قضية اسمها اليمن

بمقتل الطفل بشار.. الراهدة ترحل صميل الشيخ وعُرف العسيب

 

بمقتل الطفل بشار المطوع "12"عاما إثر تبادل لإطلاق النار بين مؤيدي شيخي الراهدة حنش والشوافي، عادت مدينة الراهدة إلى واجهة الأحداث مرة أخرى.

الراهدة المدينة المنكوب أهلها بالمشائخ، خرجوا هذه المرة عن صمتهم، ونظموا عددا من المسيرات والتظاهرات مطالبين وبصريح العبارة برحيل المشائخ، مرددين هتاف "لا مشائخ بعد اليوم".

يبدو أن الزمن تغير في الراهدة وهو كذلك، والمكان لا يحتمل مزيدا من الصراع، والمواطن كسر حاجز الخوف الذي ظل جاثماً على
 صدره طيلة العقود الماضية.

بالأمس كان الشيخ هو الحاكم، وكان الحاكم هو الشيخ، وكانت الراهدة مجرد إقطاعية يتسابق على تحصيل ريعها حاكمان بوظيفة شيخ، في دولة تحكمها العسيب وبزة العسكر التي ينتمي إليهما شيخا الراهدة.

ديوان الشيخ بدلا من مكتب الدولة 

في خدير المديرية التي تقع في إطارها الجغرافي مدينة الراهدة صار ديوان الشيخ قبلة المواطن بدلا من النيابة والمحكمة  وقسم الشرطة والمجلس المحلي.

لكن منذ فبراير من العام الفائت عرفت الراهدة هدوء نسبياً ما كانت تعرفه خلال الأعوام السابقة أو على الأقل لم يعد الصراع بين حنش والشوافي والبرطي هو حديث الشارع.

ولم تعد مجالس القات في الراهدة وخدير بشكل عام تناقش طبيعة الصراع بين مشائخها، وإنما أنتقل الحديث إلى مناقشة هدف أسمى وأكبر هو "الثورة" الذي تمناها الخديري مثلما تمناها أخوه اليمني في أرجاء الوطن.

صار للثورة في الراهدة ساحة، ومن الراهدة خرجت مسيرة راجلة إلى تعز تطالب برحيل نظام سلط على رقاب الناس في الراهدة وغيرها سوط الشيخ وعرف العسيب.

اليوم الراهدة غير

عندما أقدم القضاء على تحريك ملفي مقتل أحمد الشوافي وأحمد حنش، وهما من ضحايا الصراع الدامي في خدير، عاد التوتر من جديد للراهدة، وظن المشائخ أن الناس هم الناس، وأن الراهدة ما تزال إقطاعيتهم التي تدور حربهم على رحاها.

يوم الأحد الموافق 11 مارس 2011م كان يوما داميا في الراهدة، حين تبادل أنصار حنش والشوافي إطلاق النار، أصابت بعض طلقاتهم الطائشة طفلاً في عمر الزهور يدعى "بشار المطوع" كان يعمل مع والده في محل قريب من مكان الحادث.

أجهزة الأمن لم تقم بواجبها في القبض على الجناة، واكتفى طقم تابع لقسم شرطة الراهدة بالتحرك إلى المستشفى الذي يعالج فيه أحد الجناة، جراء إصابته بطلق ناري، ليعود مخبرا المواطنين المتجمهرين أن الرجل محمي بعدد كبير من المسلحين ولا قبل لهم به.

كان قائد الطقم يظن أن المواطنين سترتعد فرائصهم بمجرد سماعهم خبر وجود مليشيات مسلحة تحرس أحد الجناة في المستشفى، وكان يعتقد أيضا أن المواطن في الراهدة هو ذاك المواطن الذي عرفه، وأن ذهابه إلى المستشفى وعودته منه مجرد إسقاط واجب.

وقبل ذلك كان ذلك الضابط أو العسكري في قسم الشرطة يعلم أنه لن يقبض على الجناة لأن دوره متصل بقضايا أخرى ليس للمشائخ فيها شأن، أو تحال في النهاية للشيخ بدلا من النيابة.

لكن أبن الراهدة الذي خرج في مسيرات وتظاهرات عدة طالبت برحيل الصنم الأكبر "صالح" كان قد كسر حاجز الخوف ومزق خيوط العنكبوت التي صنعها الشيخ بينه وبين المواطن وفي ظنه أنها ستحميه منهم وستقيه شر ثورتهم إن ثاروا.

أعتبر ابن الراهدة أن ما حصل لبشار سيحصل لابنه أو أخيه أو قريبه.. تجمع العشرات ليصيروا مئات أمام قسم شرطة الراهدة مطالبين بإلقاء القبض على الجناة قتلة بشار.. وأدرك قسم الشرطة حينها أن صميل الشيخ أصبح منتهي الصلاحية..

الراهدة تنتفض

في اليوم التالي لمقتل بشار انتفضت الراهدة رجالها ونساؤها شبابها وكهولها ضد المشائخ مرددين شعار "يا مواطن صحي النوم .. لا مشائخ بعد اليوم".

وامام قسم الشرطة تجمعت أفواج هادرة، ومع هديرها الذي زلزل الأرض اضطر مدير قسم الشرطة إلى الفرار محتميا ببيت الشيخ، بعد أن أدرك أن إطلاق الرصاص لتخويف المتظاهرين وتفريقهم لم يعد يجدي.

وفيما لا يزال التوتر يخيم على الراهدة وحالة الاحتقان تزداد يوما بعد أخر، وأمام التواطوء والتلكوء في القبض على الجناة يزداد غضب المواطنين الذين صار "بشار" ابنا لهم جميعا،  فهل وعت الجهات الأمنية والسلطة المحلية في مديرية خدير الأمر..؟ وألقت القبض على جناة اغتالوا الطفولة البريئة في وضح النهار..؟ والراهدة قد تكون موعودة بألتحول كلها إلى ساحة لنصرة المظلوم على غرار ما حصل في العدين التي عاث فيها الشيخ الباشا فساداً ولم تنفع معه آلياته العسكرية ولا عصاباته المسلحة في القضاء على الثورة ضده..

زر الذهاب إلى الأعلى