أرشيف

حرب ممنوع الانتصار فيها

هل تشهد اليمن اشتباكات بين المدرعات الحاكمة يتغلب فيها الفريق على المشير؟!

قرأت ذات مرة مقالا للأخ عبد الرزاق الجمل أشار فيه إلى أن الحرب القائمة في صعدة لم تعد بين الحوثي وعلي محسن وإنما أصبحت تدور بين الفريق علي محسن و المشير علي عبد الله صالح بواسطة الحوثيين. ولأن الجمل يملك عقلا ولا يملك مالا فقد استخف كثير من المعلقين بما طرحه، ولكن دارت الأيام وإذا أنا أسمع كلاما مشابها منسوبا للدكتور عبد الكريم الإرياني مستشار الرئيس، رواه ثلاثة أشخاص من أصدقاء الدكتور الإرياني التقوه في منزله مؤخرا في ثلاث مناسبات منفردة، وتحدثوا بنفس الصيغة رغم أن كلا منهم لا يعرف الآخر على الأرجح. سأورد هنا بعض مع رواه أصدقاء الإرياني الثلاثة دون ذكرا أسمائهم نظرا لخطورة ما قالوه ولأني لم استأذنهم في نشر أسمائهم.

يقول الأول إن الدكتور الإرياني يصارح بعض المقربين منه بأنه هو الذي نصح القطريين بالإصرار على حضور علي محسن الأحمر لتوقيع اتفاق الدوحة ظنا منه أن علي محسن هو العقبة أمام وقف الحرب، ولكنه اكتشف أن علي محسن أكثر اعتدالا من الرئيس ولديه استعداد لوقف الحرب رغم أن همه ساعة التوقيع كان يتركز على انقاذ صديقه القائد المحاصر عبدالعزيز الشهاري. ويضيف الراوي نقلا عن الإرياني: «هذه الحرب من وجهة نظر الرئيس ممنوع الانتصار فيها لأنها تحقق له مصلحة إشغال علي محسن أطول وقت ممكن في ميدان المعركة، ولا يمكن السماح لعلي محسن بالانتصار لان انتصاره فيه خطر على الرئيس أكثر من خطر الحوثيين على الرئيس» ويوضح الإرياني أن الرئيس لم يكن يتوقع أبدا أن تخرج المعارك عن نطاق محافظة صعدة وبدأ يشك بأن علي محسن يزود الحوثيين بالسلاح والذخيرة لتسهيل انتقالهم إلى خارج محافظة صعدة، كما أن علي محسن يرفض تحريك قواته كلها إلى ساحة المعركة ويصر على بقاء الجزء الأهم من قوته قرب العاصمة صنعاء، وهذا أكثر ما يخيف الرئيس.

أما الشخص الثاني فيقول إن الدكتور الإرياني بدأ يتحدث وكأنه معارض للرئيس وليس مستشارا له، ويقول كنا نحاول أن ننصح هذا الرجل ونحذره أن البلاد تمضي في طريق الدمار ولكنه لم يعد يسمع وأصبح مغروراً ومخيفاً وأكثر من يستمع إليهم هم السلفيون والإسلاميون الراديكاليون، ويؤكد هذا الشخص أن الإرياني كان يحذر في مجلس الوزراء قبل سنوات طويلة من أشياء أصبحت واقعا معاشا في هذه الفترة. ويؤكد الشخص الثالث نفس الكلام موضحا أن صراعا يدور في الخفاء بين علي محسن والرئيس وأن الإرياني رغم كراهيته العميقة لعلي محسن لا يملك إلا أن يتحالف معه لأن شبكة علاقات علي محسن مع مراكز القوى القبلية والعسكرية واسعة جدا وهو الوحيد القادر على الإطاحة بالرئيس في حال وصول الوضع في البلاد إلى طريق مسدود، خصوصا أن الحوثيين أصبحوا على مشارف العاصمة، ورغم الصعوبات التي يضعها الرئيس في طريق انجاز علي محسن لمهمته العسكرية فهو يتهمه بأنه لم ينجز شيئا ضد الحوثيين في كل جولات الحرب الخمس. ووفقا للمصدر الثالث نقلا عن الإرياني فإن الرئيس وعلي محسن كثيرا ما يتبادلان الاتهامات حيث يقول علي محسن إن الرئيس يفرض عليه قادة للألوية أكثرهم شيعة في حين أن الرئيس يقول إن الألوية تسلم أسلحتها للحوثيين باتفاق مع علي محسن. ويعتقد الإرياني وفقا لرواية المصدر ذاته أن الرئيس لديه مصلحة حقيقية في تزويد الحوثيين بقاذفات آر بي جي المضادة للدبابات بغرض تدمير مدرعات علي محسن استباقا للأحداث وخوفا من أن تقدم مدرعات علي محسن على تدمير دار الرئاسة. وأكد الإرياني لأصدقائه الثلاثة أن علي عبد الله صالح يعمل بالفعل على إقصاء علي محسن وتدمير نفوذه خوفا من أن يتحول الرجل إلى وسيلة في يد حزب الإصلاح للاستيلاء على الحكم.

وفي رأي الإرياني أن الرئيس علي عبد الله صالح يستند عسكريا إلى أطفال لم يجربوا معترك الحياة ولن يتمكنوا من حماية أنفسهم فكيف بحماية الرئيس لو قرر علي محسن القيام بحركة إصلاحية. كما يجمع أصدقاء الإرياني الثلاثة على أن الرئيس سيعمل إذا أسعفه الوقت على التخلص من علي محسن بالغدر كما تخلص من محمد إسماعيل وأحمد فرج، ولكن الإرياني ينفي أن يكون علي محسن هو المستهدف في تفجير أحد مساجد صعدة، مؤكدا أن علي محسن حذر جدا في تحركاته ويلجأ للتنكر عندما ينتقل من منطقة إلى أخرى، كما أنه يخفف كثيرا من ركوب المروحيات رغم علاقته غير المتوترة مع شقيق الرئيس محمد صالح الأحمر قائد القوات الجوية.

ويتوقع الدكتور الإرياني حسب مصدرين من المصادر الثلاثة أن يلجأ الرئيس في النهاية إلى قصف قوات علي محسن بالطائرات على أن يدعي فيما بعد أن الأمر جرى عن طريق الخطأ وتحويل علي محسن إلى شهيد. ومن يتنقل في صنعاء سيجد أن التفتيش في الطرقات وأن المدرعات في مداخل صنعاء وكان الحرب في صنعاء. لكن المصدر الثالث ينقل عن الإرياني قوله إن الرئيس بعد أن رأى قوات الحوثي على مشارف العاصمة أصبح جادا جدا في القضاء عليهم متهما علي محسن بأنه يكلف القادة بالعودة والانسحاب وتسليم معسكراتهم وأسلحتهم للحوثيين. ويضيف المصدر إن علي محسن يبرر تصرفاته للرئيس بالقول: « … لم نلاقٍ منكم إسناداً جوياً» والرئيس من جانبه يتهم علي محسن بأنه غير جاد في محاربة الحوثيين وله مآرب أخرى، في وقت أصبح فيها القتلى من العسكر بالمئات والمستشفى العسكري خير دليل على ذلك.

وينقل المصدر الثالث عن الإرياني قوله «إن القطريين لن يغفروا للفندم إفشاله لاتفاق الدوحة مع الحوثيين وقد اكتشفوا أنه مشير بعقل شاويش ولذلك ربما أنهم يسهلون حاليا مهمة إيران في دعم الحوثيين بكل الوسائل إلى أن يتم لهم ما يريدون» ولا يستبعد الإرياني أن تكون الرواتب العالية التي بدأ الحوثي يسلمها لمقاتليه مصدرها إيران علاوة على أن هناك اختراقات لقوات الجيش وشراء لبعض القادة بالأموال شبيه بما حدث من اختراقات للقوات الجنوبية في حرب 1994. ويضيف أن الغلبة ستكون في النهاية لمدرعات الفريق وليس لوحدات المشير لأن الوضع الإقليمي والدولي لا يسمح أن يكون لإيران موضع قدم في جنوب الجزيرة بسبب سياسات المشير الفاشلة.

ويختم المصدر ما نقله عن الإرياني قائلا: «الدكتور يبدو بالفعل مؤيدا للفريق علي محسن لأنه يرى أن الرئيس قد استنفذ كل الكذب المتوفر لديه ولم يعد لديه أي شئ يمكن أن يقدمه، والكل مجمع على التخلص منه حتى أولئك الموجودين معه في اللجنة العامة الذين يتلقون إهانات ولعنات الرئيس كل يوم في كل اجتماع وفي كل مكالمة هاتفية..»

زر الذهاب إلى الأعلى