أرشيف

اليمن إلى السيناريو الليبي حال فشلت الوساطة الخليجية

بات من شبه المؤكد أن المساعي التي بذلتها دول مجلس التعاون الخليجي فشلت في نزع فتيل الأزمة المتصاعدة في اليمن بعد رفض الرئيس علي عبد الله صالح التوقيع على خطة انتقال السطة إلى نائبه خلال مدة زمنية لا تزيد عن أربعة أسابيع. وهو أمر يرجح فرضية دخول البلاد في مواجهات أهلية بين الحركة الاحتجاجية المسنودة بوحدات من الجيش التي أعلنت مساندتها لمطالب الثورة الشبابية برحيل النظام.


وإذا سدت المنافذ التي كانت فتحت في جدار الأزمة بفعل الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة ،والاتحاد الأوربي ودول مجلس التعاون الخليجي، فإن الخيار الوحيد الذي بات متاحا أمام هذه الأطراف التي كانت وراء إقرار مثل هذه الخطة هو تكرار السيناريو الليبي من خلال رفع القضية الى مجلس الحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ومن ثم مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات على المسؤولين اليمنيين لإرغامهم على القبول بمطالب المحتجين.


جهود ومخاوف


ومع انقضاء نحو ثلاثة اشهر على بدء الحركة الاحتجاجية المطالبة برحيل صالح عن الحكم لا يخفي المحتجون غضبهم من الدور الذي لعبته الأطراف الإقليمية والدولية من خلال الوساطات الهادفة إلى إيجاد مخرج سياسي للازمة. اذ مكنت هذه الجهود، بحسبهم، صالح من إعادة ترتيب أوراقه ومن ثم إدخال المعارضة كطرف في المفاوضات التي أفضت أربع مبادرات لم تستطع واحدة منها تحقيق الانتقال الأمن والسلس للسلطة وفق تعبير الرؤية الأميركية.


المخاوف التي تشكلت لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي ودول الخليج من ان اليمن قد يذهب نحو العنف إذا تم تكرار التجربة التونسية والمصرية في إسقاط الرئيس، جعلت هذه الأطراف تمارس ضغوطا كبيرة على المعارضة وعلى اللواء المنشق علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى المدرعة. لكنها صبت في النهاية لصالح الرئيس اليمني الذي حذر أكثر من مرة من حرب أهلية من منزل إلى منزل وفق ما يؤكده الصحافي عبد الستار بجاش الذي جزم بأنه يستبعد إمكانية قيام حرب أهلية لان «ساحات الاعتصام تضم ابن القبلية مع المثقف مع الحزبيين ومع المستقلين على حد سواء».


ويؤكد بجاش أن «صالح ومن خلال الدور الذي لعبته دول الخليج واميركا تمكن من تحويل القضية من صراع بين الشعب ورئيسه الى أزمة مع أحزاب المعارضة». ويرى ان مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن «ألقى بظلاله أيضا على الاحتجاجات الشعبية في اليمن لان العالم وكل وسائل الإعلام ركز أنظاره على هذه الحادثة وتجاهل الاحتجاجات الشعبية المتواصلة، وهو ما يخدم نظام الحكم وعلى حساب الثورة الشبابية التي قدمت نحو أربعمائة شهيد وآلاف المصابين»، على حد وصفه.


تصميم ومطالب


وعلى الخلاف من ذلك، يظهر الشباب المعتصمون تصميما على المضي، حيث يؤكد الناشط في الحركة الاحتجاجية في صنعاء ايمن كامل ان «لديهم الكثير من الوسائل التي ستجبر صالح على الرحيل عن الحكم»، وان أحزاب المعارضة «مكون من مكونات الحركة الاحتجاجية لكنها ليست المكون الرئيسي او الوحيد».


مسؤولية ووعود


مصادر المعارضة أكدت أن على الوسطاء «تحمل المسؤولية والكشف عن الطرف الذي كان سببا في إفشال المبادرة الخليجية التي كانت حصيلة جهود أميركية وأوربية ومحلية». وقالت ان على هذه الأطراف «مسؤولية سياسية وأخلاقية بإجبار صالح على القبول بتلك المبادرة او اتخاذ خطوات عملية من شانها البرهنة على أن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف اليدين».


وكشفت تلك المصادر عن «وعود تلقتها من دول الاتحاد الأوربي والجانب الأميركي باتخاذ إجراءات قاسية في حق النظام إذا استمر في تعنته». وقالت ان ألمانيا «أوقفت مساعداتها لليمن وان هولندا فعلت الشيء نفسه، وان دولا فاعلة في الاتحاد الأوربي على استعداد لتبني مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على مسؤولين يمنيين إذا ما تم رفض المبادرة الخليجية».
المصدر: البيان – محمد الغباري

زر الذهاب إلى الأعلى