فضاء حر

المقاومة المدنية

 

 يمنات خاص – 


إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد للظلم أن ينجلي.. ولا بد للقيد أن ينكسر

عندما ينفجر بركان الشعوب لا نملك إلا أن نرفع أيدينا إلى السماء طلبا للنجاة ، و برغم أن الشعوب لا تثور إلا بسبب الظلم و الاستبداد و كبت الحريات من قبل حكامها ، إلا أن طبيعة هذا الغضب و وسائل التعبير عنه تختلف من مجتمع لآخر ، فبعض الشعوب تلجأ إلى النضال السلمي و البعض الآخر يلجأ إلى الكفاح المسلح ، و مهما اختلفت الوسائل فإن أهدافها تكون واحدة تصب في التحرر من الظلم الواقع عليها ، و في هذا المقال سوف نتطرق لشيء من النضال السلمي أو المقاومة المدنية ، لذا سنعمد إلى سرد بعض النقاط التي من خلالها يمكن للنضال السلمي أن يكون أكثر فاعلية من الكفاح المسلح في نظير الأنظمة.

أولا : المقاومة المدنية مثلها مثل أي عمل حقيقي ، تحتاج إلى تخطيط و تحضير للواقع المعاش لتحديد ميزان القوى .

ثانيا : لاندلاع أي مقاومة لا بد من مبادرة واضحة ، و هي ضرورية لاستمرار نشاط هذه المقاومة و يكون هدفها الأساسي هو الشعب لإيقاظ الجماهير و حشدهم .

ثالثا : تحديد الظرف التاريخي الملائم لاندلاع المقاومة ، و هذا يعد من أهم المفاتيح الرئيسية لنجاحها ، و هنا لا نعني ساعة الصفر للبدء ، لكن تشخيص العلاقة بين السلطة و المحكومين تشخصيا واقعيا ، علما أن عدد من المقاومات قد باءت بالفشل نتيجة لعدم تقدير الظرف التاريخي .

رابعا : تحديد المجالات التي تستهدفها المقاومة يعد عنصرا أساسيا لإنجازها و هنا لا نشترط أن يكون هذا المجال عبارة عن مؤسسة أو أشخاص و إنما نعني دراسة تحليلية لنقاط الضعف عند السلطة ، فعلى سبيل المثال إذا كانت نقاط الضعف تكمن في شرعيتها الدولية فإن ذلك يتطلب التخطيط لنشاطات المقاومة في المجال السياسي و الإعلامي ، بهدف إحراجها داخليا و محاصرتها خارجيا و خلق رأي عام عالمي معاد لممارستها .

خامسا : لن يقوم نشاط أي مقاومة دون حد أدنى من التنظيم ، فكلما ازداد تعقيد و حجم الخطوات التمهيدية للمقاومة كلما ازدادت المتطلبات التنظيمية . و تشير الخبرات التاريخية إلى أن المقاومة المدنية بحاجة إلى تشكيلين من التنظيم ، أولهما تنظيم قيادي يتولى جميع المهمات التي يتطلبها التحضير للمقاومة ، و لا بد هنا أن يكون على درجة عالية من السرية الملائمة لظروف المواجهة مع السلطة و طبيعة إجراءاتها المضادة .

و ثانيهما تنظيم جماهيري يتولى تنفيذ المهام الميدانية في المجالات المختلفة و اتخاذ المبادرات ضمن الخطط الموضوعة ، و هو تنظيم مفتوح يشمل أفرادا من مختلف الشرائح المتضررة من استمرار الوضع القائم أو ممارسات السلطة ، و في كثير من الأحيان يكون إدماج الشكلين أكثر فاعلية لنشاط المقاومة .

سادسا : يجب أن يؤدي استمرار النشاط في المقاومة إلى الآتي :

* إثارة الاعتزاز بالنفس و بالقيم الاجتماعية و بالتراث و الهوية .

* إعادة إحياء المؤسسات و القيم و أشكال الموروث الاجتماعي التي تلائم أهداف المقاومة كتعبير عن مدى الصحوة و الوعي لدى الشعب .

* إبراز العلامات المضيئة في وجهة نظر المقاومة في التراث الشعبي و خاصة المتعلقة بمقاومة الظلم .

* إبراز الرموز التاريخية السابقة و المعاصرة ( مواقع ، حركات ، أشخاص ) التي تعبر عن التصميم و التفاني في سبيل تحقيق المثل العليا .

* سابعا : تعد جهود التعبئة و استمرارها أحد الضمانات المهمة لاستمرار حركة المقاومة ، و تسعى هذه الجهود إلى :

ـ تعبئة الرأي العام و المحلي و الخارجي لخلق مناخ متعاطف مع المقاومة و هدفها ( حشد مجتمعي )

ـ توسيع قاعدة الجمهور المنخرط مباشرة في نشاط المقاومة .

ـ تجنيد النشطاء و استيعابهم في صفوف التنظيم القيادي للمقاومة .

ثامنا : لا بد من صياغة مبادرة تسهم في كسر حاجز الخوف لدى الفئة الصامتة من الجمهور .

تاسعا : لا بد من استيعاب التفاوت في مستويات الوعي لدى الأفراد داخل المجتمع و السعي جاهدا على إبراز شخصية قيادية كرمز يقتدى به في المقاومة ، فهذا الرمز تكمن أهميته في خلق القدوة بما يقدمه من إسهام في الجهود التي يبذلها في المقاومة .

أخيرا .. كل التجارب التاريخية تؤكد أن استمرارية أي مقاومة مرتبطة بوحدتها و تماسك صفوفها ، فكلما زادت أهمية الوحدة و تماسك الصفوف ، عند تعرضها لإجراءات مضادة من طرف السلطة ، كلما كانت فرصتها للنجاح أكبر ..

زر الذهاب إلى الأعلى