حوارات

النائب “حاشد”: ما حدث لثورة سبتمبر يحدث لثورتنا اليوم

يمنات – صنعاء

رأى ضرورة تشكل تحالفات جديدة ضد خطر القوى الظلامية والقبلية والعسكرية
حواراً للنائب والناشط الحقوقي أحمد سيف حاشد مع صحيفة “الديمقراطي”
بداية من أنتم كتحالف مدني للثورة الشبابية؟
نحن مكون من المكونات الرئيسية للثورة الشبابية.. نريد أن نكون جماعة ضغط أو حركة سياسية مؤثرة .. نريد أن نسهم في صناعة المستقبل والتأثير الفاعل على القرار السياسي على نحو يخدم المستقبل الذي نريده ونتطلع إليه.. نريد أن نساهم في بناء دولة مدنية حديثة وديمقراطية مرجعيتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. نريد دولة فيها فضاءات رحبة وواسعة من الحرية.. نريد عدالة ومساواة ومواطنة وعيش كريم .. نريد مستقبل أفضل لأبنائنا وأحفادنا..
نحن مكون ثوري نريد كسر القيود التي صنعها لنا الفاسدون والقامعون أو تلك التي تريد أن تبقينا في كهوف أو محابس من حديد.. نريد أن نخرج من عباءة الماضي .. نريد أن نهدم جدران الموت التي تحاصرنا وتطوق عقولنا وأعناقنا .. نريد أن نثور على جبال التخلف التي تثقل كواهلنا وتكتم أنفاسنا.. ببساطة نريد أن نعيش أحرارا لا عبيد.

أعلن التحالف المدني مؤخراً مقاطعته للانتخابات الرئاسية.. ترى لماذا هذه المقاطعة ؟ وما أبعادها السياسية والقانونية الثورية؟
نحن مكون ثوري، والثورة في مفهومنا ليست “طلفسة” أو مجرد ترقيع ثوب أكل عليه الدهر وشرب، إنما هي تغيير جذري للأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقانونية..
مهزلة انتخابات 21  فبراير تستخف بنا وبعقولنا .. هذه المهزلة هي أحدى مفردات المبادرة الخليجية، أو بالأحرى السعودية التي رفضناها منذ أول يوم وأول وهلة.. هذه المبادرة تغتال أحلامنا وتجهض ثورتنا.. هذه المبادرة عار على المَدَنية والديمقراطية.. إنها مؤامرة كبرى حاكتها حكومات بعض الدول ببرجماتية محضة ونفعية أنانية ومقززة.
بالنسبة للتحالف المدني كمكون ثوري، واستنادا إلى مواقفه وأدبياته فإنه يرى المبادرة وما تسمى بـ “الانتخابات” مؤامرة تتصادم جملة وتفصيلاً مع الثورة اليمنية ومشروع التغيير..  ونحن نرى إن ما تسمى انتخابات (21) فبراير هي مهزلة جريئة ومؤامرة كبرى قدمت المصالح المثقلة بالشرور على حساب قيم الديمقراطية والمدنية والحداثة.. سلوك معادي لقيم حضارة العصر والتقدم.. سلوك كابح للديمقراطية التي ننشدها نحن المدنيين، وللأسف فقد اتفق الجيران وحكومات بعض الدول الأخرى على هذا السلوك والفعل المشين الذي يضر بمصالح اليمنيين ولا يقيم أدنى اعتبار أو وزن للثورة وتضحيات الشباب..
إن الموقف الدولي وهذه المؤامرة الكبيرة التي تتصادم مع قيم الديمقراطية والرقي والتقدم تحملني على التساؤل: هل يعرف دافع الضرائب الأمريكي والأوربي أن المليارات التي يدفعها من عرقه ودم قلبه تذهب لصناعة ديمقراطية كاذبة في بلداننا؟!! هل يعلم إن هذه المليارات تذهب لتعيد إنتاج أنظمة قمعية واستبدادية؟!! هل يعلم إن القاعدة والجماعات الأصولية والجهادية المثقلة بالايدولوجيا والإرهاب والتطرف هي من صناعة تلك الأنظمة العربية المتهالكة التي دعمها قادتهم السياسيين طوال العقود السابقة ولازالوا يدعمونها ويعملون على إعادة إنتاجها اليوم من جديد !!!؟

وماذا أيضا عن المبادرة الخليجية .. ممن؟ وإلى من؟ وتخدم من؟
إنها مبادرة سعودية بالمقام الأول وضعت لحماية الأمن القومي السعودي دون مراعاة لمصالح اليمن وقواه المدنية.. المبادرة وضعت لحماية المملكة السعودية من ثورات الربيع العربي لاسيما الثورة اليمنية، والأهم إن هذا قد جاء على حساب أهداف الثورة وفي رأسها إقامة دولة مدنية حديثة وديمقراطية.
للأسف الشديد، انقادت الولايات المتحدة أيضا وراء مصالحها المثقلة بالشرور على حساب الثورة والمدنية والديمقراطية في اليمن؛ وعملت بلا كلل على إعادة إنتاج النظام القديم وتساهلت مع القوى السياسية التقليدية والتي تشمل قوى إسلامية وجهادية متطرفة وقوى قبلية متخلفة مرتبطة تاريخيا بالمملكة السعودية؛ وهذه القوى في مجملها تصادم مشروع الدولة المدنية الحديثة والديمقراطية وتجهضه باستمرار.

يقول الخليجيون بأن المبادرة حقناً لدماء اليمنيين؟ برأيكم ما صحة هذا التبرير؟ وما رؤيتكم انتم لحقن الدماء بتحقيق أهداف الثورة؟
كان بإمكان الدول الخليجية، وعلى رأسها المملكة السعودية، أن تحقن دماء اليمنيين بعد جمعة الكرامة عندما كان علي عبد الله صالح يبحث عن سويعات، وإذا بالمملكة العربية السعودية والقوى السياسية والاجتماعية التقليدية الموالية لها تمد لصالح حبال النجاة لينجوا ويبقى نظامه، كما تعمدت السعودية، عبر المبادرة الخليجية، إعادة إنتاج نظام صالح من جديد؛ ولم يتوقف ضرر المبادرة عند النيل من الثورة اليمنية والحيلولة دون تحقيق أهدافها، بل أيضاً- وكما لمسنا فيما يسمى بالانتخابات الرئاسية- تعمدت السعودية على النيل أيضاً من هامش الديمقراطية المتاح لدينا والعمل على إعادة المجتمع اليمني لنظام “البيعة” والمرشح الواحد والصندوق الواحد.
كما عمدت المملكة من خلال ملياراتها ودعمها المادي والمعنوي إلى إنعاش حزب التجمع اليمني للإصلاح وفتاويه التكفيرية وقواه المشبعة بالتطرف وثقافة الجهاد وهو فعل في مجمله يقوي القوى الرجعية المتخلفة على حساب قوى الثورة ويعمل بدأب على إجهاض الثورة في اليمن..
كثير من الدماء التي سالت ما كانت لتسيل لولاء موقف المملكة الداعم للنظام في اليمن ومراكز النفوذ،  بل أن النظام ما كان ليجرؤا على ارتكاب محرقة ساحة الحرية في تعز لولا مداهنة وضوء أخضر من المملكة السعودية، بعد أن بدأت تعز تتصدر الثورة وكادت تقودها، وتبنيها للخطاب الثوري الرافض لتحكم السعودية في الشأن اليمني.
إن عاماً ويزيد من الدم والدموع ما كانت لتسيل لولا الدور السعودي العامد للتآمر على الثورة ومحاولة إجهاضها.

ما الذي يمكن قراءته من نجاح الانتخابات؟ وما تبعاتها على مستقبل الثورة؟
لا توجد انتخابات وإنما وجدت مهزلة وتزوير ودماء مسالة وفرض أمر واقع .. كل هذا لا يمكن بحال أن يقود اليمن إلى حداثة أو ديمقراطية أو مستقبل أفضل.
ما حدث هو محاولة خطيرة لإجهاض الثورة وإعادة إنتاج النظام على نحو أقبح. نعم.. إن ما أكتشفناه من هذه المهزلة، وقبلها وتحديدا خلال فترة الثورة، هو أن قباحة الإصلاح الذي يتهيأ لحكم اليمن أكثر رعبا وخطرا وفداحة على الثورة والوطن والمستقبل، وهو كارثة بكل المقايس.

وما رأيكم للحد من هذه التبعات؟
نرى ضرورة أن تتشكل قوى جديدة وأن تتبدل التحالفات؛ وأن تعرف الأحزاب الأخرى في المشترك ضرورة التحرر من هيمنة وقيادة حزب التجمع اليمني للإصلاح.
أرى ضرورة تشكيل اصطفاف وطني واسع ضد خطر القوى الظلامية والقبلية والعسكرية في حزب التجمع اليمني للإصلاح.
على القوى الفتية التي تكونت في الساحات أن توحد جهودها وتنهض لمواجهة هذا الخطر الذي يحمل لليمن ومستقبلة تهديدا كارثيا خطيرا ومدمرا .
أرى أهمية الوعي بأن حزب التجمع اليمني الإصلاح يتجه بعيداً عن المشروع السياسي الوطني الذي يتبناه كحزب سياسي، ومساعدته سياسياً على تجنب المآلات الخطيرة التي ستنتج عن أدائه والتي ستضر بمصالح كل اليمنيين بمن فيهم المنتمين لحزب الإصلاح نفسه، إذ أنه كلما أقترب أكثر من السلطة ازداد تشهيه لها ولذلك نراه يشعل الحرائق والحروب في الشمال والجنوب ويستخدم كل الأوراق بما فيها الأوراق الأشد خطورة على مستقبل اليمن- واقصد ورقة القاعدة- وذلك من أجل أن يتحكم بمصير اليمن وشعبه ومستقبله. إن ما يجب أن يعيه الشعب هو إن هذا الحزب، إن لم يواجه بحزم سوف يصير على المدى القريب أو المنظور هو الأكثر خطرا على اليمن ومستقبله.

صرحت الكثير من الدول الإقليمية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على إنجاح المبادرة الخليجية..ترى ما أبعاد هذا الحرص وأين هي المصالح القديمة اليمنية منه؟
إنها المصالح المثقلة بالشرور.. مصالح الولايات المتحدة في السعودية غالبة وعلى درجة أولى من الأهمية.. والسعودية مصالحها في المبادرة الخليجية .. ولا يختلف الأمر كثيرا مع الاتحاد الأوربي.. ولذلك نرى المؤامرة على الثورة اليمنية كبيرة وواسعة.. ولذلك أيضا نرى تلك الحكومات التي تدعي المدنية والديمقراطية تفشل في أول اختبار عندما يتصادم ما تدعيه من ديمقراطية وحقوق الإنسان مع مصالحها.
إنني رجل حر وصاحب رأي أميل للبرالية، وربما أجد نفسي يساريا إلى حد بعيد؛ وأشعر بالخيبة الشديدة والغضب عندما أرى الرأسمالية متوحشة بهذا الشكل وتضرب عرض الحائط بقيم الديمقراطية والمدنية والثقافة الحقوقية التي تتبناها، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالمال والنفط ومصالحها الاقتصادية.. للأسف، إنها تدوس على كل القيم بل على كل شيء من أجل المال والربح والمصالح، وللأسف الشديد هي مصالح قصيرة ومحدودة في مقابل المصالح طويلة الأمد المتصلة بتحقيق الديمقراطية وحماية الحريات وحقوق الإنسان.

لماذا تقف الثورات اليمنية عند حدود المبادرات. ومن مصلحة من إيقاف عجلة الثورة؟
ما حدث لثورة سبتمبر يحدث لثورتنا اليوم. السعودية تقف للثورات اليمنية بالمرصاد مستفيدة من القوى التقليديةـ الدينية والقبليةـ اليمنية التابعة لها والتي تعتمد عليها في تنفيذ أجندتها ومصالحها في اليمن. وتبعا لذلك فإن مصالح السعودية في اليمن ومصالح القوى التقليديةـ القبلية والدينيةـ هي المستفيدة من إجهاض الثورة ، لأن انتصار الثورة سيقوض تلك البنى التقليدية لصالح الدولة المدنية الحديثة والديمقراطية؛ وبنفس الوقت فإن إقامة دولة يمنية قوية وديمقراطية يهدد المصالح السعودية في اليمن بقدر تهديده لقيادات وزعماء المؤسسات القبلية والدينية التقليدية.

أتساع الهوة بين التحالف والمشترك.. إلى ماذا تعزون اتساع هذه الهوة؟ وكيف تنظر إلى مستقبل التحالف مع الأحزاب؟ وكيف تقرأ اتهام بعض الأحزاب التحالف بأنه ذو أجندة حوثية؟ وقبل هذا وذاك ما العلاقة التي تربطكم بالحوثيين؟
الهوة تتسع مع حزب التجمع اليمني للإصلاح وليس مع عموم المشترك، فأحزاب المشترك الأخرى تجد نفسها مضطرة لأن تكون تابعة للإصلاح، ولكن إذا ما تغيرت الظروف والشروط السياسية فسيؤدي هذا إلى تعدد فرصها وخياراتها في التحرر من قيادة وهيمنة حزب الإصلاح.. وفي حال بقيت أحزاب المشترك تلهث وراء الإصلاح وتركض وراء فتاته وخاضعة لشروطه فبدون شك سيجرها إلى منطقة خطرة تخسر فيها كل شيء حتى أعضاءها وقواعدها الحزبية.
إذا استطاعت أحزاب المشترك التحرر من قيادة ونفوذ ومراكز قوى الإصلاح وإعادة النظر في تحالفاتها في المستقبل القريب أو المنظور فإن ذلك سيمنحها فرصة حقيقية لتجنب الوقوع بالمحاذير والمخاطر التي تهدد وجودها ومستقبلها.
أما من يقول بأن التحالف أجندته حوثية فهو أما لا يعرف شيء عن التحالف، أو أنه معارض لمشروع التحالف ويرى مصلحته في النقيض منه ومشبع بثقافة عدمية لا تميز بين الخصوم حتى وإن كان بعضهم ملائكة وبعضهم شياطين.
أما ترويج إعلام حزب التجمع اليمني للإصلاح للخلط بين التحالف والحوثيين فإنه دس خبيث يستند إلى الثقافة الاستئصالية التي ظل يبثها ضد الحوثيين، والتي أفرزت ذهنية اقصائية وعدائية لهم، ويعمل الإصلاح حالياً على توسيع نطاقها لتشمل كل معارضيه، غير أبهاً بكون سياسته هذه سياسية خطرة- حتى على وجود الإصلاح نفسه- كونها تمزق النسيج الاجتماعي لأغراض سياسية ضيقة ومصالح نفعية أضيق.
إن حزب الإصلاح يتبع نفس أساليب النظام في إشعال الحرائق وبث ثقافة الكراهية من خلال آلته الإعلامية وتمزيق وتدمير النسيج الوطني. هذه السياسة خطره يجب التصدي لها لتجنب نتائجها الكارثية على الوطن ومستقبل كل اليمنيين- بلا استثناء.
علاقة التحالف بالحوثيين لا تتعدى ساحة صنعاء، وهذه العلاقة قامت على قاعدة الانتهاكات التي تمارس في ساحة التغيير من قبل العناصر الأمنية والمليشيات التابعة للإصلاح وجناحها العسكري الممثل بالفرقة الأولى مدرع، والتي تستبح وتنتهك بفظاعة حقوقنا وحقوق الحوثيين معاً.. هذا كل شيء.

انضمام القوى التقليدية للثورة (أحزاب- قبيله- عسكر) كيف أثرت على مسار الثورة سلبياً وايجابياً ؟ وأيهم أكثر خطورة على المستقبل القريب والبعيد؟
لقد كنا نعتقد إن هذه القوى ستكون  إضافة للثورة، ولكن عندما تصدرت قيادة الثورة ألحقت بها كل الأذى وشوهت جمالها وألحقت بها فادح الضرر.. إنها من تحول الثورة إلى أزمة أو جعلت الضرر بالثورة كارثي ومدمر.

ما الذي يمكن أن يضفيه عبد ربه منصور هادي إلى واقع الثورة سلبياً وإيجابياً؟
عبد ربه هادي رجل ضعيف وبدون قرار ويفتقد لعناصر القوة التي يمكن أن تخرج اليمن من حالتها الراهنة.. عبد ربه جزء من النظام وأحد رموزه ولا رجاء فيه، وسيكتشف كل من يعتبر “عبدربه” منقذاً ومخلصاً أنه واهم، بل وغارق حتى أذنيه في وهم عميق.

أخيراً ما الذي تحمله أجندة التحالف المستقبلية لإنجاح الثورة؟ وما رسالتكم للشباب في الساحات بل الشعب اليمني عموماً؟
من أهم أجندة التحالف في المستقبل إيلاء اهتمام أكبر لتنظيم نفسه ليكون أكثر حضورا وفاعلية مع الناس وفي نفس الوقت الضغط والشراكة في صنع القرار السياسي في المستقبل..
ومن أجندة التحالف المستقبلية هو تشكيل تحالف قوي مع غيره من المكونات الثورية والقوى السياسية الساعية للتغيير وملء الفراغ السياسي التي تركته المعارضة التقليدية بعد أن صارت أو انتقلت لموقع السلطة.
ورسالتنا للشباب هو أن هناك فراغ يجب أن نملؤه لنكون المعارضة القادمة والقادرة على التغيير وبناء الدولة المدنية والحديثة والديمقراطية التي تستند في مرجعيتها للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وليس لمرجعية الإعدام بالسيف وإنفاذ ألف جلدة بالتقسيط اليومي كما هو الحال في مملكة آل سعود.

زر الذهاب إلى الأعلى