي لم يسقط بعد يوجد ثالوث يقاوم هذا الإرهاب ويجترح التغيير ويحارب طواحينهم المحلية والخارجية ، وهذا الثالوث التغييري يتمثل بكل من شباب الثورة ، والحراك الجنوبي ، والحوثيين ( أنصار الله ) ، ولولا هذه القوى لأمكن الجبهة المضادة أن تمرر المؤامرة بسهولة ..

ولأنهم لم يستطيعوا فعل ذلك فلم يعد بمقدورهم سوى التعبير عن الفشل باستهداف هذه القوى الثلاث فالشباب يتعرضون اليوم لترهيب وترغيب ووعد ووعيد ، والحوثيون يعانون من الاستهداف المباشر ويمكن أن نستشف ذلك بكل بساطة بقراءة للأخبار التي تبثها قنوات وصحف ومواقع أصحاب التسوية السياسية والمبادرة الخليجية ومن تبعهم لاسيما تلك المحسوبة على حزب الإصلاح ، وكيف تمتليء بعبارات الشحن الطائفي والتحريض وإثارة الفتنة ، والغريب أنهم في ذات الوقت يتحدثون عن الحوار ، فكيف يمكن أن يجتمع الحوار والتحريض ..؟!

الحوثيون بدروهم قدموا رؤيتهم للحوار بالرغم من كل الشحن الطائفي وهي رؤية وطنية بامتياز وأفكار متقدمة تضمنت شروطا عشرة ، وقد وصفتها في برنامج تلفزيوني بأنها تعجيزية لجبهة إنقاذ المبادرة الخليجية / السعودية ولكل من يقف وراءها ومن وقع عليها وعلى التزاماتها لسبب بسيط هو انها معبرة عن أهداف الثورة ومتطلبات التغيير الحقيقي لا التبديل المزيف ..

أما الحراك الجنوبي فيتعرض فوق الانقسام وأزمة القيادة التي يعانيها لمؤامرة كبرى في الوقت الراهن من قبل الرياض التي تريد أن تشتت المشتت وتقسم المقسم ليمكنها الإمساك بخيوط اللعبة هناك لاسيما أن أنصار الشريعة أو (القاعدة) وكلنا نعرف أن أموال السعودية تدعمهم منذ سبعينات وثمانينات القرن الماضي قد أصبحوا طرفاً أساسياً في الصراع هناك .

تعبيرات المؤامرة السعودية على الجنوب واضحة فلقد نهضت مؤخراً قيادات جنوبية كانت ولاتزال مرتهنة للرياض بالتحرك نحو عدن بدعوى أنها تجمع الشتات ثم يكشف الواقع أن الشتات يقول لهم كفى تشتيتاً فيصابون بخيبة أمل كبيرة ، ولا يخلو الأمر من دلالات متهافتة لاسيما أن قائدا ميدانياً للحراك الجنوبي بحجم حسن باعوم يغيب عن المشهد ولايزال يخضع للعلاج في الخارج منذ فترة قضى معظمها في السعودية ..

في الشمال عانينا كثيراً من النظام السعودي فكانت الحرب وكانت المعاهدات وجاءت ثورة سبتمبر فأجهضت ، وتبعتها الأزمات وابتلعت الرياض كل شيء فيما كان يسمى الجمهورية العربية اليمنية بما في ذلك القرار والسيادة واغتيال الرئيس السلف واختيار الرئيس الخلف وتعيين الوزير وانتخاب النائب ..

الجنوب كان في منأى نسبياً عن هذا التدخل السافر ، وكان لهذا النأي ما يفسره في ظل الحرب بين القطبين العالميين آنذاك وانخراط اليمن الجنوبي في المنظومة الاشتراكية التي يمثل ذروتها ما كان يسمى الاتحاد السوفيتي .. ، ولم تكن ثمة علاقات على نحو مدروس ويتسم بالدبلوماسية والندية سوى في فترة حكم الرئيس علي ناصر محمد 80-86م ، حيث تمكن من إزالة الهالة والتهويل التي كان الجنوب يُحاط بها ، وقام بتطبيع العلاقات مع عُمان والسعودية كدول جوار ينبغي التعامل معها دون التدخل بالشؤون الخاصة لكل دولة على حدة ، وفي هذا نوع كبير من الإنجاز إذ يتضمن اعترافاً بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وباستقلاليتها وسيادتها ومكانتها من قبل السعودية التي لا تؤمن بمثل هذا الحق لدول الجوار بوصفها دولة توسع ولا أدل على استمرارها في هذا النهج التوسعي مما أعلن مؤخراً من قيام اتحاد بين السعودية والبحرين ، بعد أن كانوا قد حولوا الأمير البحريني إلى ملك في وقت سابق .

إيماءة

لا تزال "فورة" المؤتمرات باسم الثورة اليمنية تتفاعل على أنه لن يضع لها الحد إلا مؤتمر واحد ووحيد تنظمه قوى التغيير الثلاث التي أسلفنا الإشارة إليها وتشاركها في ذلك معارضة الخارج الملتزمة بجبهة إنقاذ الثورة والرافضة لجبهة إنقاذ المبادرة  …

عن صحيفة اليقين
زر الذهاب إلى الأعلى